تهدف مجلة افريواطو للدراسات والأبحاث في قوانين الأعمال والاستثمار لرئيس نشرها الدكتور منير اوخليفا، إلى فتح نقاش أكاديمي عميق حول الإشكالات القانونية المتعلقة بالتوثيق والعقار في ظل التحولات التشريعية والمؤسساتية التي يعرفها المغرب في أفق تعزيز جاذبية الاستثمار.
والعدد الأول من هذه المجلة العلمية في طبعته الأولى ( يوليوز 2025) تعكس الزخم البحثي والقانوني في مجال دعم البيئة الاستثمارية.

ولا يمكن لأحد أن ينكر الدور المحوري للاستثمار في تعزيز التنمية الاقتصادية لأي بلد. وبطبيعة الحال، لا يمكن تحقيق هذا الدور إلا من خلال توفر عدة عوامل، من بينها نجاعة وفعالية نظام الأراضي ذات الأهمية البالغة.
وتشكل ملكية العقارات مصدر ثروة وشرطا أساسيا لنجاح أي استثمار. ولذلك، تعتبر عاملا جذبا ورئيسيا للمشرع المغربي، الذي نظمها وفقا لخصائص المجتمع، بهدف ترسيخ أمن المعاملات العقارية، وبالتالي تحقيق الدفع بعجلة النمو الاقتصادي.
وتهدف دراسة الاستراتيجية التي وضعها المشرع لجعل نظام الأراضي رافعة للتنمية الاقتصادية. في الواقع، إلى تبني نظام الأراضي الاستراتيجية المعتمدة في جميع القواعد القانونية المتعلقة بالعقارات. ويشمل ذلك الأراضي والمباني والحقوق المتعلقة بالعقارات، وقانون الملكية، وخصائصها، وتقسيماتها.
ويعود أصل القانون العقاري المغربي إلى التطور الاجتماعي الذي شهدته البلاد، والذي أدى إلى مجاورة مصادر مختلفة: الشريعة الإسلامية والقانون المستوحى من الغرب. وبالتالي، فإن القوانين الرئيسية التي تشكل الإطار التشريعي المغربي تظهر، من جهة، في النصوص التي تشكل أساس القانون العقاري، وهي الظهير الشريف الصادر في 12 أغسطس 1913، بشأن تسجيل العقارات، والذي تم استكماله وتعديله حاليًا بالقانون 14-72، والظهير الشريف الصادر في 12 يونيو 1915، الذي أنشأ التشريع المطبق على العقارات المحفظة. ويشكل هذان النصان مصفوفة قانون العقار المغربي، والتي تم استكمالها لاحقا بنصوص أخرى مثل القانون رقم 18.00 الصادر في 3 أكتوبر 2002، بشأن الملكية المشتركة للعقارات المبنية، والقانون رقم 44.00 الصادر في 3 أكتوبر 2002، بشأن بيع العقارات في حالة الاكتمال المستقبلية.
إلى جانب كل هذا هناك نجذ أيضا ظهير الالتزامات والعقود (1913): الذي شكل الإطار العام للعلاقات التعاقدية بما فيها العقارية. ومدونة الحقوق العينية: التي تعتبر نقلة نوعية في مجال تنظيم الملكية العقارية والحقوق المتعلقة بها، كما لا يجب إغفال القانون رقم 32.09 المتعلق بمهنة التوثيق: الذي ينظم عمل الموثقين ويحدد اختصاصاتهم، ويسعى إلى تحديث مهنة التوثيق.
وكل هذه النصوص المنظمة للعقارات المشار إليها وغيرها تجد سندها في الفصل 35 من الدستور المغربي الصادر في 29 يوليو 2011، والذي يضمن حق الملكية، مع استثناء دستوري وحيد يقيد من هذا الحق والمتمثل في دواعي التنمية الاقتصادية والاجتماعية…..
ويأتي توثيق التصرفات العقارية كآلية محورية لضمان الأمن التعاقدي، وتحقيق الاستقرار في المعاملات العقارية، وتعزيز جاذبية الاستثمارات، مما جعل المشرع المغربي مدركا منذ وقت مبكر الأهمية البالغة للعقار في تحقيق التنمية، حيث يشكل “الوعاء الرئيسي لتحفيز الاستثمار المنتج المدر للدخل والموفر لفرص الشغل، ولانطلاق المشاريع الاستثمارية في مختلف المجالات الصناعية، والفلاحية والسياحية والخدماتية وغيرها. وهذا الوعي تجسد في إصدار مجموعة متكاملة من القوانين والتشريعات التي تهدف إلى تنظيم وتطوير هذا المجال الحيوي.
وبالتالي يعد ولوج الاستثمار للمجال العقاري شرطًا أساسيًا وعنصرا أساسيا في تحقيق جاذبية الاستثمار. وفي هذا السياق، يتسم وضع الأراضي في المغرب بالتنوع والتعقيد، مما يعكس تنوعا في أنظمة حيازة الأراضي المختلفة التي سادت في المغرب. فلم يكن التطور التشريعي في مجال توثيق التصرفات العقارية بالمغرب وليد اللحظة، بل هو نتيجة مسار طويل من التراكم والتحديث.
وانطلاقا مما تمت الإشارة إليه، فإننا سنعمل في هذا العدد الخاص الموسوم ب: ” التوثيق والعقار: أية مقاربة لتعزيز جاذبية الاستثمار؟”، على دراسة مختلف جوانبه ومن عدة منطلقات ورؤى تجسدها الفصول التي تناولت المحاور الأربع التالية:
- المحور الأول: التوثيق كمدخل للأمن التعاقدي وتعزيز جاذبية الاستثمار
- المحور الثاني: رقمنة إجراءات التوثيق كمدخل لتحفيز الاستثمار
- المحور الثالث: العقار ومتطلبات الاستثمار
- المحور الرابع: دور المقاربتين المدنية والزجرية لمنازعات التوثيق والعقار في ترسيخ الأمن التعاقدي وتعزيز الاستثمار.
ويمثل هذا العدد مؤلفا خاصا شاركت فيه نخبة من الأساتذة الجامعيين والخبراء القانونيين، كما قام تنسيق هدا المولود العلمي الرصين لجنة مكونة من :
الدكتور منير اوخليفا الكلية متعددة التخصصات بتازة جامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس
الدكتور اليعقوبي كلية العلوم القانونية أيت ملول جامعة ابن زهر أكادير
الدكتور محمد لشقار كلية العلوم القانونية القانونية جامعة عبد المالك السعدي بتطوان
الدكتورة فتيحة حمادة أستاذة زائرة بالكلية متعددة التخصصات بتازة جامعة سيدي محمد بن عبد الله.
