(.. نجدّد عن أسفنا أمام حالات الانسداد التي يواجهها مشروع السياسة والإطار الإستراتيجي..)
وأنا أعيد قراءة هذه الفقرة من كلمة الوزير الجزائري عطّاف بعد القرار التاريخي الذي حدّد عدد دول الاتحاد الإفريقي في 54 دولة + ( إطار دولة شبحية) تذكّرت من حيث لا أشعر ملامح الرئيس تبّون ومن على منصة فخمة وهو يردّد على مسامع نخب بلاده قبل سنة ونصف تقريباً
( الجزائر قوة ضاربة.. العالم كلّه معترف بها..)
واستشهد ببيت شعري للمفدى زكرياء
( وقل الجزائر! واصغِ إن ذكر اسمها
تجد الجبابرَ ساجدين وركّعا
إن الجزائر في الوجود رسالةٌ
الشعب حرّرها، وربّك وقَّعا )
فتشابه عليّ البقر بين ضربة رئيس الدولة على الطاولة جاحظ العينين وبين بكاء ونواح وزيره ليلة أمس بالعاصمة الغانية – أكرا
وكأنّ هذا النّظام لم يحافظ على نفسه، إلا بسبب قدرته اللعب على هذا التناقض الصارخ والفضيع هم أسود بالجزائر وأرانب خارجها.. هذا النظام العسكراتي لم يعد يثير الإحتقار فقط، ولكنه أصبح أيضاً يثير البؤس والشفقة وهو أضعف صفة عن نظام يخاف ولا يستحيي؟
فأين هو الحياء في وجه هذا الوزير الجزائري الذي يتأسّف عن القرار السيادي للدول التي صَوّتت ضد مناوراته الخبيثة.. هل كان ينتظر أن تأتي إليه ساجدين ركّعاً كما يتوهّمون..
الافضع من هذا هل من الأعراف الدبلوماسية وأخلاقية الدول أيها الوزير أن تنعت دولة قائمة الذات بكلمة ( البعض) أو ( طرفا) دون أن تذكرها بالإسم المعرفي والمعرّف بها
يقول عطاف :
( وممّا يزيد من حدّة أسفنا أنّ مردّ هذا الإنسداد هو رغبة البعض في تكريس سياسة الإقصاء أو بالأحرى إقصاء عضو مؤسس لمنظّمتنا..)
ورغم محاولة تنكير اسم المغرب وإحالته على المجهول فقد عبّرت بعظمة لسانك ونيابة عن الثنائي شنقريحة بأن المغرب قد زاد من حدّة أسفك..وماذا يجدي الأسف أمام قوّة ضاربة تفكر بهدوء وتضرب بقوّة
وطبعاً فكلمة الأسف في اللغة الدبلوماسية هي البكاء والعويل على أطلال قبر جمهورية تيندوف التي تابعت عن مضض إعلان وفاتها قبل يومين بالعاصمة أكرا..
والحقيقة أن أفريقيا بهذا القرار لم تعد ترى في حضور “البوليساريو” سوى عائق أمام السير العادي لمجموعة من اللقاءات التي من الممكن أن تتمخض عنها شراكات مهمة.. وسيطوي صفحة صدام أضاع العديد من الفرص على القارة، أمام قوى اقتصادية كبرى، مثل الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا ودول الخليج،
فمسرحية قيس تونس لن تتكرّر بعد الآن والسجّاد الأحمر جمع وإلى الأبد
هناك أيضاً هذه القناعة المشتركة لدى أغلبية دول العالم حول طبيعة النظام الجزائري كدولة شعارات فارغة وقرارات مزاجية لحظية.. نظام يدبّر علاقاته الدولية والجوارية بأسلوب النعامة التي تخفي رأسها في الرمال وتترك بقية جسدها للعراء..
وبالمناسبة ألم تخف دولة العسكر رأسها في الرمل كي لا تسمع تصريح سفير أمريكا بالجزائر حول الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء.. وينتظر عطاف من إفريقيا أن بصوتوا لصالح جمهوريته الوهمية
هي الجزائر اليوم وسط القارة الأفريقية والعالم لا وزن ولا هية ولا تأثير..
هي الجزائر التي كان على الوزير عطاف أن يتأسّف على ما آل إليه بلد الشهداء وهي تقبل هدية مجانية من شركة صينية ( بيك) تتعلّق بالزي الرسمي للبعثة الأولمبية الجزائرية..
الهدية الفضيحة هي أن الشركة الصينية تصرّفت بشكل سافر في ألوان العلم الجزائري بإضافة اللون الأزرق مكان اللون الأحمر بل أضافوا اللون الأصفر وهو الزي الرسمي لهذه البعثة الأولمبية التي تم استقبالها بعد الوصول من طرف وزير الشبيبة والرياضة الجزائري دون أدنى تحفظ أو استفسار..
فالتمويل المجاني لا يناقش.. والصدقة في المستضعفين أولى
العارفون بخبايا هذا اللون الأزرق يقولون بأن نفس الشركة هي المكلفة حصريا بإعداد أقمصة الفريق الإسرائيلي لكرة السلة ذكورا وإناثاً وان علامتها التجارية موجودة في اقمصة جزائرية وإسرائيلية في نفس الوقت . وقد يكون اللون الأزرق قد تسرب أثناء عملية الطبع.. ولايستبعد في نظري أن يكون المخزن بقيادة فوزي لقجع وراء هذه المؤامرة..
هذه الوضعية وغيرها هي التي تحتاج إلى تأسفك وبكائك أيها الوزير..وانت تجري وراء السّراب وعلم بلادك يتعرض للتحريف والتشويه..
فنظف باب بيتك أوّلاً.. وتأكد من نظافة ثيابك الداخلية لحظة الصعود إلى النخلة..
فقمامة أزبال آخر مدينة مغربية أنظف من أوساخ نطامك ورائحته..
لكن شكرك واجب حين لم تلفظ اسم المملكة المغربية الشريفة بذاك اللسان النّتن
فأنتم قوم لا تستطيعون أن تسكتوا ولا تحسنون أدب الكلام
يوسف غريب كاتب صحفي