كشفت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان (AMDH)، فرع مراكش، في تقريرٍ صادمٍ بعنوان “الدخول المدرسي الموسم الدراسي 2025-2026 بمديرية عمالة مراكش”، عن اختلالات بنيوية وهيكلية خطيرة في مشروع مؤسسات الريادة، مؤكدةً أن أهدافه المعلنة “انحرفت نحو تكريس التمييز المؤسساتي، وتفريغ المدرسة من بعدها الحقوقي”.
ودعت الجمعية إلى الوقف الفوري لتعميم مشروع الريادة حتى يتم تقييمه بشكل مستقل، معتبرةً أن التنفيذ الحالي يتم “بمنطق فوقي يقصي الفاعلين التربويين”، ويتناقض بشكل صارخ مع التزامات المغرب الدولية المتعلقة بحق الطفل في تعليم جيد.
أبرز الاختلالات التي رصدتها الجمعية في مؤسسات الريادة:
سلّط التقرير الضوء على مجموعة من المشاكل الجوهرية التي تضرب في صميم جودة مشروع الريادة، ومن أهمها:
تأخر الدعم التربوي المكثف: رغم أهمية الدعم المكثف (4 أسابيع في بداية الموسم) لمعالجة التعثرات في القراءة والكتابة والحساب، لم يُفعَّل في أغلب المؤسسات إلا بعد مرور أكثر من شهر، مما “حرم آلاف التلاميذ من أسابيع حاسمة”، بسبب تأخر وصول العُدّة التربوية الأساسية.
غياب التجهيزات الأساسية: رُصد نقص فادح في التجهيزات الأساسية، حيث لم يتم توفير الحواسيب المحمولة، ولا السبورات الرقمية، ولا الوسائل الديداكتيكية المرتبطة بالمقاربة المعتمدة، بالرغم من إدراج المؤسسات في المشروع منذ الموسم السابق.
الارتباك التنظيمي في التكوينات: شهدت تكوينات الأساتذة “ارتباكاً كبيراً” في التوقيت والمحتوى، وتم استدعاء الأساتذة دون إشعار مسبق وفي أوقات متزامنة مع الامتحانات، مما أدى إلى “تذمر واسع في صفوف التلاميذ والأسر”. وتحولت التكوينات إلى “لقاءات شكلية” تفتقر إلى البعد التطبيقي والتأطير الفعلي.
تهميش الأساتذة وتكريس التمييز المؤسساتي:
الجمعية أشارت بوضوح إلى أن طريقة تنزيل المشروع أدت إلى إحباط الأطر التربوية:
العمل بالجهود الذاتية: في غياب الدعم، اضطر الأساتذة في إحدى المدارس إلى العمل بـ”وسائلهم الخاصة وطباعة الوثائق من مالهم الخاص”، مما خلق حالة من الإحباط والاحتجاج.
معايير اختيار غير شفافة: المشروع يكرّس منطق “التمييز المؤسساتي”، حيث يتم اختيار المؤسسات بناءً على معايير غير واضحة، وغالباً ما ترتبط بـ”التطوع أو الضغط على الأطر التربوية”.
تأخر إعادة تأهيل المدارس: سُجّل تأخر كبير في عمليات إعادة التأهيل المفترضة للمؤسسات، مما يترك مدارس “الريادة” “فضاءات غير مؤهلة لا تستجيب لشروط الجودة”.
المطلب الأخير: العودة إلى الإصلاح الديمقراطي والشفافية
في الختام، شددت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان على أن مشروع مؤسسات الريادة في ظل هذه التحديات، يهدد “الحق في تعليم جيد ومنصف”، ويحوّل الإصلاح إلى “ورش تجريبي فوقي”.
لذلك، دعت الجمعية إلى وقف تعميم المشروع فوراً إلى حين إخضاعه لـتقييم مستقل، و إشراك الجمعيات الحقوقية والتربوية في بلورة تصور بديل يعيد الاعتبار للمدرسة العمومية ويجعل الإصلاح ورشاً ديمقراطياً، شفافاً، ومنصفاً.
