(حين تصر الدبلوماسية الجزائرية على خوض سباق تعرف نتيجته مسبقا !)
بقلم: أحمد بومهرود باحث في الإعلام و الصناعة الثقافية
يبدو أن خيول الرهان الجزائرية في القارة الإفريقية تحتاج إلى قليل من التدريب… أو كثير من الواقعية. فها هي الجزائر، بكل عدّتها الدبلوماسية ورفيق دربها الدائم “البوليساريو”، تتعثر مجددًا في مضمار السياسة الإفريقية، وتسقط سقوطًا مدوّيًا في العاصمة الأوغندية كامبالا، حيث اجتمع شباب العرب وإفريقيا ليقرروا، ببساطة وبدون ضوضاء بروتوكولية، أن “الجواد الانفصالي” لا مكان له في السباق.
الحدث الذي شهدته أوغندا لم يكن مجرّد مؤتمر شبابي عابر، بل كان اختبارًا صريحًا لقدرة الجزائر على إقناع القارة السمراء بأن مشروعها الوهمي لا يزال حيًا يُرزق. لكن النتيجة جاءت صادمة: أكثر من 47 دولة عربية وإفريقية اتفقت على إسقاط عضوية “البوليساريو” من مجلس الشباب العربي والإفريقي، في مشهد يختصر كل حكاية الرهان الخاسر الذي تصر الجزائر على دفعه إلى الحلبة رغم عجزه المزمن عن الوقوف.
- الحصان الذي لا يتعلم من كبواته
في كل سباق دبلوماسي، تحاول الجزائر أن تراهن على “فرسها العجوز”، معتقدة أن تغيير السرج كافٍ للفوز. لكن اللعبة أصبحت مكشوفة. فحتى المتفرجون في المدرجات الإفريقية باتوا يعرفون أن “جمهورية الوهم” لا تملك مقومات المشاركة، ناهيك عن الانتصار.
الوفد المغربي، الذي شارك عبر شبيبتي الاتحاد الاشتراكي والاستقلال، لم يحتج إلى عصا سحرية، بل إلى منطق بسيط: المنظمات الشرعية تُدعى رسميًا، أما الأشباح السياسية فلا مكان لها على الطاولة. وما إن انكشفت المناورة الجزائرية ( عندما حاولت تمرير عناصر من البوليساريو تحت غطاء “الوفد الرسمي” )حتى سقط القناع، واهتزّت المنصة تحت أقدام الحصان الجزائري المرتبك.
- “جمهورية الوهم”… عرض متكرر بنهاية معروفة
يُقال في عالم المسرح إن أسوأ ما قد يحدث لممثل هو أن يُعاد عرض مسرحيته بعد أن ملّ الجمهور حبكته. وهذا بالضبط ما تفعله الجزائر منذ عقود. العرض ذاته، السيناريو ذاته، والنهاية ذاتها: تصفيق حار للمغرب… وصمت ثقيل في الصف الجزائري.
من يا ترى أقنع الدبلوماسية الجزائرية بأن العالم ينتظر “دولة من ورق” لتجلس بين الأمم؟ أم أن الفشل المتكرر أصبح جزءًا من السياسة الخارجية نفسها، بحيث يُقاس النجاح بعدد المرات التي يُعاد فيها الفشل؟
- إفريقيا تتحدث بلغة جديدة
القارة الإفريقية تغيّرت. لم تعد تقبل بالكيانات الوهمية ولا بالشعارات الموروثة من زمن الحرب الباردة. شبابها اليوم يتحدثون لغة التنمية والتعاون، لا الانفصال والمناورة. والقرار الجماعي في كامبالا لم يكن ضد الجزائر بقدر ما كان تصويتًا للواقعية وضد المتاجرة بقضية لم تعد تقنع أحدًا.
- وفي النهاية…
مرة أخرى، يخسر الحصان الجزائري رهانه في القارة السمراء، ويسقط قبل أن يبلغ خط الانطلاق. ومع ذلك، لا يبدو أن مربّيه في قصر المرادية مستعدون لإراحته في الإسطبل، بل سيواصلون رعايته بالأموال والبيانات النارية، على أملٍ ساذج بأن الحصان الذي سقط عشرات المرات قد ينهض في المرة القادمة.
لكن القارة، ببساطة، قررت أن الوقت قد حان لتغيير السباق… والخيول أيضًا.