أربكت موجة الاحتجاجات الواسعة التي قادها ما بات يعرف إعلاميا بـ “جيل Z”، سواء على مواقع التواصل الاجتماعي أو في عدد من مدن المملكة، حسابات حكومة عزيز أخنوش بشأن تنفيذ المرحلة الثانية من خطة رفع الدعم عن غاز البوتان.
وكان من المقرر أن تشمل هذه المرحلة زيادة جديدة في أسعار قنينات الغاز، ضمن سياسة تدريجية تهدف إلى تقليص نفقات صندوق المقاصة، في أفق إلغائه الكامل، لكن الضغط الشعبي المفاجئ، وحجم التفاعل مع الاحتجاجات الرقمية والميدانية، دفع بالحكومة إلى مراجعة موقفها وتجميد القرار مؤقتا، تفاديا لمزيد من التأجيج الاجتماعي.
ويرى متتبعون أن أي خطوة جديدة لرفع سعر الغاز باتت تشكل “مغامرة سياسية غير محسوبة”، في وقت تحاول فيه مكونات الأغلبية الحكومية تهدئة الأوضاع، وإظهار استعدادها لفتح قنوات الحوار مع المواطنين، خاصة فئة الشباب التي تقود هذه الموجة من الغضب.
ومن جهتها، كشفت مصادر متطابقة أن الاحتجاجات الأخيرة، والتي لم يكن متوقعا أن تبلغ هذا الحجم، دفعت بالقيادات الحكومية إلى إجراء مراجعة شاملة لأولوياتها الاقتصادية والاجتماعية، حيث خلصت إلى أن الاستمرار في تنفيذ الزيادة الثانية في سعر الغاز قبل نهاية العام الجاري قد يفاقم الوضع ويؤدي إلى مزيد من الاحتقان.
وأشارت نفس المصادر إلى أن التذبذب الحكومي في التعامل مع ملف الدعم بات واضحا في الشهور الأخيرة، فبعد أن تم التمهيد إعلاميا للزيادة، خرج فوزي لقجع، الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، ليؤكد في تصريح قبل فاتح ماي الماضي أن “الزيادة في أسعار الغاز غير مطروحة حاليا”.
ومن جهتهم، أكد عدد من مهنيي توزيع الغاز أنهم لم يتلقوا حتى الآن أي إشعار رسمي بشأن تطبيق زيادة جديدة، وهو ما يعزز فرضية تأجيل القرار إلى إشعار آخر، بفعل الضغط الشعبي المتصاعد واحتجاجات “جيل Z” التي فرضت نفسها على الساحة السياسية والاجتماعية.
وتقوم خطة الحكومة على رفع تدريجي لسعر قنينة الغاز بمبلغ إجمالي قدره 30 درهما، موزعة على ثلاث سنوات (10 دراهم كل سنة)، انطلاقا من 2024 وحتى 2026، حيث تراهن الحكومة من خلال هذه الزيادات على تحقيق عائدات مالية ضخمة تفوق 6.6 مليار درهم (660 مليار سنتيم)، بالنظر إلى أن الاستهلاك الوطني يقدر بنحو 220 مليون قنينة غاز من حجم 12 كلغ سنويا.
وفي ظل هذه التطورات، يتوقع أن تفتح الساحة الوطنية نقاشا واسعا حول مستقبل الإصلاحات الاقتصادية في المغرب، ومدى قدرة الحكومة على التوفيق بين ضبط التوازنات المالية وحماية القدرة الشرائية للمواطنين، خاصة في ظل تصاعد موجات الاحتجاج الرقمي والميداني، واستمرار مظاهر الاحتقان الاجتماعي في عدد من القطاعات.
اترك تعليقاً