استنفرت إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة، مؤخرا، مصالح المراقبة المركزية والجهوية بكل من أكادير والدار البيضاء والرباط وطنجة، إثر الاشتباه في لجوء عدد من المقاولات المستوردة إلى أساليب احتيالية للتهرب من أداء ديون جمركية كبيرة، مستغلة المساطر القضائية الخاصة بالتسوية والتصفية.
وجاء هذا التحرك، وفق مصادر متطابقة، بعد رصد فواتير ووثائق خبرة محاسباتية مزيفة أُرفقت بملفات عدد من الشركات التي تقدمت بطلبات التسوية والتصفية القضائية، الأمر دفع مصالح المراقبة الجمركية إلى التنسيق مع الجهات القضائية من أجل التحقق من مصداقية التقارير الصادرة عن مفوضي حسابات ومكاتب دراسات ظهرت أسماؤها بشكل متكرر في الملفات المشبوهة.
وأفادت ذات المصادر بأن التحريات الأولية، التي شملت عينة من 27 شركة، كشفت عن تلاعبات ممنهجة في الحسابات الجارية بين الشركاء والمساهمين، إلى جانب استعمال ديون صورية لإظهار وضعيات مالية متدهورة، بهدف إقناع القضاء باستحالة إنقاذ المقاولات، وبالتالي دفعها نحو مسطرة التصفية وإعفاء المسيرين من أداء الديون الجمركية الثقيلة.
وكشفت نفس المصادر أن فرق المراقبة رصدت قيام مسيرين باستخراج وثائق محاسباتية وهمية وإصدار فواتير مزورة، ثم إرفاقها بملفاتهم القضائية لإيهام المحاكم بوجود التزامات مالية ضخمة نحو مزودين غير حقيقيين، حيث تبين أن الهدف من هذا السلوك هو تضليل القضاء وإقفال الشركات نهائيا دون الوفاء بمستحقات مهمة لإدارة الجمارك.
وتوصلت المصالح الجمركية بشكايات مجهولة المصدر ساهمت في كشف هذه الممارسات، بعدما نبهت إلى محاولات ممثلين قانونيين لشركات التهرب من ديون بمليارات الدراهم، وهو ما عجل بتفعيل تبادل المعلومات الإلكترونية بين الجمارك ومديرية الضرائب ومكتب الصرف وبنك المغرب، لتدقيق العمليات المالية والتجارية المنسوبة إلى الشركات المشتبه فيها.
وبذلك، أخضع عدد كبير من الوثائق القضائية للافتحاص، ضمن عملية مراجعة موسعة شملت ملفات طلبات التسوية والتصفية، إضافة إلى نزاعات بين المساهمين حول تدبير الشركات وطرق عقد الجموع العامة ومجالس الإدارة، كما تتبعت مصالح المراقبة حالات توقف عن الدفع تضمنتها ملفات عدد من المقاولات التي يشتبه في استخدامها هذه المساطر كغطاء للتهرب من مسؤولياتها الجبائية والجمركية.
ولا تزال التحقيقات متواصلة في هذا الملف، فيما توحي المؤشرات الأولية بوجود شبكة معقدة من التلاعبات المحاسباتية والقانونية تمتد عبر عدة مدن، من بينها أكادير، ما يجعل هذه القضية مرشحة لمزيد من التطورات خلال الأسابيع المقبلة.


التعاليق (0)