تواجه جهة سوس ماسة، القلب الاقتصادي والزراعي للمغرب، تحديات بيئية حاسمة تهدد استقرارها ومستقبلها. في خطوة استباقية لمواجهة الإجهاد المائي والجفاف وتفاقم أزمة النفايات، صادق مجلس الجهة على قرض ضخم بقيمة 700 مليون درهم. هذا القرار لا يمثل مجرد حل مالي عابر، بل هو التزام استراتيجي وهيكلي يهدف إلى حماية موارد المنطقة وضمان مستقبل مستدام لسكانها.
تحدي المياه: استثمار في شريان الحياة
تُعد ندرة المياه التحدي الأكبر الذي يواجه سوس ماسة، وهي منطقة تضررت بشدة من التغيرات المناخية. لمواجهة هذا الوضع، خُصص 620 مليون درهم من القرض لمشاريع مائية مبتكرة وفعالة. وتستند هذه المشاريع إلى نهج من شقين:
- حصاد مياه الأمطار: سيتم بناء سدود تلية وصغيرة لتجميع مياه الأمطار النادرة، بهدف تغذية الطبقات الجوفية المستنزفة. هذا الحل يمثل استثمارًا في الموارد الطبيعية المحلية.
- تحلية مياه البحر: سيتم اقتناء وحدات لتحلية مياه البحر، مما يوفر مصدرًا حيويًا ومستدامًا للمياه الصالحة للشرب لكل من أكادير الكبرى والمناطق القروية.
ولا تقتصر الخطة على توفير المياه فحسب، بل تمتد لتشمل تطوير الاقتصاد الدائري للمياه. من خلال معالجة المياه العادمة وإعادة استخدامها، تسعى الجهة إلى تحويل المياه من مجرد مورد مستهلك إلى دورة مستمرة تحافظ على هذه الثروة الثمينة للأجيال القادمة.
إدارة النفايات: تحويل العبء إلى ثروة
إلى جانب أزمة المياه، تمثل النفايات مشكلة بيئية أخرى تهدد المنطقة. ولهذا الغرض، خُصص 76 مليون درهم من القرض لمواجهة هذه الآفة. يهدف هذا الجزء من الاستثمار إلى إنهاء عصر المطارح العشوائية والتحول نحو نظام حديث ومُثمن لإدارة النفايات.
- مراكز الطمر والتثمين: سيتم إنشاء ثلاثة مراكز متقدمة لتحويل النفايات إلى موارد قيمة، مثل الطاقة والمواد الأولية. هذا النهج سيحول النفايات من مشكلة بيئية إلى فرصة اقتصادية تولد فرص عمل.
- إعادة تأهيل المطارح: سيتم إغلاق وإعادة تأهيل 29 مطرحًا عشوائيًا، مما يساهم في حماية التربة والمياه الجوفية والتنوع البيولوجي.
استثمار في المستقبل
إن قرض الـ 700 مليون درهم هو أكثر من مجرد دين؛ إنه التزام قوي بمستقبل سوس ماسة. من خلال تركيزها على التحديين الحاسمين للمياه والنفايات، تبعث الجهة برسالة واضحة: البيئة ليست رفاهية، بل هي الأساس لتحقيق التنمية المستدامة. هذا الاستثمار هو إرث من الصمود والابتكار للأجيال القادمة.
التعاليق (0)