القضاء الفرنسي يلاحق رشيدة داتي وكارلوس غصن بتهم الفساد واختلاس الأموال

خارج الحدود

agadir24 – أكادير24

أحال قضاة التحقيق في باريس، اليوم الثلاثاء 22 يوليو 2025، وزيرة الثقافة الفرنسية رشيدة داتي والرئيس السابق لتحالف Renault-Nissan كارلوس غصن إلى القضاء الجنائي، على خلفية اتهامات بالفساد واستغلال النفوذ والتربّح من منصب عام واختلاس المال العام، في ملف ظل مفتوحًا منذ عام 2019، بحسب ما أفادت به وكالة فرانس برس وصحيفة Le Monde ووسائل إعلام دولية. القرار القضائي الصادر عن الهيئة المختصة يضع حداً لمسلسل من التحقيقات، ويشكل تطورًا دراماتيكيًا في المشهد السياسي الفرنسي عشية الانتخابات البلدية المنتظرة في 2026.

هذا، ووجه القضاة اتهامًا صريحًا لرشيدة داتي باستغلال منصبها السابق كنائبة أوروبية خلال الفترة ما بين 2010 و2012، عبر تلقيها مبلغًا يُناهز 900 ألف يورو من الشركة التابعة لـRenault-Nissan المعروفة اختصارًا بـRNBV، مقابل خدمات استشارية لم تثبت التحقيقات تقديمها فعليًا. ووُصفت هذه المبالغ بأنها “غير مبررة” و”مشبوهة”، خاصة أنها جاءت في فترة كانت خلالها داتي تمارس مهامًا برلمانية أوروبية يفترض أنها مستقلة عن أي مصلحة خاصة. من جهة أخرى، يواجه كارلوس غصن اتهامات “بالفساد النشط” و”الاختلاس” في نفس الملف، في وقت يواصل فيه الإقامة في لبنان منذ فراره الشهير من اليابان عام 2019، ما يطرح تساؤلات حول مدى قدرته على مواجهة المحاكمة شخصيًا في فرنسا.

في أول رد فعل رسمي، نفت رشيدة داتي كل التهم المنسوبة إليها، معتبرة أن الأمر يتعلق بـ”محاولة مفضوحة للتأثير السياسي”، ولوّحت باللجوء إلى القضاء الدولي لحماية سمعتها ومكتسباتها المهنية. وأكد محاميها أوليفييه باردو أن موكلته “تشعر بقلق بالغ حيال احتمال انتهاك حقوق الدفاع والمسار السليم للإجراءات”، ملمحًا إلى أن التوقيت السياسي لا يخلو من دلالات، خاصة أن داتي تُعتبر من الأسماء البارزة في حكومة إليزابيث بورن.

وفيما رفض كارلوس غصن من ناحيته الإدلاء بتفاصيل دقيقة، إلا أن مصادر مطلعة نقلت عنه استغرابه من إعادة فتح ملف قضائي سبق أن وصفه بـ”الملف السياسي الانتقامي”. ومن المنتظر أن تُعقد أولى جلسات المحكمة في 29 سبتمبر 2025، لتحديد دستور القضية، على أن تبدأ المحاكمة الكاملة في فترة لاحقة، يُرجح أن تكون بعد الانتخابات البلدية المزمع تنظيمها في مارس 2026.

ورغم حجم التهم وخطورتها، أكد قصر الإليزيه أن الوزيرة رشيدة داتي “لا تزال مدعاة وليست مدانة”، مشيرًا إلى أن لا نية للحكومة في إعفائها من مهامها، احترامًا لمبدأ قرينة البراءة. وذهب وزير العدل جيرالد دارمانان إلى حد التذكير بأن “كل شخص يُفترض براءته حتى تثبت إدانته”، معتبرًا أن داتي تظل قادرة على مواصلة مسؤولياتها الحكومية إلى حين صدور حكم نهائي.

هذا التطور القضائي يعيد إلى الواجهة النقاش الحاد حول تداخل المصالح بين السياسي والاقتصادي في فرنسا، ويثير علامات استفهام حول دور اللوبيات والمؤسسات الخاصة في التأثير على صناع القرار. كما يضع حكومة ماكرون أمام اختبار صعب في التوفيق بين احترام سلطة القضاء، والحفاظ على تماسكها السياسي في مرحلة حاسمة. وتزداد تعقيدات الملف بوجود شخصية مثيرة للجدل مثل كارلوس غصن، الذي لا يزال يُنظر إليه كبطل هارب في بعض الأوساط اللبنانية، وكواجهة لفضائح التسيير المالي في كبرى الشركات العالمية.

وإذا ما تأكدت الإدانة في هذا الملف، فقد تكون لها ارتدادات قانونية وسياسية تتجاوز حدود القضية، وربما تعيد تشكيل ملامح العلاقة بين النخبة السياسية الفرنسية والرأي العام، في زمن تتزايد فيه المطالب بالشفافية والمحاسبة.

التعاليق (0)

اترك تعليقاً