رغم رسالة الملك الصريحة.. المغاربة يتهافتون على الأضاحي وسط غلاء وفوضى استهلاكية

IMG 7598907 مجتمع

شهدت أسواق الأضاحي في الأيام الماضية تهافتًا غير مبرر على شراء الأضاحي، رغم تراجع القدرة الشرائية للأسر المغربية، وارتفاع الأسعار التي أصبحت تشكل عبئًا ثقيلاً على ميزانيات العائلات. هذا الاندفاع استمر رغم الظروف الاقتصادية والاجتماعية الصعبة التي يعيشها الكثيرون، وبالرغم من التحذيرات المتكررة حول ضرورة ترشيد الإنفاق في هذه المناسبة الدينية.

هذا، وأعلن وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، أحمد التوفيق، مساء الأربعاء 26 فبراير 2025، رسالة ملكية صريحة أصدرها الملك محمد السادس، أمير المؤمنين، يهيب فيها بالمغاربة عدم القيام بشعيرة ذبح أضحية العيد هذه السنة، نظرًا للتراجع الكبير في أعداد الماشية والتداعيات السوسيو-اقتصادية لهذا الواقع.

هذه الرسالة ليست مجرد توجيه ديني أو اقتصادي، بل هي إعلان صريح يعكس وعيًا ملكيًا بالوضع الوطني، ودعوة واضحة للمواطنين إلى الالتزام بالحكمة، والوعي، والرجوع إلى الأسس الحقيقية للدين، التي تقوم على الرحمة والعدل والاعتدال.

لكن رغم وضوح هذه الرسالة، ثمة من يستمر في البحث عن تبريرات شخصية واجتماعية لشراء الأضاحي: البعض يبرر ذلك بـ”العقيقة”، وآخرون بـ”حفلات الزواج”، وغيرهم يتحدثون عن “الصدقات والنذور”. لكن الواقع الذي يجب أن نعترف به جميعًا هو أن المشكلة ليست في الحكومة أو المسؤولين، وإنما فينا نحن كمجتمع اختار هذا الطريق، وأصبح يكرر نفس الأخطاء من سنة إلى أخرى.

ألم يحن الوقت لكي نتوقف عن استهلاك ما لا نملك؟ ألم نعد قادرين على النظر إلى الأولويات الحقيقية التي يجب أن تجمعنا؟ كيف نطالب بالإصلاح ونحن أنفسنا نغذي حالة الفوضى هذه من خلال السلوكيات التي لا تراعي مصلحة الوطن ولا مصلحة أفراد المجتمع؟

الاحتفال بعيد الأضحى رسالة روحية عظيمة تحمل في طياتها قيم التضحية، والتكافل، والتراحم، لكنها تحولت للأسف إلى مناسبة للمظاهر الفارغة والتبذير، بينما يعاني كثير من المغاربة من ضيق العيش وندرة الموارد.

وفي ضل هذا الوضع فمن الأفضل أن نكتب ونفكر في أمور أخرى طبيعية مثل تناسل الضفادع، وتكاثر الصراصير، وهجرة الطيور، وأحوال الأسماك في بحارنا، فهذه الأحياء تسير وفق نظام واضح، بينما نحن نبدو في فوضى لا معنى لها.

إننا أمام اختبار حقيقي لوعي مجتمع بأكمله. رسالة الملك محمد السادس ليست دعوة للامتثال فقط، بل هي فرصة لإعادة ترتيب أولوياتنا، ومراجعة أنفسنا، والتحلي بالشجاعة لنقول “كفى” لهذا الاستهلاك غير الواعي.

فلنعد إلى حكمة الدين ومبادئه السمحة، ولنضع مصلحة الوطن والمجتمع فوق أي اعتبار، حتى نضمن مستقبلاً أفضل للأجيال القادمة، بعيدًا عن الاستعراض والتبذير.

التعاليق (0)

اترك تعليقاً