بين كأس إفريقيا 1988 و2025… كيف صنع المغرب نهضة كروية أعادت رسم ملامح المشهد الرياضي القاري؟

أكادير الرياضي

بين أول نسخة من كأس إفريقيا للأمم التي نظمها المغرب سنة 1988، ونسخة 2025 التي يستعد لاحتضانها ما بين 21 دجنبر 2025 و18 يناير 2026، تمتد 37 سنة تختزل مسار نهضة وطنية شاملة، وتطور مجتمع وجد في كرة القدم فضاء لتجسيد طموحاته ورمزا للفخر والاعتزاز الوطني.

ويعد المغرب اليوم نموذجا قاريا في مجالات البنيات التحتية الرياضية، والتنظيم، والدبلوماسية الرياضية، إلى جانب قدرته على جعل الرياضة أداة لتعزيز التنمية وخلق فرص جديدة للشباب.

1988… نسخة صنعت البدايات

في سنة 1988، استضاف المغرب لأول مرة نهائيات كأس إفريقيا للأمم لكرة القدم، حيث احتضن مركب الأمير مولاي عبد الله بالرباط والمركب الرياضي محمد الخامس بالدار البيضاء مباريات تلك النسخة التي حظيت بإشادة واسعة.

وتميزت النسخة بتنظيم محكم وأجواء جماهيرية لافتة، وحضور كروي مكثف جسد شغف المغاربة باللعبة، إضافة إلى ما أثارته من حماس كبير رغم أن البنيات التحتية حينها كانت بعيدة عن المعايير الدولية المعمول بها اليوم.

وبعد مرور سبعة وثلاثين عاما، يعود المغرب لاحتضان “الكان” في سياق مختلف تماما، بعدما أصبحت المملكة في مصاف الدول المرجعية إفريقيا في مجال التجهيزات والبنيات الرياضية.

ويحتضن المغرب ملاعب حديثة في طنجة ومراكش والرباط وفاس وأكادير والدار البيضاء، تندرج ضمن جيل جديد من المنشآت الرياضية، مرفوقة بمراكز تدريب بمعايير عالمية، وشبكات نقل عصرية، وبنيات فندقية عالية الجودة، من أجل توفير تجربة استثنائية للمنتخبات والجماهير.

رؤية ملكية… ونهضة وطنية

تعكس النهضة التي تشهدها المملكة رؤية صاحب الجلالة الملك محمد السادس، الرامية إلى جعل الرياضة، وبخاصة كرة القدم، رافعة للتنمية والوحدة والإشعاع الدولي.

وسيكون تنظيم كأس إفريقيا للأمم 2025 بمثابة احتفال وطني وقاري يصنعه شعب يجسد قيم التضامن والأخوة، وتبرز من خلاله قدرة المغرب على تقديم نموذج احترافي في التنظيم واستقبال العالم بروح الانفتاح.

وعلى مر السنوات الماضية، فتح المغرب أبواب منشآته الرياضية أمام منتخبات إفريقية كانت في حاجة لملاعب مصادق عليها دوليا أو لظروف إعداد مثالية، ما أتاح للعديد منها خوض مبارياتها الرسمية والودية في المملكة.

وتجسد هذه الروح التضامنية قناعة راسخة لدى المملكة بأن مستقبل إفريقيا يبنى بشكل جماعي، من خلال التعاون والثقة المتبادلة، وتقاسم الخبرات من أجل صناعة جيل جديد من الأبطال الأفارقة.

وهكذا، لن يكون كأس إفريقيا للأمم 2025 مجرد بطولة كروية، بل احتفالا بالمغرب المعاصر، وبعمق ارتباطه بقارته، وبإيمانه بأن المستقبل الإفريقي المشترك يمكن أن يكون أكثر إشراقا عندما يجتمع التضامن مع الطموح والعمل.