بقلم: أحمد بومهرود باحث في الإعلام و الصناعة الثقافية
الدبلوماسية المغربية في عهد الملك محمد السادس: رؤية استراتيجية تُعيد رسم توازنات الشراكة مع القوى الدولية.
في عالمٍ يتغير بسرعة، وتتحرك فيه القوى الكبرى لإعادة رسم نفوذها عبر القارات، يبرز المغرب تحت القيادة الحكيمة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده كقوة دبلوماسية هادئة وواثقة، تنسج خيوط شراكات متعددة الأبعاد، وتُعيد تعريف موقعه إقليمياً ودولياً.
ولعلّ تطور العلاقات المغربية الروسية أحدُ أبرز الأمثلة على براعة الدبلوماسية المغربية في اقتناص الفرص وصياغة مسارات جديدة للتعاون، ضمن رؤية بعيدة المدى تُجيد قراءة التحولات العالمية.
- انفتاح مغربي محسوب يقابله اهتمام روسي متزايد
شهدت موسكو خلال الأشهر الأخيرة زخماً لافتاً في مواقفها تجاه القارة الإفريقية، وكانت الرباط حاضرة بقوة في صلب هذا التوجه؛ إذ أكدت تاتيانا دوغالينكو، مديرة إدارة الشراكة مع إفريقيا بالخارجية الروسية، أن المغرب يأتي ضمن قائمة 11 دولة إفريقية تعتمد نظام الإعفاء من التأشيرة مع روسيا، إلى جانب دولٍ مثل جنوب إفريقيا وأنغولا وتونس وموريشيوس.
ولا تقف أهمية هذا التصريح عند حدّ الجانب اللوجستي أو السياحي، بل يتجاوز ذلك ليعكس بوضوح مكانة المغرب المتقدمة في حسابات موسكو داخل القارة.
ففي وقتٍ أشارت فيه تقارير روسية إلى محدودية خطوط الطيران المباشرة نحو إفريقيا، يبقى المغرب إحدى الدول القليلة التي تربطها رحلات مباشرة بروسيا، وهو ما يمنحه موقعاً استراتيجياً ضمن خريطة الانفتاح الروسي جنوب المتوسط وعمق القارة.
- التقاطع الاستراتيجي بين الرباط وموسكو: قراءة في الدلالات
إن إدراج المغرب في محور أولويات روسيا داخل إفريقيا لا يُقرأ بمعزل عن تحولات السياسة الخارجية المغربية في عهد جلالة الملك محمد السادس نصره الله؛ فالمملكة تبنت خلال العقدين الأخيرين سياسة تنويع الشراكات الكبرى، ففتحت جسوراً متينة مع الولايات المتحدة وباريس، ووسّعت نطاق تعاونها مع بكين ونيودلهي، وهي اليوم تُعمّق قنوات التواصل مع موسكو، في خطوة تؤشر إلى توازن دبلوماسي دقيق ومبدئي.
هذا التوازن لا يستند إلى ردود أفعال ظرفية، بل إلى رؤية ملكية واضحة تجعل من استقلالية القرار الاستراتيجي ركيزةً ثابتة.
وقد أثمرت هذه الرؤية شبكة واسعة من المصالح المشتركة بين المغرب وعدد من القوى المؤثرة، وهو ما يجعل الرباط فاعلاً رئيسياً، لا تابعاً، داخل الخريطة الجيوسياسية الإقليمية والدولية.
- الدبلوماسية الملكية: حضور ثابت وتأثير متصاعد
لقد رسخ المغرب، بقيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله و أيده، نموذجاً فريداً في الدبلوماسية الهادئة، التي ترتكز على:
-المصداقية في الالتزامات الدولية.
-المرونة في بناء الشراكات.
-الاستقلالية في اتخاذ القرار.
-الانفتاح على قوى شرقية وغربية دون ارتهان.
ولعلّ الاهتمام الروسي بالمغرب كنقطة عبور نحو إفريقيا، وكسوق سياحية واقتصادية واعدة، يُعد ثمرةً مباشرة لهذا النهج الملكي الذي أعاد رسم صورة المغرب دولياً باعتباره شريكاً موثوقاً، مستقراً سياسياً، منفتحاً اقتصادياً، وحاضراً بقوة في محيطه الإفريقي والعربي والمتوسطي.
- نحو مرحلة جديدة من التعاون المغربي الروسي
إن السعي الروسي لتوسيع اتفاقيات الإعفاء من التأشيرة، وتعزيز التبادلات السياحية والثقافية، يحمل مؤشرات إيجابية لمستقبل التعاون مع المغرب.
فكلما توسَّع هذا النظام، كلما ازدادت فرص الاستثمار في قطاعات السياحة، النقل، الثقافة، والتعليم العالي، وهي مجالات يتقاطع فيها اهتمام الرباط وموسكو معاً.
كما أن رغبة روسيا في تعزيز حضورها داخل إفريقيا تتناغم مع التموقع المغربي المتقدم في القارة، حيث أصبح المغرب بوابة رئيسية للعديد من الشركاء الدوليين الباحثين عن الاستقرار والجدوى الاقتصادية.
- المغرب قوة دبلوماسية تُصنع بقيادة رشيدة
تُثبت المؤشرات الراهنة أن الدبلوماسية المغربية، بفضل التوجيهات الملكية السديدة، باتت نموذجاً في الرزانة والفعالية، وفي القدرة على جذب اهتمام القوى العالمية الكبرى، وفي مقدمتها روسيا.
إنه مسار نجاح يكرّس مكانة المملكة كفاعل أساسي في بناء جسور التعاون بين الشمال والجنوب، ويؤكد أن رؤية صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله تمضي بالمغرب نحو آفاق أرحب من الاستقرار والنفوذ الاقتصادي والدبلوماسي.
