انقسام المعارضة يمهّد الطريق لأخنوش نحو ولاية ثانية دون عناء

سياسية

agadir24 – أكادير24

تشتد حرارة الخطاب السياسي في المغرب كلما اقتربت الاستحقاقات الانتخابية، لكن هذه المرة يبدو أن الصراع لا يدور بين الحكومة والمعارضة، بل داخل المعارضة نفسها. فقبل أن تبدأ الحملة الانتخابية الرسمية، انطلقت المواجهات الداخلية بين أبرز مكونات المعارضة، التي دخلت مرحلة التنابز والتشكيك المتبادل في النيات والتحالفات المستقبلية، بشكل قد يُعفي رئيس الحكومة الحالي، عزيز أخنوش، من خوض حملة انتخابية شرسة.

وبينما يفترض أن تتحالف أحزاب المعارضة وتقوّي صفوفها استعدادا لتقديم بديل سياسي واضح، تنشغل قياداتها بتصفية الحسابات القديمة وفتح جبهات جانبية تكشف هشاشة التماسك بينها. ففي مشهد غير مألوف، باتت بعض الأطراف المعارضة تتنافس فيما بينها أكثر مما تواجه الأغلبية الحكومية، حتى بدا أن الخصم الأول لكل حزب معارض هو حليفه “المفترض” داخل نفس الخندق السياسي.

هذا التراشق السياسي، وإن بدا في ظاهره استعراضًا للتمايزات الأيديولوجية والتنظيمية، يكشف في جوهره عن أزمة عميقة في الرؤية والتنسيق داخل المعارضة، التي عجزت إلى حدود الساعة عن إنتاج مشروع موحد قادر على إقناع الناخب المغربي، أو حتى تأمين موقع قوي في خريطة البرلمان المقبل.

في المقابل، يجد حزب التجمع الوطني للأحرار نفسه في وضع مريح نسبيًا. فبينما تتشتت جهود المعارضة، يركّز أخنوش على الدفاع عن حصيلة حكومته والتواصل الميداني مع مختلف الفاعلين، دون الحاجة إلى الانخراط في خطاب هجومي، لأن خصومه السياسيين يتكفلون بالمهمة بأنفسهم. لقد أصبح المشهد السياسي يقدم للناخبين صورة عبثية عنوانها الرئيسي: “كل ضد الكل”، ما قد يعزز منطق الاستمرارية بدل التغيير.

وإذا استمر هذا الوضع إلى غاية موعد الاقتراع، فإن رهان أحزاب المعارضة على تعبئة الشارع سيكون مهددًا، كما ستفقد الكثير من مصداقيتها أمام الناخبين المترددين الذين يبحثون عن خطاب واضح وبرنامج قابل للتحقيق.

هذا، ولا يحتاج أخنوش إلى خصم قوي بقدر ما يحتاج إلى معارضة قوية. فالمعارضة هي أساس التوازن السياسي والديمقراطي، وغيابها الفاعل يُربك ليس فقط اللعبة السياسية، بل يهدد أيضًا منسوب الثقة في العملية الانتخابية برمّتها.