أسدلت غرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف بالرشيدية، مساء الأربعاء 16 يوليوز 2025، الستار على واحدة من أبشع الجرائم التي هزت مدينة أرفود، بعدما قضت بإدانة الطالب المتورط في قتل أستاذته بالسجن النافذ لمدة 30 سنة، وأداء غرامة مالية قدرها 300 ألف درهم لفائدة ورثة الضحية، تعويضًا عن الضرر المعنوي والمادي الذي لحقهم جراء هذه الجريمة المروعة.
وكانت فصول هذه القضية قد انطلقت صباح الخميس 27 مارس 2025، حين أقدم الطالب، الذي لا يتجاوز عمره بداية العشرينيات، على مهاجمة أستاذته “هاجر.ب” أمام مركز التكوين المهني بمدينة أرفود، حيث باغتها بضربات قاتلة باستعمال أداة حادة (شاقور)، مستهدفًا رأسها وعنقها في مشهد صادم وثقته شهادات المارة.
وأثار هذا الفعل الإجرامي حالة من الهلع في صفوف الساكنة المحلية، بينما عمّ الذهول أوساط الأسرة التعليمية التي عبرت عن صدمتها من الواقعة، خاصة وأن الضحية كانت معروفة بكفاءتها وسلوكها الطيب داخل المؤسسة.
وقد تمكنت مصالح الأمن الوطني من توقيف الجاني في وقت قياسي، لتباشر تحت إشراف النيابة العامة المختصة تحقيقًا شاملاً لكشف ملابسات الجريمة ودوافعها، التي رجحت مصادر متطابقة أن تكون مرتبطة بدوافع شخصية وانتقامية.
وتم نقل الضحية في حالة حرجة إلى المستشفى الجهوي مولاي علي الشريف بالرشيدية، ثم إلى المركز الاستشفائي الجامعي الحسن الثاني بفاس، حيث ظلت ترقد لأزيد من أسبوعين في قسم العناية المركزة، قبل أن تفارق الحياة يوم الأحد 13 أبريل 2025 متأثرة بجراحها البليغة.
وخلفت هذه الجريمة استياءً واسعًا داخل الأوساط النقابية والتربوية، حيث أصدرت الجامعة الوطنية للتكوين المهني بلاغًا اعتبرت فيه أن الجريمة “تمس بهيبة نساء ورجال التعليم”، داعية إلى تنظيم وقفات احتجاجية بمختلف مراكز التكوين المهني بالمملكة للمطالبة بضمان حماية حقيقية للأطر التربوية.
وفي تعليلها للحكم، شددت المحكمة على أن الجريمة ارتكبت داخل فضاء يفترض أن يكون آمناً ومحترمًا، معتبرة أن ملابساتها الخطيرة تستوجب أقصى العقوبات الممكنة، في رسالة واضحة لردع كل من تسوّل له نفسه المساس بحرمة المؤسسات التعليمية وكرامة العاملين بها.
ورغم صدور الحكم، فإن جرح الحادث ما يزال غائرًا في نفوس زملاء الضحية وطلبتها، بينما تستمر مدينة أرفود في استحضار مشهد النهاية المأساوية لأستاذة عُرفت بتفانيها ولم تكن تستحق سوى الوفاء والتقدير.