بقلم: أحمد بومهرود باحث في الإعلام و الصناعة الثقافية
تدور عجلة التاريخ بسرعة هذه الأيام، ويبدو أن رمال الصحراء المغربية تتحرك هذه المرة في اتجاهٍ واحد: نحو الحقيقة.
فالقضية التي أرهقت الأمم المتحدة نصف قرن، وابتُليت بها الدبلوماسية الدولية بمزيج من الكذب والتضليل، باتت اليوم على وشك أن تُطوى نهائيًا.
العالم أخيرًا يتحدث بلغة الواقع: الصحراء مغربية، والجزائر هي صانعة الوهم ورعيّته.
- سقوط الرعاية… وانتهاء الخدمة
حين يقتنع مجلس الأمن الدولي بالطرح المغربي الجاد والواقعي، وتبدأ القوى الكبرى في التعامل مع مشروع الحكم الذاتي كحلٍّ نهائي، تصبح الأوراق القديمة بلا قيمة.
فما مصير أولئك الذين بنوا مجدهم على الوهم؟
أين سيذهب “المحلل السياسي” الذي عاش سنوات على فتات الدعم من مؤسسات الجار الشرقي؟
وماذا عن “الصحافي الحر” الذي لا يتحدث إلا بلسان مموله؟
الجواب بسيط: انتهت صلاحية الخدمة.
فمنذ اليوم، لن يجدوا في بريدهم الإلكتروني تلك التحويلات الصغيرة التي كانت تسقي أوهامهم، ولن يرنّ هاتفهم من “العاصمة الراعية” لتلقينهم ما يقولونه.
حتى كراء شقق المنفى سيصبح عبئًا ثقيلاً، لأن الممول الرسمي قرّر أن يغلق الصنبور بعدما جفّت دعايته.
- خونة في مأزق
لقد عاش هؤلاء على وهم “الانفصال”، تمامًا كما يعيش البائع المتجوّل على بضائع منتهية الصلاحية.
كانوا يراهنون على الوقت، وعلى استمرار الصراع، لأن وجودهم نفسه مرهون بالفوضى.
لكن اليوم، مع اقتراب الحل، انتهى موسم الارتزاق، وسيتحوّل “المناضل الرقمي” إلى عبءٍ على من استخدمه، و”المعارض من الخارج” إلى مجرد صوت نشاز يصرخ في الفراغ.
ولعل أكثر ما يثير السخرية أن بعضهم ما زال يحاول النفخ في الرماد، وهو يعلم أن النار انطفأت.
يتحدثون عن “القضية”، بينما العالم يناقش تفاصيل التنمية في الأقاليم الجنوبية، ويتداول أرقام الاستثمارات، لا أوهام “تقرير المصير”.
- الممول المأزوم… والتابع المفقود
الجزائر، صانعة الوهم الكبرى، تعيش اليوم أزمتها الخاصة:
اقتصاد يترنّح، عزلة دبلوماسية، وإفلاس سياسي أمام العالم.
وحين يفقد الراعي توازنه، تتيه قطعانه.
ولأن هذه الشردمة من “الناطقين باسم الانفصال” لم تتعلم سوى لغة التبعية، فهم الآن بلا قاموس.
منهم من سيتحوّل إلى ناشط بيئي في أوروبا ليضمن منحة صغيرة،
ومنهم من سيكتشف فجأة أنه “إعلامي حر” بلا جمهور،
ومنهم من سيعود صامتًا يطلب الصفح، حين يدرك أن لا وطن يفتح ذراعيه للخونة.
- الخيانة لا تتقاعد
الطريف في الأمر أن الخيانة لا تعرف التقاعد، لكنها تعرف الكساد.
فحين يسقط الوهم، يفقد الخائن قيمته السوقية.
ومع كل بيانٍ جديد من مجلس الأمن يدعم الحل المغربي، يصغر حجمهم أكثر، حتى يصبحوا مجرد هامشٍ في خبرٍ صغير، بعد أن كانوا يتوهمون أنهم صُنّاع رأي.
إن من باع صوته بالأمس لن يجد من يشتريه اليوم،
ومن سبّ وطنه بالأمس لن يجد أرضًا يقف عليها غدًا.
هكذا تنتهي قصص “أبواق الداخل والخارج”، ليس بصخبٍ ولا بمحاكم، بل بصمتٍ ثقيلٍ منسيٍّ في ركن النسيان.
- الخلاصة
لقد انكشف الغطاء، وسقطت آخر ورقة توت.
العالم اليوم مع المغرب، مع شرعيته وعدالته، ومع واقعية طرحه.
أما الخونة فسيبقون مجرد ملاحظات هامشية في دفتر التاريخ، كتب بجانب أسمائهم:
“كانوا هنا… ثم اختفوا مع انتهاء الوهم.”
التعاليق (0)