في بيان لا يخلو من مرارة وقلق، عبرت شغيلة وزارة الصحة بإقليم اشتوكة أيت باها عن استيائها العميق إزاء ما آلت إليه الأوضاع الصحية بالإقليم. فقد نددت بشدة بالتدهور الملحوظ في جودة الخدمات الطبية والتراجع المستمر الذي يشهده القطاع على صعيد الحماية الاجتماعية، مرجعة ذلك بشكل أساسي إلى سوء التسيير والتدبير الذي يطال هذا المرفق الحيوي من قبل المسؤولين عن الشأن الصحي بالإقليم.
وفي السياق ذاته، أكدت النقابة الوطنية للصحة العمومية (ف،د،ش) بإقليم اشتوكة أيت باها على أن قطاع الصحة بالإقليم يعاني من أزمات متفاقمة نتيجة للفوضى والتسيب الإداري، بالإضافة إلى العبث والاستهتار بحقوق كل من الأطر الصحية والمرتفقين على حد سواء. وأرجعت النقابة هذا الوضع المزري إلى سياسة التجاهل واللامبالاة والتسويف التي يتبناها المسؤولون عن تدبير الشأن الصحي في إقليم يناهز تعداده السكاني نصف مليون نسمة.
وكشف بيان النقابة عن معطيات صادمة، حيث أوضح أن الإقليم لا يمتلك سوى مؤسسة استشفائية عمومية وحيدة بطاقة استيعابية هزيلة لا تتجاوز 60 سريراً، وهو ما يجعلها الأضعف على مستوى جهة سوس ماسة، بواقع سرير واحد لكل 8200 نسمة.
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل أشارت النقابة إلى أن متوسط أشغال المستشفى خلال سنة 2024 لم يتعد 31 في المائة، بينما لم يتجاوز معدل الاستشفاء 1.5 في المائة، وهو ما وصفته النقابة الوطنية للصحة بإقليم اشتوكة أيت باها بـ “وصمة عار على جبين مدبري الشأن الصحي بالإقليم”.
وأمام هذه الحقائق المرة، دعت النقابة الوطنية للصحة الجهات المسؤولة إلى التدخل العاجل والفوري لإنقاذ المنظومة الصحية بالإقليم، خاصة وأن القطاع يفتقر بشكل كبير إلى مؤسسات الدعم الأساسية، مما يجعله استثناءً سلبياً على مستوى جهة سوس ماسة.
وأوضحت النقابة أن هذا الخصاص المهول يتجلى في عدم وجود “بنك للدم”، و”المركز الصحي المرجعي للصحة الإنجابية”، و”مختبر للصحة العمومية”، مؤكدة أن هذا النقص الفادح قد ضاعف من معاناة الأطر الصحية والمرتفقين على حد سواء.
وفي جانب آخر، سلط البيان الضوء على الوضع الكارثي الذي تعيشه حظيرة سيارات القطاع الصحي بالإقليم، حيث لا تتوفر إلا على أربع سيارات متهالكة تجاوز عمرها عشر سنوات من الخدمة، وأصبحت تشكل تهديداً حقيقياً لحياة الأطر الصحية أثناء قيامهم بمهامهم، خاصة في المناطق الجبلية الوعرة. ورغم ذلك، تستغرب النقابة استمرار الإدارة في صرف مبالغ طائلة على صيانتها.
وتساءلت النقابة عن ملابسات تدبير ملف الوقود ومصاريف إصلاح سيارات الخدمة، خاصة بعد أن رصدت الوزارة ميزانية تقدر بـ 135 ألف درهم للوقود و 60 ألف درهم للصيانة، بالإضافة إلى ترحيل مبلغ يقارب 17 ألف درهم المتبقية من ميزانية الوقود لسنة 2024 إلى ميزانية سنة 2025.
وعبرت النقابة عن استغرابها الشديد إزاء طريقة صرف هذه الميزانية، في ظل الحالة الميكانيكية المتردية لسيارات الخدمة وسيارات الإسعاف على مستوى الإقليم، والتي تعاني من مشاكل جمة تتعلق بالعجلات والفرامل والكراسي والزجاج الأمامي ونظام التوجيه والمقود، فضلاً عن عدم تزويد السيارات بالوقود الكافي.
وفيما يتعلق بالنقص المهول في المعدات والأجهزة بالمستشفى العمومي الإقليمي، والذي يعيق عمل الوحدات المتنقلة في تقديم الخدمات الصحية للمواطنين، طرحت النقابة الوطنية للصحة بإقليم اشتوكة أيت باها مجموعة من التساؤلات على مدبري الشأن الصحي بالإقليم، من قبيل: أين صرفت ميزانية الوقود والصيانة؟ وما مبرر استغلال سيارات الخدمة خارج أوقات العمل، خاصة أيام السبت والأحد؟ ولماذا يقوم بعض الموظفين بقيادة سيارات الخدمة رغم أن السياقة لا تدخل ضمن مهامهم؟
وفي الختام، استنكرت النقابة بشدة تقاعس المندوب الإقليمي عن تطوير العرض الصحي بإقليم اشتوكة أيت باها وعدم قيامه بمرافعة جدية لدى مختلف الشركاء لتطوير القطاع والنهوض بأوضاعه.
كما تساءلت النقابة الجهات المسؤولة عن جدوى الميزانيات التي يتم صرفها سنوياً دون أن توفر الحد الأدنى من الاحتياجات وتحقق شروط العمل اللائقة للأطر الصحية، وعن مصير المشاريع الصحية المبرمجة، بما في ذلك المؤسسات الصحية الجديدة المغلقة والمؤسسات التي تعرف إصلاحات بطيئة تجاوزت المدة القانونية لإنجازها بكثير.
التعاليق (0)