agadir24 – أكادير24
بات الفساد المتغلغل في أحشاء مختلف الجامعات المغربية يشغل الرأي العام المغربي في الآونة الأخيرة، فما يكاد يطوى ملف اتهام بالفساد هنا، حتى يظهر آخر هناك…الشيء الذي جعل الكثيرين من المتتبعين للشأن الجامعي يعتقدون، بل ومنهم من يجزمون، بأن قضايا الفساد في الجامعة المغربية التي أثيرت بشكل مسترسل في الآونة الأخيرة لم تبق حالات فردية لأشخاص “تسللوا” للجسم الجامعي، بل إن واقع الحال يقرع أجراس الإنذار بضرورة التدخل بجدية وحزم لإنقاذ الجامعة المغربية من الغرق في مستنقع الفساد والإنحراف.
يكفي أن نذكر هنا، فقط، بالملفات المخزية التي وصلت إلى القضاء والتي قال فيها كلمته، أو ما تزال سارية أمام العدالة مع وجود قرائن قوية على تورط المتهمين فيها في قضايا يندى لها الجبين، وتشكل وصمة عار على جبين كل من له صلة من قريب أو بعيد بحرمة الجامعة المغربية وسمعتها التي سطرها على مدى عقود من الزمن أساتذة أجلاء استطاعوا أن يضاهوا بأبحاثهم وعطائهم العلمي نظرائهم في جامعات أجنبية، سواء في العالم العربي أو في القارتين الأوربية والأمريكية.
من هذه الملفات المخزية التي عرضت على القضاء، على سبيل المثال لا الحصر، ما عرف لدى الرأي العام المغربي بقضية “الجنس مقابل النقط” في جامعة الحسن الأول بسطات، والتي أدين بسببها ثلاثة أساتذة بالحبس النافذ. وما عرف لدى الرأي العام بقضية “المال مقابل الماستر” في جامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس ( 40 ألف درهم مقابل شهادة الماستر)، وقضية “التوظيف مقابل المال”(300 ألف درهم) في جامعة عبد المالك السعدي بتطوان و…..
وآخر الفضائح التي لطخت سمعة الجامعة المغربية القضية التي أدين من أجلها أستاذ بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية التابعة لجامعة ابن زهر، والذي أدانته المحكمة الابتدائية بأكادير أول أمس الثلاثاء 10 يونيو 2025 من أجل السرقة العلمية، والتي كان ضحية لها أستاذ سابق بالكلية نفسها.
وغير خاف على الرأي العام أن قضية مماثلة (شبهة السرقة العلمية) بالمدرسة الوطنية للعلوم التطبيقية التابعة للجامعة نفسها (ابن زهر) باتت حديث المتتبعين لفضائح الوسط الجامعي في أكادير، حيث لجأ المتهم بالسرقة العلمية إلى رفع دعوى قضائية ضد زملائه الذين أثاروا شبهة السرقة العلمية يتهمهم ب”التشهير” ، وذلك بعدما أمر القضاء بإرجاعه ليشغل من جديد مهمته في اللجنة العلمية للمدرسة، والتي سبق أن تم تجريده من عضويتها بسبب اتهامه بالسرقة العلمية.
يضاف إلى ملفي السرقة العلمية السالف ذكرهما القضية التي ما زالت تشغل الراي العام المغربي والتي يتابع فيها المتهم المعتقل (أ.ق) المنتسب سابقا لكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعي بأكادير، من أجل عدة تهم تصب في إطار المتاجرة في شهادات الماستر والدكتوراه، والتي وصل صداها إلى قبة البرلمان المغربي.
الملفات الثلاثة الأخيرة السالف ذكرها كلها خرجت من رحم جامعة ابن زهر، كلها معروضة أو عرضت على القضاء ليقول كلمته فيها، والأكيد أن شبهات أخرى تحوم حول قضايا فساد أخرى في بعض “الماسترات” بنفس الجامعة (ربما سنأتي على فضحها مستقبلا )، لاسيما وأن النقابة الوطنية للتعليم العالي سبق أن نبهت لخطورة البعض منها.
والمؤكد أيضا أن جامعة ابن زهر ليست المؤسسة الجامعية الوحيدة التي تغول فيها فساد البعض ممن هم محسوبون للأسف الشديد على الوسط “الأكاديمي”، الذي ما يزال يحبل بالأساتذة الجامعيين النزهاء والأكفاء الذين يغارون على الجامعة المغربية وعلى الوطن، وهذا ما حذا بعدد منهم إلى المبادرة بتأسيسي “الجمعية المغربية لمحاربة الفساد في الوسط الجامعي” برآسة الدكتور الطيب بوتبقالت.
فهل ستشكل المحاكمات الثلاث التي طالت المورطين في ملفات فساد بجامعة ابن زهر، نقطة انطلاق لتطويق الانحرافات التي استشرت بشكل غير مسبوق في الجامعات المغربية، حتى لا يصبح الفساد جائحة تنخر أوصال وهياكل المنظومة الجامعية المغربية برمتها؟
وإلى متى ستبقى وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والإبتكار صامتة إزاء الفضائح التي استشرت مثل الطوفان في الجامعات المغربية، وأن تبادر بنفض الغبار عن ملفات الفساد التي توصلت بها ، سواء من طرف المسؤولين الجامعيين، أو من طرف النقابة الوطنية للتعليم العالي، أو القضايا التي أثيرت من طرف وسائل المغربية ذات المصداقية.
أخيرا نهمس في أذن السيد الوزير الوصي على القطاع بأن يترفع ـ وهو مسؤول جامعي سابق عارف ببواطن الأمور ـ عن اتخاذ إجراءات من قبيل “الحلول السهلة” للتخفيف من حدة المطالب التي يواجه بها في هذا الصدد سواء من قبل ممثلي الأمة في البرلمان، أو من خلال غضب الرأي العام كما تعكسه وسائل الإعلام، لا سيما وأن الكثير من هذه المنابر الاعلامية تتمتع بمصداقية التي لا غبار عليها.
التعاليق (0)