اهتز “سوق الأحد” بمدينة أكادير، أحد أهم الشرايين التجارية الشعبية، على وقع حملة نظافة وتطهير واسعة النطاق بدأتها السلطات المحلية ومصالح النظافة هذا الأسبوع، وتحديداً منذ يوم الثلاثاء الماضي.
و تهدف هذه الحملة إلى القضاء على “النقط السوداء” التي شوهت صورة السوق بعد خضوعه لعملية تأهيل ضخمة قاربت تكلفتها 180 مليون درهم.
هذا، و على الرغم من الأموال الطائلة التي استُثمرت، فإن واقع الحال كشف تحدياً مريراً، فقد عادت الفوضى لتسيطر من جديد، و لم تقتصر المشكلة على الأوساخ المتراكمة و”القاذورات” في مناطق بيع الخضروات والمنتجات الغذائية فحسب، بل امتدت لتشمل “الاحتلال الفوضوي للممرات”، مما أدى إلى خنق حركة سير المتبضعين.
و من أبرز ما أسفرت عنه العملية كان صادمًا، حيث تم جمع 22 طناً من النفايات المكدسة والخردة والأخشاب والصناديق والأغطية الرثة، و ضبط وحجز كميات من السلع منتهية الصلاحية، و كذا اكتشاف أماكن لبيع الخضروات الفاسدة محاطة بالنفايات، والفئران، والجرذان، والصراصير، خصوصاً في الجناحين رقم 1 ورقم 2.
هذا التناقض الحاد بين حجم الميزانية الضخمة للتأهيل وواقع التدهور الصحي والتنظيمي يطرح تساؤلاً جوهرياً حول فعالية المراقبة المستمرة وضرورة ضمان استدامة الاستثمار.
في هذا السياق، لقيت حملة النظافة ترحيباً شعبياً واسع النطاق من المتبضعين والتجار الملتزمين، لكن هذا الاستحسان صاحبه تحذير ومطالبات بضمان الاستدامة. إذ أكدت أصوات الساكنة أن الحل لا يكمن في “حملات موسمية”، بل في إرساء نظام ردع دائم.
من جهة أخرى ارتفعت المطالب الشعبية موجهة للسلطات المحلية للتركيز على مواصلة الحملة لتصبح نهجاً مستداماً للتقنين وعدم التراجع عنها، مع تأكيد المصادر على أنها ستشمل أجنحة أخرى مثل بائعي الزيتون، الدواجن، السمك، والعطارة، مع ضرورة فرض ذعائر مالية فورية ومشددة على المخالفين لقواعد النظافة واحتلال الملك العمومي، و تطبيق أقصى درجات الردع الإداري، وصولاً إلى سحب رخص الاستغلال المؤقتة أو إقفال المحلات نهائياً في حال تكرار المخالفات التي تهدد السلامة الصحية وحماية البيئة.
إن حملة أكادير لإعادة النظام إلى سوق الأحد هي رسالة واضحة بأن المرحلة القادمة ستشهد تشديداً للرقابة. التحدي الحقيقي الآن يكمن في تحويل هذا الإجراء المؤقت إلى نهج دائم يضمن الاستدامة في التنظيم بقدر الاستثمار في البناء.