شهدت مدينة أكادير تطوراً قضائياً غير مسبوق في إحدى أكثر الأزمات التعليمية إثارة للجدل، حيث أصدرت المحكمة الإدارية بأكادير، يوم الخميس 25 شتنبر 2025، حكماً ابتدائياً وعلنياً لصالح 169 طالبًا من المدرسة الوطنية العليا للعلوم التطبيقية بأكادير (ENSA)، ليتحول ملف النقط المثير للجدل إلى قضية قضائية تاريخية.
حكم قضائي يعيد الأمل لـ “النخب المتفوقة”
قضت المحكمة بقبول طلب الطلبة شكلاً، والأهم بإيقاف تنفيذ القرار الإداري المطعون فيه، مع ما يترتب عن ذلك من آثار قانونية عاجلة. ويعد أبرز هذه الآثار هو احتفاظ الطلبة بمقاعدهم داخل المؤسسة إلى حين البت في دعوى الموضوع بشكل نهائي، وقد شمل الحكم النفاذ المعجل بقوة القانون.
ويُعد هذا الحكم انتصاراً أولياً للطلبة، خاصة وأن محاميهم أكد خلال الجلسات المتتالية أن الطلبة المتضررين هم من النخب المتفوقة التي نجحت في مباريات وطنية كتابية دقيقة قبل دخولهم المدرسة. وبالتالي، فإن قرار ترسيبهم أو طردهم الجماعي – ومن ضمنهم 47 مفصولاً نهائياً – هو قرار “غير منطقي” و”ضارب لمبدأ تكافؤ الفرص”.
الأزمة: تجاهل المراقبة المستمرة وصمت الوزارة
تعود جذور الأزمة إلى يوليوز الماضي، حين تفاجأ 169 طالباً من الأقسام التحضيرية بقرارات فصل اعتبرتها أسرهم “جائرة”. فقد استندت لجنة المداولات بشكل حصري على نتائج الامتحانات النهائية، متجاهلة بذلك نتائج المراقبة المستمرة التي كان من المفترض أن تشكل نصف النقطة النهائية طبقاً لـ الملف الوصفي البيداغوجي.
وقد زاد من تعقيد الوضع انسحاب أساتذة من الاجتماعات الداخلية، ما أدى إلى مداولات جزئية أفرزت نتائج “استثنائية” بالمقارنة مع باقي مدارس ENSA عبر المملكة، وهو ما فجّر اتهامات بالانتقائية والتحيز.
البرلمان يتدخل والمصير معلق
تزامناً مع المسار القضائي، دخلت السياسة على الخط، حيث وجهت النائبة البرلمانية نعيمة الفتحاوي (مجموعة العدالة والتنمية) سؤالاً كتابياً إلى وزير التعليم العالي، عز الدين الميداوي. طالبت الفتحاوي بكشف أسباب تعثر معالجة الملف على الرغم من وعود الوزارة المتكررة بتسويته خلال شتنبر، محذرة من تداعيات هذا التأخير، بما في ذلك ضياع موسم جامعي كامل وتهديد ثقة الطلبة في المؤسسة الجامعية.
وفي الوقت الذي ظل فيه الصمت هو العنوان الأبرز لـ وزارة التعليم العالي منذ زيارة لجنة التفتيش في يوليوز، وجد الآباء أنفسهم مضطرين إلى طرق باب القضاء لإنصاف أبنائهم.
ومع انطلاق الموسم الجامعي الجديد، يظل مصير هؤلاء الطلبة معلقاً؛ فمن جهة، منحهم الحكم القضائي الابتدائي أملاً مؤقتاً في إنقاذ مستقبلهم، ومن جهة أخرى، يغيب أي وضوح نهائي من الوزارة بشأن مآل قراراتها. ويستمر هذا الملف كواحد من أكثر الأزمات التعليمية إثارة للجدل، في انتظار الحسم النهائي.