خلال زيارة الملك الراحل الحسن الثاني رحمه الله للولايات المتحدة الأمريكية، وقف على التطور الذي عرفه قطاع الاتصالات في هذا البلد. ومما أثار استغراب الملك الراحل، استعانة أمريكا بالتكنولوجيا الكندية في مجال الاتصالات. والمعروف أن الولايات المتحدة الأمريكية تتوفر على واحدة من أكبر الشركات العالمية في مجال الاتصالات متمثلة في شركة ATT. كانت هذه الزيارة مناسبة ليقف الملك الراحل على ما وصلت إليه التكنولوجيا الكندية في مجال الاتصالات متمثلة في شركة نورتن تيليكوم. هذه الأخيرة استطاعت أن تنتشر في سوق الاتصالات الأمريكية وتنافس أعتى الشركات الأمريكية.
تصادفت زيارة الملك الراحل للولايات المتحدة الأمريكية مع بداية المغرب برنامج تطوير قطاع الاتصالات، وشروعه في تطبيق الخطوات الأولى من مشروع تحرير القطاع وانفتاحه على القطاع الخاص. ربما طموح الملك الراحل في جعل المغرب يتوفر على شبكة متقدمة في مجال الاتصالات، جعله يفكر في إدخال التكنولوجيا الكندية في الاتصالات للمغرب. فالولايات المتحدة الأمريكية بقيمتها التقنية والعلمية، لن تقبل سوى بتكنولوجيا متطورة ومنفتحة على المستقبل في قطاع يعرف تطورات متسارعة. واستعمالها للتقنية الكندية، دليل قاطع على تطور هذه التكنولوجيا.
ورغم أن المغرب لم تكن له علاقات تجارية كبيرة مع كندا آنذاك، إلا أن زيارة الملك الراحل الحسن الثاني لأمريكا، شكلت سببا في استعمال التقنية الكندية في شبكة الاتصالات للمغرب، وانفتاح أكثر على كندا وتعزيز التجارة بين البلدين في إطار سياسة تنويع الشركاء التجاريين التي أصبح ينهجها المغرب.
كانت هذه هي بداية قصة الانفتاح المغربي على السوق الكندي، تُوجت بتوقيع اتفاقية بين الفاعل المغربي في الاتصالات ممثلا بالمكتب الوطني للبريد والمواصلات السلكية واللاسلكية، وشركة نورتن تيليكوم لإنشاء مراكز هاتفية متطورة من طراز DMS. هذه الاتفاقية مكنت الشركة الكندية من ولوج السوق المغربي بأجهزة مختلفة كالهاتف الثابت والفاكس والموزع الهاتفي بالنسبة للشركات.
شكل هذا الحدث، طفرة نوعية في العلاقات التجارية بين المغرب وكندا. فقطاع الاتصالات كان سببا في تقارب المغرب وكندا في مجال الاستثمار، وبابا فتح التعاون بين البلدين في مجالات كبيرة وكثيرة. إذا كانت الاتصالات تُقرب المسافات، ففي حالة المغرب، تتجسد هذه الحقيقة بكل تفاصيلها حيث كان قطاع الاتصالات سببا في إقامة المملكة المغربية علاقات تجارية مع أبعد دولة من بين دول العالم.
سعيد الغماز