فقدت الساحة الجمعوية المغربية اليوم السبت، قامة بارزة برحيل الناشط المدني المرموق عبد العالي الرامي. أسلم الرامي الروح في إحدى المصحات الخاصة بالعاصمة الرباط، بعد صراع شجاع مع مرض السرطان، تاركاً وراءه إرثاً غنياً من العطاء الإنساني والعمل الدؤوب في خدمة المجتمع.
عبد العالي الرامي: مسيرة عطاء في خدمة الطفولة والعمل الاجتماعي
لقد ترك اسم عبد العالي الرامي بصمة لا تُمحى في المشهد الجمعوي المغربي، بفضل حضوره النوعي ومبادراته الرائدة، لا سيما في مجالات الطفولة، الدعم الاجتماعي، والتربية على المواطنة. لسنوات طويلة، كان الرامي صوتاً مسموعاً للفئات المهمشة، ويداً ممدودة لكل من قست عليه الظروف. برز على نحو خاص من خلال رئاسته لـجمعية منتدى الطفولة، التي تحولت تحت قيادته إلى منصة فعّالة للعمل المدني، تُعنى بهموم الناس وتعمل على تلبية مطالبهم، مؤمناً بأن التغيير الحقيقي ينبع من صميم المجتمع.
إرث النبل والإنسانية: عطاء بلا حدود
عُرف الراحل بين زملائه بابتسامته المتفائلة، أخلاقه الفاضلة، وكرمه الإنساني، ليُجسّد بذلك مثالاً في نكران الذات. لم يسعَ الرامي يوماً إلى الظهور أو المناصب، بل كان يجد سعادته الحقيقية في رؤية طفل يستفيد من دعم دراسي، أو امرأة معوزة تحصل على مساعدة طبية، أو أسرة تستعيد كرامتها بعد معاناة طويلة. كان أقرب إلى الملجأ الصامت الذي يلجأ إليه الكثيرون في لحظات الضيق، لا ليخرجهم من أزماتهم فحسب، بل ليعيد إليهم الثقة في أن الخير لا يزال ممكناً.
رسالة أخيرة تجسد نبل الروح
قبل ساعات قليلة من رحيله، خط عبد العالي الرامي آخر تدويناته، داعياً فيها بالرحمة لوالديه وجميع موتى المسلمين، وبالشفاء لكل مريض. كانت تلك اللحظة الروحانية تجسيداً لحجم الرجل ونبله، وتلخيصاً لفلسفة حياته التي كرسها لخدمة الآخرين بكل حب وتجرد.
خسارة وطنية للعمل المدني
برحيل الرامي، لا تفقد الرباط وحدها أحد أبنائها البررة، بل يخسر المغرب بأكمله طاقة مدنية استثنائية. لم يكتفِ الراحل برفع الشعارات، بل عاش مبادئه واقعاً، وناضل بالكلمة، المبادرة، والعمل الميداني. كان يؤمن بأن العمل الجمعوي ليس ترفاً أو واجهة، بل هو التزام يومي عميق تجاه الوطن والإنسان. إن وفاته تمثل خسارة كبيرة للساحة الجمعوية المغربية بأسرها.