القصص والحكايات التي عرفها تاريخ الاتصالات، لم تقتصر على المخترعين والعلماء الذين تركوا بصمتهم الكبيرة في هذا التاريخ. بل تعدته إلى فئة المجرمين التي قد يستغرب البعض علاقتها مع تاريخ مشرق هو تاريخ الاتصالات الذي غير نمط حياتنا وسلوكياتنا اليومية. هذه هي قصة مجرم سيكون له دور كبير في اتساع شهرة التلغراف. كان ذلك في منتصف القرن 19.
نعم… هو حادث طريف، لكنه سيجعل التلغراف الإنجليزي يحظى في نظر العموم بشعبية كبيرة. في فاتح يناير من سنة 1845 وبفعل رسالة تلغرافية ستتوصل بها أجهزة الأمن حول مجرم خطير يسافر عبر القطار. الرسالة التلغرافية تضمنت جميع المعلومات الضرورية للتعرف على المجرم، وطبيعة الأعمال الإجرامية التي قام بها. هكذا ستتمكن السلطات البريطانية في لندن من القبض على مجرم متهم بالقتل بمجرد نزوله من القطار.
الحكاية لم تقف عند هذا الحد، بل استمرت فصولها بعد وصول خبر الرسالة التلغرافية إلى الصحافة. فبعد محاكمة المجرم ستشيد الصحف البريطانية بفاعلية التلغراف الكهربائي، ودوره في القبط على المجرمين ومساعدة رجال الأمن في القيام بعملهم. هذه الإشادة ستجعل التلغراف يكتسب شعبية كبيرة، فهو لم يعد في نظر البريطانيين يوصل الرسائل والأخبار فحسب، وإنما يساهم كذلك في تعقب المجرمين والحفاظ على الأمن.
لولا هذا المجرم، لما عرف التلغراف تلك الشهرة التي جعلت الناس يثقون فيه ويقبلون بكثافة على خدماته. فحتى المجرم له دور في تطور الاتصالات، ودور في تاريخ تطور خدماتها. لذلك نقول إن تاريخ الاتصالات في المغرب وفي العالم، يحتضن في طياته الكثير من القصص الغريبة والمثيرة.
سعيد الغماز