التصنيف: على حافة القلم

  • المادة 67 تُفجّر الجدل في تزنيت: ديمقراطية حقيقية أم تحايل على النصاب القانوني؟

    المادة 67 تُفجّر الجدل في تزنيت: ديمقراطية حقيقية أم تحايل على النصاب القانوني؟

    أثارت المادة 67 من النظام الداخلي لمجلس جماعة تزنيت نقاشًا واسعًا بين الفاعلين السياسيين والمهتمين بالشأن المحلي. بينما يرى البعض أنها ضمانة لاستمرارية العمل، يعتبرها آخرون خروجًا عن المبادئ الديمقراطية. تنص المادة على أن اجتماعات اللجان تكون صحيحة بحضور أكثر من نصف الأعضاء، ولكن في حال عدم اكتمال النصاب، يتم تأجيل الاجتماع لمدة ساعة واحدة، لينعقد بعدها بمن حضر، بغض النظر عن عددهم.

    شرعية الاجتماعات بعد مرور ساعة

    هذا البند أثار تساؤلات حول شرعية الاجتماعات التي تعقد بعدد محدود من الأعضاء، خاصة في ظل تأخر بعض الاجتماعات الرسمية، مثل الدورات العامة للمجلس، لأكثر من ساعة دون أن يؤثر ذلك على صحتها. فكيف يمكن لاجتماع لجنة أن يكتسب شرعيته بمجرد مرور ساعة على الموعد الأول؟

    وجهة نظر المؤيدين

    يرى مؤيدو المادة أنها توفر مرونة تسمح بتفادي تعطيل العمل بسبب غياب الأعضاء، خاصة في ظل استخدام البعض للغياب كوسيلة لعرقلة اتخاذ القرارات.

    وجهة نظر المعارضين

    في المقابل، يرى المعارضون أن هذه المادة تشجع على الاستهتار وعدم الالتزام بالحضور، حيث يمكن لبعض الأعضاء الاعتماد على هذا البند لتبرير غيابهم، مع علمهم بأن الاجتماع سينعقد بمن حضر. وهذا قد يؤدي إلى تمرير قرارات مهمة بأقلية، مما يضعف تمثيلية القرارات وشرعيتها.

    تصريحات الفاعلين السياسيين

    في تصريح لموقع “أكادير 24″، أشار نوح أعراب، عضو حزب الاتحاد الاشتراكي، إلى أن هذا التعديل الذي أدخله رئيس جماعة تزنيت سنة 2024، بعد نصف الولاية تقريبًا من وضع النظام الداخلي للمجلس مباشرة بعد انتخابات 8 شتنبر 2021، جاء نتيجة تعثرات متكررة في انعقاد اجتماعات اللجان بسبب غياب أعضاء الأغلبية المسيرة للمجلس.

    ديمقراطية جديدة على المقاس

    وأضاف نوح أن المعارضة كانت حاضرة في كل الاجتماعات، بينما لم تتحقق الأغلبية المطلوبة لانعقاد اللجان، مما دفع الرئيس إلى ابتداع ما وصفه بـ”ديمقراطية جديدة على المقاس”. وأوضح أعراب أن هذا الاجتهاد، الذي رفضته المعارضة، تم تمريره بأغلبية عددية، مما أثار مخاوف من أن يصبح وسيلة لتبرير غياب الأعضاء وتمرير اجتماعات غير مكتملة.

    انتقادات واسعة

    المتحدث أشار كذلك إلى أنه وخلال اجتماعات اللجان المنعقدة بمناسبة الدورة العادية لشهر فبراير 2025، لم يتوفر النصاب القانوني لانعقاد اللجان، وتم تمريرها بمن حضر بموجب هذه المادة، مما أثار انتقادات واسعة.

    تساؤلات حول فعالية المادة

    يبقى السؤال المطروح..هل هذه المادة جاءت لضمان استمرارية العمل وتفادي العرقلة، أم أنها مجرد وسيلة لتبرير غياب الأعضاء وتمرير قرارات بأقلية؟ وهل ستساهم في تحسين أداء المجلس أم أنها ستؤدي إلى اتخاذ قرارات غير مدروسة بسبب ضعف النقاش داخل اللجان؟

    إشكالية أعمق

    هذا الجدل يكشف عن إشكالية أعمق تتعلق بمدى التزام الأعضاء المنتخبين بمسؤولياتهم داخل المجالس الجماعية، ومدى استعدادهم للمشاركة الفعلية في صنع القرار. فبدلًا من البحث عن حلول لضمان الحضور الفعلي للأعضاء وتحفيزهم على أداء دورهم، يبدو أن هذا الاجتهاد يمنح شرعية مسبقة لأي اجتماع، حتى لو كان الحضور ضعيفًا.

    تقييم فعالية المادة

    يظل تقييم فعالية هذه المادة مرتبطًا بالممارسة الفعلية داخل المجلس، ومدى تأثيرها على جودة النقاشات والقرارات المتخذة. فإما أن تكون وسيلة لضمان سير العمل بشكل سلس، أو أن تتحول إلى نقطة ضعف تُستغل لتعزيز غياب الأعضاء وتقليص أهمية العمل داخل اللجان، وهو ما قد ينعكس سلبًا على تدبير الشأن المحلي ومستوى الثقة في المؤسسات المنتخبة.

    واقع عمل اللجان الدائمة

    هذا النقاش والجدل حول المادة 67 من النظام الداخلي للمجلس الجماعي لتزنيت، جعل متتبعين للشأن العام المحلي يثيرون تساؤلات حول واقع عمل اللجان الدائمة للمجلس، باعتبارها واحدة من الأجهزة المساعدة لرئيس المجلس ومكتبه والمجلس التداولي، تنبني على أشغالها ومخرجاتها قرارات ومقررات يفترض أنها تتخذ للمصلحة العامة بعد الدراسة والنظر فيها من طرف أعضاء اللجان بصفتهم ممثلين للساكنة ومنتدبين من قبلها بالشرعية الانتخابية.

    استغراب المتتبعين

    فمن جهة، بعض من التقتهم أكادير 24 من هؤلاء المتتبعين والمهتمين بالشأن العام استغربوا أن ترد أصلا مثل المقتضى المذكور في نظام داخلي وضعه مكتب المجلس وصوتت عليه الأغلبية وهو الذي يُفهم من ظاهره الحرص على العمل الجماعي ومحاربة التغيب عن اللجان، لكن باطن الأمر يعكس حقيقة أن مضمون المادة 67 من النظام الداخلي ما هو إلا تخريجة والتفاف عن الأعراف والقواعد التدبيرية التي درج عليها العمل الجماعي لولايات عدة، تكشف وتفضح عجز الرئيس ومكتبه عن ضمان حضور أعضاء أغلبيتهم في أشغال اللجان الدائمة فتم إعفاؤهم من الحضور بطريقة غير مباشرة بتجاوز شرط النصاب بعد ساعة من انتظار من حضروا في الموعد المحدد لاجتماع كل لجنة، وفي الغالب يكون هؤلاء الحضور من المعارضة والموظفين يضيف مصدرنا، فما الحاجة أصلا لمثل هذه المادة مادام الرئيس ومكتبه يملكون أغلبية الأعضاء على حد تعبير المصدر ذاته.

    خرق القوانين المنظمة للعمل الجماعي

    ومن جهة أخرى، أثار فريق آخر من الفاعلين المحليين المهتمين بهذا النقاش كون اجتماعات اللجان الدائمة بجماعة تزنيت تعرف خرقا سافرا للقوانين المنظمة للعمل الجماعي حيث تم رصد كون الأعضاء المنتخبين وبدافع من قلة التجربة يرمون في الغالب بعبء وثقل النقاش والدراسة خاصة في بلورة القرارات والتوصيات في ما يحال على اللجان من قضايا على الموظفين الذين ليست لهم أية صفة انتدابية ويُفترض فيهم أن لا يتجاوزوا الأدوار الاستشارية والمد بالمعلومات والوثائق ذات العلاقة بجداول أعمال اللجان، وأصحاب هذا الرصد يؤكدون على أن أي رجوع لمعظم محاضر وتقارير اللجان يكشف أن الحضور الحقيقي في هذه الاجتماعات وتفعيل ادوارها إنما يكون من الموظفين وقلة من المنتخبين غالبة ما تكون من المعارضة.

    غياب رئيس المجلس ونوابه

    بل إن ذات الفريق من أصحاب هذا الرأي يضيف أن الطامة الكبرى هي عدم تقدير رئيس المجلس ونوابه أعضاء مكتب المجلس المفوضون في مجالات التدبير الجماعي لهذه اللجان ومهامها، فكثيرا ما تنعقد في غيابهم الجماعي عنها، وبالتالي تغيب المعطيات و”الرؤية” التي تحكم ما قُدم للدراسة في اللجان من مشاريع قرارات صاغها المكتب المسير، ومرة أخرى يحضر الموظفون الفاعل الإداري للقيام بأدوار ومهام المنتخب الفاعل السياسي.

    البيروقراطية التدبيرية

    وهنا ــ يقول محدثونا ــ يبرز مدير المصالح مكان رئيس المجلس ورؤساء الأقسام ورؤساء المصالح مكان نواب الرئيس ويتولى رؤساء المكاتب مكان أعضاء اللجان المنتخبون، فيما أغلبية هؤلاء يتخذون موقع المتفرج والمتتبع للنقاش وسيل المعلومات والنصوص والأرقام قد يكون سامعها لأول مرة، وهذه هي البيروقراطية التدبيرية لشؤون جماعة تزنيت في أوضح صورها المتعددة.

    صيغة المادة وإجراءات الدعوة

    وثالثة الأثافي كما يقال، أن رصد أكادير24 لتفاعلات المهتمين بالجدل المثار حول المادة 67 من النظام الداخلي للمجلس الجماعي لتزنيت كشف أن صيغة المادة حين نصت على أنه ” في حال عدم اكتمال النصاب، يتم تأجيل الاجتماع لمدة ساعة واحدة، لينعقد بعدها بمن حضر، بغض النظر عن عددهم “، هي صيغة تجعل الاجتماع بـ “تأجيله” قد انتهى، وأي انعقاد له ولو بعد ساعة كما في المادة، يستوجب إجراءات الدعوة للاجتماعات يخبر بها كل أعضاء اللجنة بمن فيهم المتغيبون.

    بطلان أعمال اللجان

    وهنا مرة أخرى يستغرب مصدرنا أن تتم المصادقة أصلا على هذا النظام الداخلي ــ فقط ــ لكون الأغلبية صوتت عليه، في حين أنه يؤسس لبطلان أعمال اللجان التي انعقدت وفقه وبالتالي بطلاب ما بني على مخرجاتها من مقررات المجلس التداولي، عملا بالقاعدة القانونية ” ما بني على باطل فهو باطل “، هذا علاوة على استغراب نفس المتحدث لعدم التجاء المعارضة إلى الطعن في هذه المقتضيات بكل الطرق بما فيها الطعن القضائي.

    بناء على ما سبق من سرد لبعض خلاصات رصدنا للتفاعلات المحلية مع جدال المادة 67 من النظام الداخلي لمجلس جماعة تزنيت، يتبين أن هذه المادة هي بحق شجرة تخفي غابة من النقائص والأعطاب في تدبير شؤون المجلس الجماعي لتزنيت، ومنها شروط انعقاد هيآته ولجانه المساعدة، واقع لا يحتاج فقط لحل تقني لضمان سيرورة العمل وتمرير القرارات بمن حضر، بل هو واقع يحتاج إلى كثير من التحلي بقيم الشجاعة الأدبية والسياسية من مدبري هذا الشأن ليعترفوا أولا بواقع الحال، ثم لينطلقوا إلى تدارك ما يمكن تداركه بصيانة أعمال المجلس وأعمال لجانه من العبث ومن أسباب ودواعي بطلانها، فأعمال العقلاء منزهة عن العبث.

  • الأغلبية الحكومية تصفّق لنفسها: احتفال داخلي وتوزيع شهادات النجاح بلا جمهور ولا حضور

    الأغلبية الحكومية تصفّق لنفسها: احتفال داخلي وتوزيع شهادات النجاح بلا جمهور ولا حضور

    اجتمع وزراء الأغلبية الحكومية، الذين يجمعون بين قيادة الحكومة وقيادة أحزابهم، في لقاء مغلق كان هدفه الرئيسي الإشادة بإنجازاتهم وتثمين نجاحهم في مواجهة الأزمات.

     لم يكن الاجتماع لاستعراض تقييمات مستقلة أو انتظار رأي المواطنين، بل كان مناسبة رسمية لتقييم الذات، حيث قرر التحالف منح نفسه شهادة التقدير دون الحاجة إلى مساءلة أو محاسبة.

    في مشهد يثير الاستغراب، جلس أعضاء التحالف، تبادلوا عبارات الإعجاب، صفّقوا لبعضهم البعض، ثم أصدروا بيانًا رسميًا يثني على أدائهم في تسيير البلاد. لم تُطرح أسئلة نقدية، ولم يُفتح باب النقاش حول الصعوبات التي يواجهها المواطن، بل بدا الاجتماع وكأنه احتفال داخلي مغلق، يوزع فيه المسؤولون عبارات الثناء فيما بينهم.

    بدل الاستناد إلى آراء الشعب أو تقارير المؤسسات الرقابية، اختار التحالف الطريق الأسهل.. تقييم نفسه بنفسه ومنح نفسه وسام النجاح دون انتظار أي حكم خارجي.

    المواطن، الذي يُفترض أن يكون المستفيد الأول من هذه “الإنجازات”، لم يكن جزءًا من هذا التقييم، وكأن رأيه غير ضروري في معادلة الحكم.

    في وقت ينتظر فيه المواطنون قرارات تلامس واقعهم، وتوفر حلولًا للأزمات الاقتصادية والاجتماعية، فضّل التحالف الثلاثي الانشغال بتقديم التهاني لنفسه، وكأن التصفيق المتبادل والتقاط الصور الرسمية أصبحا المعيار الجديد للنجاح السياسي.

     السؤال الذي يفرض نفسه.. إن كان التحالف يقيّم أداءه ويشيد بإنجازاته بنفسه، فمن يقيّمه بموضوعية؟

  • هرطقات النظام الجزائري: صناعة الأكاذيب في عصر العزلة الدولية للهروب من الحقيقة

    هرطقات النظام الجزائري: صناعة الأكاذيب في عصر العزلة الدولية للهروب من الحقيقة

    النظام الجزائري في مواجهة الأزمات: أكاذيب مصطنعة وهروب إلى الأمام

    يبدو أن النظام العسكري الجزائري لا يزال عالقًا في دوامة الأكاذيب والمناورات الإعلامية، حيث يعتمد بشكل ممنهج على فبركة الحقائق وتضليل الرأي العام، بدلًا من مواجهة الأزمات الحقيقية التي تهدد استقراره الداخلي.

    في ظل تراجع اقتصادي خطير، واحتجاجات شعبية متكررة، وعزلة دبلوماسية متزايدة، يواصل هذا النظام اتباع سياسة الهروب إلى الأمام، محاولًا إلقاء اللوم على “أعداء وهميين” بدلاً من البحث عن حلول حقيقية لمشاكله المتفاقمة.

    أزمة شرعية تدفع إلى الأكاذيب

    يواجه النظام الجزائري أزمة شرعية متجذرة، إذ ترفض قطاعات واسعة من الشعب الواقع المفروض عليه، وتطالب بإصلاحات سياسية واقتصادية جذرية، غير أن السلطة الحاكمة، بدلاً من الاستجابة لهذه المطالب، تلجأ إلى سياسة التغطية على فشلها عبر خلق قضايا جانبية، وصناعة أعداء خارجيين، في مقدمتهم المملكة المغربية، التي تتعرض لحملات تشويه متواصلة من الإعلام الجزائري الرسمي والموجه.

    هذا التكتيك ليس جديدًا، فقد اعتاد النظام على توجيه الأنظار بعيدًا عن مشاكله الداخلية من خلال ضخ الأكاذيب حول “المؤامرات الخارجية”، في محاولة لإقناع الشعب بأن أزماته الاقتصادية والاجتماعية ليست سوى نتيجة “تدخلات خارجية”، وليس بسبب سوء التسيير والفساد المستشري في مفاصل الدولة.

    منصات التواصل: أداة للتضليل والتزييف

    تحولت وسائل التواصل الاجتماعي في الجزائر إلى سلاح فعال في يد النظام، حيث يتم توظيف مئات الحسابات الوهمية لنشر معلومات مغلوطة، وفبركة أخبار تهدف إلى تشويه الحقائق.

     هذه الحسابات، التي تُدار بشكل منظم، تروج لمحتوى يستهدف ضرب استقرار المنطقة، خاصة عبر نشر معلومات مضللة عن المغرب، وإثارة النعرات بين الشعوب، في محاولة لصرف الأنظار عن الأزمات الداخلية المتفاقمة.

    التضليل لا يقتصر فقط على وسائل التواصل، بل يتعداه إلى وسائل الإعلام الرسمية، التي أصبحت بوقًا لنشر الأكاذيب الممنهجة. يتم تقديم هذه الأكاذيب في شكل “حقائق رسمية”، يروج لها المسؤولون والإعلاميون التابعون للنظام، حتى أصبحت جزءًا من الخطاب اليومي للسلطة، وكأنها حقيقة لا جدال فيها، رغم تناقضها الواضح مع الواقع والمنطق.

    خلق “واقع موازي” داخل الجزائر

    الأخطر في هذه الاستراتيجية هو أن الأكاذيب المروجة لم تعد مجرد أدوات للدعاية المؤقتة، بل أصبحت جزءًا من العقلية العامة التي يحاول النظام ترسيخها داخل المجتمع.

     يتم تلقين هذه المعلومات عبر القنوات الرسمية، حتى يقتنع المواطن العادي بأن بلاده مستهدفة من “مؤامرات خارجية”، وأن كل الانتقادات الموجهة للنظام ليست سوى “حملات مدفوعة” من أطراف تسعى إلى زعزعة استقرار الجزائر.

    هذا النهج خلق ما يشبه “الواقع الموازي”، حيث يصدق المواطنون الكثير من الأكاذيب التي يتم ترويجها بشكل ممنهج، مما يعزز عزلة المجتمع الجزائري عن الواقع الدولي، ويبقيه أسيرًا لخطاب عدائي تجاه الجيران والشركاء الإقليميين.

    العزلة الدولية: نتيجة حتمية للسياسات العدائية

    إن السياسة التي يتبعها النظام الجزائري لم تمر دون تبعات، إذ باتت الجزائر تعاني عزلة دبلوماسية متزايدة، نتيجة نهجها العدائي تجاه جيرانها، ودعمها للحركات الانفصالية، وخطابها المليء بالمغالطات والأكاذيب.

    الدول الكبرى باتت تنظر بقلق إلى سياسات الجزائر، التي تعرقل الاستقرار الإقليمي، وتغذي التوترات عبر نشر معلومات مضللة، ودعم أجندات مناهضة للسلم في المنطقة.

    هذه العزلة تتجلى في غياب الجزائر عن العديد من الفعاليات الدولية المهمة، وضعف تأثيرها في القضايا الإقليمية، وتراجع علاقاتها مع دول الجوار، خاصة بعد أن أصبح خطابها الإعلامي والسياسي مرتكزًا على افتعال الأزمات، بدلاً من بناء شراكات استراتيجية حقيقية.

    إلى متى يمكن أن تستمر الأكاذيب؟

    السؤال الجوهري الذي يطرح نفسه هو.. إلى متى يمكن للنظام الجزائري أن يستمر في هذا النهج؟ فالأكاذيب، مهما تكررت، لا تستطيع تغيير الواقع، والشعوب دائمًا ما تمتلك القدرة على التمييز بين الحقيقة والتضليل.

    الشعب الجزائري، الذي عانى طويلًا من سياسات النظام، يدرك أن مشاكله الداخلية لا علاقة لها بالمؤامرات الخارجية، بل هي نتيجة مباشرة لفشل الحكومات المتعاقبة في تحقيق التنمية والعدالة الاجتماعية.

    وعليه، فإن استمرار هذا النظام في صناعة الأكاذيب لن يؤدي إلا إلى مزيد من العزلة، ومزيد من السخط الشعبي، الذي قد يتحول يومًا ما إلى قوة تغيير حقيقية.

    هذا، وتبقى الحقيقة واحدة.. الأكاذيب قد تخدع البعض لبعض الوقت، لكنها لا يمكن أن تصمد أمام وعي الشعوب وتطلعاتها نحو مستقبل أفضل.

  • صدمة في البرلمان: هل هي بداية عهد جديد لتكميم الأفواه؟

    صدمة في البرلمان: هل هي بداية عهد جديد لتكميم الأفواه؟

    في خطوة أثارت موجة جدل واسع، قرر رئيس مجلس النواب رشيد الطالبي العلمي إحالة النائبة البرلمانية عن جبهة القوى الديمقراطية ريم شباط، إلى لجنة الأخلاقيات بالمجلس، استناداً إلى مؤاخذة اعتبرها المتابعون محاولة واضحة لتكميم أفواه المعارضة داخل البرلمان.

    جاء القرار على خلفية مداخلة النائبة التي انتقدت فيها سياسات الحكومة في مجال السياحة وضمنها قطاع النقل، حيث اعتبرت أن ضعف أسطول النقل الحضري يعيق تطوير القطاع السياحي، خاصة في ظل استعدادات المغرب لاستضافة كأس إفريقيا والمونديال.

    المداخلة التي اعتبرها البعض جريئة لم تخرج عن نطاق مناقشة السياسات العمومية التي ينص الدستور على إلزامية الحضور الشهري لرئيس الحكومة لمناقشتها تحت قبة البرلمان، إلا أن الطالبي العلمي رئيس المجلس رأى فيها خروجاً عن اختصاصات المجلس واعتداءا على اختصاصات مؤسسات دستورية أخرى هي الجماعات الترابية، معتبراً أن ملف النقل ينتمي إلى اختصاصات هذه الأخيرة ولا يحق لأي برلماني مناقشة الحكومة فيها.

    هذا الموقف المستغرب أثار علامات استفهام حول مدى فهم رئيس المجلس للعلاقة الدستورية بين الحكومة والجماعات الترابية، خصوصاً أن الدستور نفسه يؤكد أن هذه الجماعات تمثل المستوى القاعدي الذي تنفذ فيه السياسات العمومية للحكومة، كما ينص الدستور وقوانين تنظيمية وأخرى عادية على آليات الشراكة والتدبير المفوض وتحويل الاختصاصات والتنسيق والتعاون وما إلى ذلك في هذا المجال.

    النائبة ريم شباط، التي اشتهرت بخطابها النقدي الحاد الممزوج بالسخرية اللاذعة، والتي اعتادت إثارة الجدل بأسلوبها المباشر ولغتها الموصوفة “بالشعبوية”، لم  تثر لدى رؤساء جلسات المجلس في السابق ردود فعل مشابهة، لكن هذه المرة، يبدو أن توقيت النازلة وقرب موعد الانتخابات، كان العامل الحاسم في رد الفعل الصارم الذي اتخذ بحقها.

    ويرى البعض أن قرار الإحالة لم يتوقف عند حد التأويل الضيق والمتعسف للدستور، بل كشف عن تناقض وقصور في فهم رئيس المؤسسة التشريعية الأولى للعلاقة بين الحكومة والجماعات الترابية في تنفيذ السياسات العمومية وفقا للدستور والقوانين التنظيمية، وما تفترضه من تنسيق مباشر بين الطرفين، خاصة في القطاعات الحيوية مثل النقل والصحة والتعليم. كما بدا من واقع النازلة أن رئيس الجلسة تجاهل هذا التشابك واعتبر أن النقاش حول النقل يتجاوز اختصاصات البرلمان، كما لو كانت وزارة الداخلية -الطرف الأساسي في الوصاية والتدبير لقطاع النقل الحضري -ليست وزارة ضمن الحكومة.

    كما ذهب كثيرون إلى أن قرار رئيس مجلس النواب في حق النائبة ريم شباط يطرح تساؤلات عميقة حول مستقبل حرية التعبير داخل المؤسسة التشريعية، وكون ذلك لا ينفصل عما طال الصحفيين والحقوقيين والمؤثرين من إجراءات التضييق، ويبدو أن الدور في ذلك قد جاء على النواب وممثلي الأمة في خطوة تعتبر مؤشراً خطيراً على محاولة إسكات الأصوات المعارضة، ويقول أصحاب هذا الرأي أنه إذا كان هذا حال البرلمان المنبر الأسمى للنقاش الحر، يشهد تقييداً بهذا الشكل، فما الذي ينتظر المشهد السياسي خارجه مستقبلاً؟

    الأحداث الأخيرة تسلط الضوء على معضلة أعمق: هل البرلمان ما زال منبراً للنقاش الحر والمسؤول، أم أنه بصدد التحول إلى ساحة لتصفية الحسابات وتقييد الحريات؟

    الأيام القادمة وحدها كفيلة بالكشف عن الإجابة.

  • رسائل سياسية من قلب البرلمان: هل يستعد حزب الاستقلال للانسحاب من التحالف؟

    رسائل سياسية من قلب البرلمان: هل يستعد حزب الاستقلال للانسحاب من التحالف؟

    في مشهد أثار الانتباه خلال جلسة الأسئلة الشهرية الموجهة إلى رئيس الحكومة يوم الاثنين 28 يناير2025،  بمجلس النواب، اختار وزراء حزب الاستقلال الجلوس في الصف الأول المخصص للفريق النيابي لحزبهم، بعيدًا عن مقاعد باقي مكونات التحالف الثلاثي الذي يضم حزب الأحرار وحزب الأصالة والمعاصرة.

    هذه الخطوة غير المألوفة داخل البرلمان أثارت تساؤلات عديدة حول مغزاها وأبعادها السياسية، وما إذا كانت إشارة إلى تغير مرتقب في علاقة الحزب بالتحالف الحكومي الحالي.

    التحرك بدا وكأنه رسالة سياسية تحمل دلالات رمزية واضحة، خصوصًا في هذا التوقيت الذي يتسم بحراك سياسي متزايد استعدادًا للانتخابات التشريعية المقبلة.

    حزب الاستقلال، المعروف بقدرته على المناورة السياسية، يبدو وكأنه يختبر إمكانية التموقع كقوة مستقلة بعيدًا عن التحالفات التي قد تُضعف حضوره الشعبي.

     ويرى متتبعون أن هذه الخطوة تعكس رغبة الحزب في إظهار استقلالية قراره السياسي، وربما الاستعداد لمرحلة جديدة خارج إطار التنسيق الحكومي الثلاثي.

    اختيار هذا التوقيت ليس عشوائيًا، بل يتزامن مع فترة حساسة تشهد فيها الأحزاب المغربية مراجعة تحالفاتها وتحركاتها الاستراتيجية.

    العلاقة بين مكونات التحالف الثلاثي لم تكن دائمًا متينة، إذ شابتها خلافات حول تدبير ملفات اقتصادية واجتماعية، مما أضعف تماسك التحالف وأثار تساؤلات حول قدرته على الصمود حتى نهاية الولاية الحكومية.

    ما حدث في الجلسة البرلمانية لا يمكن اعتباره مجرد تصرف فردي، بل يبدو أنه جزء من رؤية أوسع يعيد من خلالها حزب الاستقلال تقييم موقعه السياسي.

    هذا التحرك قد يكون إما مناورة للضغط على الشركاء الحاليين لتحقيق مكاسب سياسية، أو تمهيدًا لخروج رسمي من التحالف للتفرغ للاستحقاقات الانتخابية المقبلة برؤية مغايرة.

    الخطوة البرلمانية التي أقدم عليها وزراء حزب الاستقلال تضع المشهد السياسي أمام احتمالات مفتوحة، ومع غياب تصريحات رسمية توضح نوايا الحزب، تبقى الأيام المقبلة كفيلة بكشف حقيقة هذا التحرك، وما إذا كان بداية لتحولات سياسية كبرى أو مجرد رسالة ضغط مرحلية.

    هذا، وما حدث داخل قبة البرلمان ليس مجرد تغيير في أماكن الجلوس، بل هو مؤشر على دينامية سياسية تسبق عادة الانتخابات في المغرب.

    هذه الخطوة قد تعيد تشكيل الخريطة السياسية، وتجعل المشهد أكثر حدة وتنافسية مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية المقبلة.

  • عيد الأضحى في المغرب.. حين يتحكم الشناقة والكسابة في مصير الأضاحي!

    عيد الأضحى في المغرب.. حين يتحكم الشناقة والكسابة في مصير الأضاحي!

    قبل شهور من عيد الأضحى سنة 2024، أكد المستوردون ومربو الماشية والمسؤولون المغاربة بأن الأضاحي ستكون متوفرة بأسعار مناسبة، وأن الدعم الحكومي سيخفف العبء عن الأسر.

    لكن عندما اقترب العيد، اصطدم المواطنون بواقع مختلف تمامًا، حيث ارتفعت الأسعار إلى مستويات قياسية، وتحولت الأضحية من شعيرة دينية إلى رفاهية لا يقدر عليها سوى الأغنياء و الميسورون.

    هذا، و رغم التصريحات المتفائلة التي أكدت أن الأسعار ستتراوح بين 1500 و4000 درهم، فوجئت الأسر المغربية في الأسواق بأسعار تفوق ذلك بكثير، مما جعل اقتناء الأضحية حلماً بعيد المنال للكثيرين.

     وبينما كانت وسائل الإعلام تروج لصورة سوق متوازن ومعروض وفير، كانت الحقيقة مختلفة تمامًا، حيث وجد المواطن نفسه أمام أسعار لا علاقة لها بالوعود التي سمعها قبل العيد.

    الدعم الحكومي الذي خصص لهذا القطاع لم و لن ينعكس على جيوب المواطنين، بل سيمتهى في أيدي الوسطاء والمضاربين الذين استغلوا الأزمة لرفع الأسعار وتحقيق أرباح خيالية.

    فرغم أن الدولة سهلت الاستيراد وقدمت مساعدات لمربي الماشية، إلا أن ذلك لم يؤثر إيجابًا على الأسعار، مما يطرح تساؤلات حول من المستفيد الحقيقي من هذه الإجراءات، ولماذا لا يشعر المواطن بأي تحسن رغم كل هذه التدخلات؟

    مع استمرار الأزمة الاقتصادية والجفاف، طُرحت فكرة إلغاء عيد الأضحى هذا العام لتخفيف العبء عن الأسر التي تعاني أصلاً من ارتفاع تكاليف المعيشة.

    لكن هذا المقترح قوبل برفض شديد من “الكسابة” والمستفيدين من سوق المواشي، الذين اعتبروا أن أي تراجع في الطلب سيكبدهم خسائر مادية كبيرة.

    في المقابل، لم يسأل أحد عن حال الأسر التي تجد نفسها بين خيارين أحلاهما مر: إما الاقتراض وتحمل الديون لتوفير أضحية العيد، أو مواجهة إحراج العجز أمام أطفالها ومجتمعها.

    الأزمة الحالية لا ترتبط بندرة العرض، بل بغياب الرقابة وضعف التدبير، حيث تحولت أسواق الأضاحي إلى ساحة مفتوحة للمضاربة والاحتكار.

    فرغم الحديث عن وفرة المواشي، إلا أن الأسعار تواصل الارتفاع بشكل غير منطقي، مما يجعل من الصعب تصديق الرواية الرسمية التي تتحدث عن استقرار السوق.

    وإذا كانت الحكومة قد تدخلت بالفعل لضبط الأسعار، فلماذا لم يشعر المواطن بأي تحسن؟

    في ظل هذا الواقع، لم يعد عيد الأضحى بالنسبة لكثير من المغاربة مناسبة للفرح والتكافل، بل تحول إلى اختبار صعب للقدرة على التحمل.

    ومع استمرار هذا الوضع سنة بعد سنة، يبدو أن الأضحية أصبحت عبئًا اقتصاديًا بدلاً من كونها شعيرة دينية، في ظل منظومة تسير لصالح المضاربين وتترك المواطن وحيدًا في مواجهة أسعار لا ترحم.

  • حقق رقمًا قياسيًا في المشاهدات : حوار المهداوي وبنكيران الممتد لساعتين يكشف شغف المغاربة بالتغيير والإجابات السياسية

    حقق رقمًا قياسيًا في المشاهدات : حوار المهداوي وبنكيران الممتد لساعتين يكشف شغف المغاربة بالتغيير والإجابات السياسية

    حقق حوار مطول بين الصحفي حميد المهداوي ورئيس الحكومة المغربية السابق عبد الإله بنكيران، الذي تم نشره على قناة المهداوي، أكثر من 700 ألف مشاهدة في أقل من 48 ساعة، كما سجل أكثر من 27 ألف تعليق.

    ورغم أن مدة الفيديو تجاوزت الساعتين، إلا أن هذا الحضور الجماهيري الواسع يعكس اهتمام المغاربة الكبير بالشأن السياسي، ويظهر أن المواطنين ما زالوا يبحثون عن أجوبة لأسئلة تظل عالقة في ذهنهم حول الوضع السياسي في بلادهم.

    عبد الإله بنكيران، الذي ترأس الحكومة المغربية في الفترة بين 2011 و2017، يُعد من أبرز الشخصيات السياسية في البلاد.

    خلال فترة حكمه، واجه تحديات كبيرة تتعلق بالاقتصاد والسياسة الداخلية، وارتبطت فترة حكومته بالكثير من القرارات المثيرة للجدل.

    وعلى الرغم من تركه لمنصبه كرئيس للحكومة، إلا أن ظهوره الإعلامي لا يزال يحظى باهتمام كبير، كما هو الحال في هذا الحوار مع المهداوي.

    أما الصحفي حميد المهداوي، فهو معروف بجرأته في طرح الأسئلة واهتمامه بالقضايا التي تهم المواطن المغربي.

    الحوار الأخير كان بمثابة فرصة للمغاربة للتفاعل مع شخصية سياسية مؤثرة مثل بنكيران، حيث قام المهداوي بطرح أسئلة حساسة، وهو ما جذب الانتباه بشكل كبير.

    الفيديو الذي حقق هذا النجاح الكبير في فترة وجيزة يعكس أيضًا أن المواطنين المغاربة ما زالوا يطمحون للتغيير، ويبحثون عن إشارات أو إجابات تفسر ما يحدث في الساحة السياسية.

    لم يكن هذا الحوار مجرد حديث بين صحفي ورئيس حكومة سابق، بل كان بمثابة فرصة للكشف عن آراء وأفكار تساهم في تشكيل الرأي العام.

    العدد الكبير من المشاهدات والتعليقات يؤكد أن المغاربة ما زالوا مرتبطين بقضاياهم السياسية، ويتابعون عن كثب تطورات الوضع في البلاد.

    هذه الأرقام لم تأتِ من فراغ، بل هي مؤشر على أن هناك تعطشًا جماهيريًا لفهم ما يحدث، ورغبة في تغيير حقيقي في المستقبل.

    المواطن المغربي يسعى لمعرفة المزيد عن رؤية الشخصيات السياسية التي كانت في مواقع القرار، وبالتالي، فإن هذا الحوار يعكس ما يشعر به من حاجة لفهم واقعه والتوجهات المستقبلية للمغرب.

  • تزنيت تكرّم عبد اللطيف أعمو.. بين الوفاء للمبادئ واستمرار عقلية “الحزبي”

    تزنيت تكرّم عبد اللطيف أعمو.. بين الوفاء للمبادئ واستمرار عقلية “الحزبي”

    شهدت مدينة تزنيت، مساء السبت 25 يناير 2025، حفل تكريم الأستاذ النقيب عبد اللطيف أعمو، في مبادرة نظمها المكتب الإقليمي لحزب التقدم والاشتراكية.

    تكريم جاء تتويجًا لمسار رجل بصم المشهد السياسي بنزاهته واستقامته ووفائه للمبادئ، وهو ما جعله يحظى باحترام واسع، ليس فقط داخل حزبه، بل لدى مختلف الفاعلين السياسيين.

    لم يكن أعمو مجرد قيادي حزبي، بل سياسيًا حقيقيًا، آمن بأن العمل السياسي التزام ومسؤولية، لا وسيلة لتحقيق المصالح الضيقة.

    لكن التساؤل الذي يفرض نفسه هو.. هل كان هذا التكريم مجرد احتفال عابر أم محطة لإعادة الاعتبار لنهج الرجل؟ السياسة ليست مجرد مناسبات تُنظم فيها اللقاءات وتُلقى فيها الخطب، بل هي ممارسة يومية تترجم القيم إلى أفعال.

    وإذا كان عبد اللطيف أعمو قد ظل رمزًا للنزاهة في العمل السياسي، فإن تكريمه يضع من يعتبرون أنفسهم امتدادًا له أمام اختبار حقيقي.. هل يسيرون على خطاه، أم أنهم مجرد “حزبيين” يُتقنون لعبة الشعارات دون الالتزام بها؟

    السياسي هو صاحب رؤية، يعمل للصالح العام دون حسابات ضيقة، يضع المبادئ فوق المصالح، ويبقى وفيًا لقناعاته حتى لو كلّفه ذلك خسارة منصبه أو موقعه داخل حزبه، هو من يرى في السياسة وسيلة لخدمة المجتمع وتحقيق العدالة والتنمية، وليس مطية للوصول إلى السلطة أو ضمان الامتيازات.

     أما “الحزبي”، فهو من يجعل انتماءه الحزبي فوق كل اعتبار، يتحرك وفق مصلحة الحزب أو مصلحته الشخصية، يغير مواقفه بحسب الظروف، ويبحث عن المناصب أكثر مما يبحث عن تحقيق تغيير حقيقي في المجتمع.، السياسي يواجه، يناقش، ويصمد، بينما الحزبي يتلون، يساوم، ويتراجع عند أول اختبار.

    المشهد السياسي في تزنيت، كما في غيرها، يعكس هذه المفارقة بوضوح، فرغم تكريم شخصية سياسية وازنة مثل عبد اللطيف أعمو، إلا أن منطق “الحزبي” لا يزال مسيطرًا، حيث الشعارات ترفع دون أن تتحول إلى سلوك سياسي حقيقي.

    تكريم رجل بحجمه ليس مجرد لحظة احتفالية، بل امتحان حقيقي لمدى التزام من حوله بنهجه، فهل سيكون هذا التكريم فرصة لإحياء قيم النزاهة والاستقامة في الممارسة السياسية، أم مجرد محطة أخرى تنتهي بانتهاء الحفل؟

    الوفاء الحقيقي لعبد اللطيف أعمو لا يكون بإلقاء الخطب وتوزيع الشهادات التقديرية، بل في استمرار فكره ونهجه داخل الساحة السياسية.

    فإذا كان الرجل قد ترك إرثًا من المبادئ، فالأجدر بمن يحتفون به أن يجعلوا من هذا الإرث مرجعية لسلوكهم السياسي.

    أما إذا ظل التكريم مجرد طقس مناسباتي، فإنه لن يكون سوى ذكرى عابرة، سرعان ما يطويها النسيان مع أول اختبار حقيقي للنزاهة في العمل السياسي.

  • التصويت: السلاح الأقوى لمحاربة الفساد الانتخابي

    التصويت: السلاح الأقوى لمحاربة الفساد الانتخابي


    مع كل انتخابات جديدة، يتكرر السؤال: هل حقًا يمكن أن نُحدث فرقًا عبر التصويت؟ في ظل الإحباط من الأوضاع السياسية وانتشار الفساد، قد يظن البعض أن الامتناع عن التصويت هو الحل، لكنه في الحقيقة يُفسح المجال للفاسدين للبقاء في السلطة دون مقاومة

    لذا، فإن الإدلاء بالصوت الانتخابي ليس مجرد حق، بل هو سلاح قوي لمواجهة الفساد وإحداث تغيير حقيقي.

    ماذا يحدث إذا لم نصوّت؟

    عندما يعزف المواطنون عن التصويت، فإنهم يتركون الساحة خالية للقوى المتنفذة، التي تستفيد من قلة المشاركة لتوزيع الأصوات لصالحها.

    هذا يعني أن نفس الوجوه والسياسات قد تستمر دون تغيير، لأن الامتناع عن التصويت لا يُضعف الفاسدين، بل على العكس، يجعل مهمتهم أسهل.

    يعتقد البعض أن عدم التصويت هو نوع من الاحتجاج، لكن الواقع يقول إن ذلك يُساعد الفساد على الاستمرار. الفاسدون يعتمدون على قلة عدد المشاركين حتى يتمكنوا من الفوز بأقل جهد ممكن، فكلما قلّ عدد المصوّتين، زادت فرصة نجاحهم.

    لماذا التصويت الكثيف مهم؟

    عندما يذهب عدد كبير من الناس إلى صناديق الاقتراع، تصبح السيطرة على النتائج أكثر صعوبة بالنسبة للفاسدين. ارتفاع نسبة التصويت يجعل من الصعب التلاعب بالأصوات، ويخلق نوعًا من التوازن الذي يُحدّ من احتكار السلطة.

    كما أن المشاركة القوية تعني ظهور وجوه جديدة وأفكار مختلفة، مما يُحسّن الأداء السياسي بشكل عام.

    لكن ماذا لو لم أجد مرشحًا مثاليًا؟

    في أي انتخابات، من النادر أن نجد مرشحًا يُمثّل أفكارنا بالكامل، لكن هذا لا يعني الامتناع عن التصويت. بدلاً من ذلك، يمكن اختيار المرشح الأقل سوءًا أو الذي يحمل نوايا إصلاحية. التصويت للمرشح الأفضل بين الخيارات المتاحة هو خطوة نحو التغيير، لأنه يفتح المجال لتحسين المشهد السياسي مستقبلًا.

    كيف يُساعد التنوع السياسي على مكافحة الفساد؟

    عندما يشارك المواطنون بكثافة في الانتخابات، فإنهم يخلقون تنوعًا سياسيًا داخل البرلمان أو المجالس المنتخبة. هذا التنوع يجعل من الصعب على أي جهة واحدة السيطرة الكاملة، مما يحدّ من الفساد ويشجع على تبني سياسات أكثر عدالة وتمثيلًا لمختلف فئات المجتمع.

    التصويت مسؤولية الجميع

    الانتخابات ليست مجرد حدث عابر، بل هي فرصة لكل فرد للمساهمة في تحديد مصير بلده. إذا أردنا مستقبلًا أفضل، فعلينا أن نشارك في صنعه من خلال التصويت. كل صوت له قيمة، وكل مشاركة تُحدث فرقًا.

    التصويت ليس مجرد إجراء روتيني، بل هو أداة فعالة لمحاربة الفساد وصناعة التغيير. كلما زاد عدد المشاركين في الانتخابات، قلّت فرص الفاسدين في التلاعب بالنتائج. لذا، فإن الحل ليس في العزوف، بل في المشاركة الفعّالة لاختيار الأفضل ودفع عجلة التغيير إلى الأمام.

  • حين تصبح الأسماك شماعة للأزمات: هل حقًا تهرب من الجفاف؟

    حين تصبح الأسماك شماعة للأزمات: هل حقًا تهرب من الجفاف؟

    أثار تصريح وزير الفلاحة، أحمد البواري، بشأن أسباب ارتفاع أسعار السمك في الأسواق المغربية جدلًا واسعًا بعدما أرجع الأزمة إلى “الجفاف وقلة الأمطار في البحر”، معتبرًا أن “الأسماك تهرب”.

    هذا التفسير غير المألوف فتح باب التساؤلات حول مدى دقته، ومدى ارتباطه بالواقع الاقتصادي والبيئي، خاصة مع استمرار ارتفاع الأسعار وتأثيره المباشر على القدرة الشرائية للمواطنين.

    عادة ما يرتبط الجفاف بالمناطق البرية حيث يؤدي نقص الأمطار إلى تراجع الموارد المائية والزراعية، لكن الإشارة إلى تأثيره على البحر تطرح إشكالًا علميًا يستدعي تفسيرًا دقيقًا.

     فالبحار والمحيطات تخضع لعوامل بيئية معقدة تشمل التيارات البحرية، درجات الحرارة، والتغيرات المناخية، مما يجعل من الصعب تقبل فكرة “هروب الأسماك” كسبب رئيسي لارتفاع الأسعار.

    فهل كان الوزير يشير إلى تأثيرات التغير المناخي على المخزون السمكي؟ أم أن التصريح جاء في سياق تبرير ظرفي دون مراعاة انعكاساته على الرأي العام؟

    ارتفاع أسعار السمك ليس حالة استثنائية بل يأتي في سياق موجة غلاء شملت العديد من المواد الغذائية، ما يعكس خللًا في تدبير الأسواق وتوزيع الموارد.

    فبين تصدير كميات كبيرة من الأسماك دون مراعاة حاجة السوق الداخلية، وغياب رقابة صارمة على المضاربات، يجد المواطن نفسه المتضرر الأكبر من هذه الأزمة التي تتفاقم عامًا بعد آخر.

    التبريرات الرسمية بدل أن تقدم حلولًا حقيقية، تزيد من حالة الإحباط الشعبي، إذ يشعر المواطن بأن المسؤولين غير متصلين بالواقع المعيشي الذي يعيشه يوميًا.

    في ظل هذه الأزمة، كان من الأجدى التركيز على سياسات واقعية لضبط الأسعار وتعزيز الأمن الغذائي، بدل تقديم تفسيرات تزيد من السخط العام.

     فالمواطن المغربي ينتظر إجراءات ملموسة، مثل تعزيز الرقابة على قطاع الصيد البحري للحد من الاستغلال المفرط، وتشجيع مشاريع الاستزراع السمكي لتخفيف الضغط على المصايد الطبيعية، وإعادة النظر في سياسات التصدير لضمان توازن العرض بين السوقين المحلي والدولي، فضلًا عن ضرورة حماية البيئة البحرية من التلوث وتنظيم أنشطة الصيد الجائر.

    التصريحات الحكومية حول الأوضاع الاقتصادية يجب أن تكون مبنية على معطيات دقيقة، لأن أي تبرير غير منطقي لا يؤدي سوى إلى فقدان الثقة بين المواطن والمسؤول. فإذا كانت الأسماك “تهرب”، فمن المسؤول الحقيقي عن ذلك؟ إن تحميل الأزمات لظروف طبيعية عوض الاعتراف بأخطاء التدبير لن يقنع المواطن المغربي الذي بات أكثر وعيًا وقدرة على التمييز بين المبررات الواهية والحلول الجادة، وفي هذه الحالة، يبدو أن المسؤولية لا تقتصر على البحر، بل تمتد إلى من يدبر شؤونه الاقتصادية!

  • التحالف الثلاثي في مفترق الطرق: هل ينجح في البقاء أم يسقط في فخ الانتخابات؟

    التحالف الثلاثي في مفترق الطرق: هل ينجح في البقاء أم يسقط في فخ الانتخابات؟

    أربع سنوات مرّت بسرعة منذ أن تولى أخنوش رئاسة الحكومة في المغرب، على رأس تحالف ثلاثي ضم ثلاثة من أبرز الأحزاب السياسية: التجمع الوطني للأحرار، الأصالة والمعاصرة، والاستقلال.

    كانت البداية واعدة، إذ تجمع هذه القوى السياسية تحت راية مشروع حكومي مشترك، إلا أن السنوات الأخيرة كشفت عن تصدعات داخلية بدأت تؤثر على تماسكه، مع اقتراب الانتخابات التشريعية المقررة في 2026.

    التحالف الذي تشكل لتحقيق استقرار حكومي وتنمية اقتصادية، واجه سلسلة من الأزمات، بداية بتداعيات جائحة كورونا وصولًا إلى الأزمات الاقتصادية العالمية والمطالب الاجتماعية المتزايدة.

    رغم هذه التحديات، بقي التحالف، في الظاهر، موحدًا، متجاهلًا الانتقادات التي طالته بسبب عجز الحكومة في بعض المجالات الحيوية.

    لكن مع اقتراب نهاية ولاية الحكومة، ظهرت ملامح حملة انتخابية مبكرة، التصريحات الصادرة عن قادة الأحزاب الثلاثة تكشف عن صراع على قيادة المرحلة المقبلة. نزار بركة، الأمين العام لحزب الاستقلال ووزير التجهيز والماء، عبّر عن رغبة حزبه في استعادة موقعه الريادي في الساحة السياسية المغربية، بينما أكدت فاطمة الزهراء المنصوري، من حزب الأصالة والمعاصرة، أن “البام” مستعد لقيادة البلاد في المرحلة المقبلة.

    هذه التصريحات تمثل بداية لمرحلة جديدة من التنافس السياسي بين أطراف التحالف، مما يثير تساؤلات حول مستقبل الائتلاف وتماسكه.

    هل سيستطيع التحالف الثلاثي الحفاظ على وحدته حتى نهاية الولاية، أم أن التوترات الداخلية ستؤدي إلى انهياره؟

    الأحزاب الثلاثة، التي شاركت في صنع القرارات الحكومية، تجد نفسها اليوم في موقف دفاعي أمام الناخبين، حيث يسعى كل منها لتسويق إنجازاته وتبرير ما فشل فيه.

    تحدٍ آخر يواجه التحالف… المسؤولية الجماعية. لا يمكن لأي حزب أن يتنصل من تبعات السياسات والقرارات التي اتخذت خلال السنوات الماضية.

    المواطن المغربي أصبح أكثر وعيًا بالتفاصيل السياسية، ويدرك أن النجاحات والإخفاقات هي ثمرة شراكة جماعية بين الأحزاب الثلاثة، وأن أي محاولة لتوزيع المسؤوليات على طرف واحد ستكون محض هراء.

    الأحزاب الثلاثة تسعى الآن بكل قوتها لتوظيف حصيلتها الحكومية في الحملات الانتخابية المقبلة.

    حزب التجمع الوطني للأحرار، كحزب قائد، يواجه انتقادات شديدة من الداخل والخارج، في حين يحاول كل من حزب الأصالة والمعاصرة وحزب الاستقلال إظهار أنفسهم كبديلين قادرين على تحسين الوضع في المرحلة المقبلة.

    التوقعات تشير إلى تصاعد الخطاب السياسي في الأسابيع والأشهر القادمة، حيث سيعمل كل حزب على تعزيز صورته أمام الناخبين، غير أن الساحة السياسية في المغرب أصبحت أكثر يقظة، والمواطنون يتوقعون محاسبة شديدة، ما يجعل المهمة أصعب من المتوقع.

    بين ماضي التحالف وتطلعات المستقبل، يظل السؤال الأبرز: هل سيتجاوز التحالف الثلاثي هذا المفترق في طريقه إلى الانتخابات، أم أنه سيقع في فخ التنافس الداخلي وتداعياته؟

  • حين يتراجع الوعي وتتقدم التكنولوجيا: كيف نواجه أزمة القيم في عصر المعرفة؟

    حين يتراجع الوعي وتتقدم التكنولوجيا: كيف نواجه أزمة القيم في عصر المعرفة؟


    مع كل خطوة يخطوها العالم في مجالات العلم والتكنولوجيا، تظهر ظاهرة مقلقة تكمن في التراجع القيمي والسلوكي، وهي ظاهرة تجعلنا نتساءل: كيف يمكن للتقدم التقني أن يسير بالتوازي مع هذا الانحدار الأخلاقي؟ في وقت باتت فيه المعلومة متاحة بضغطة زر، حيث يستطيع الجميع الوصول إلى بحر من المعرفة، يبدو وكأن الفجوة بين التقدم العلمي والانحدار القيمي تتسع أكثر فأكثر.

    عصر التكنولوجيا الحديث شهد تطورات هائلة أثرت على حياتنا اليومية، من الهواتف الذكية إلى الذكاء الاصطناعي. ومع ذلك، لم يُترجم هذا التطور المادي إلى ارتقاء في السلوكيات أو تطور في القيم الاجتماعية. على العكس، نشهد تراجعًا مقلقًا يُثير أسئلة حول أسباب هذا التناقض.

    لماذا لم يواكب التطور العلمي تطورًا مماثلًا في التفكير والسلوك؟ ولماذا يبدو الإنسان أكثر تراجعًا في حكمه على الأمور رغم الأدوات المتاحة لتحليلها؟

    على الساحة السياسية، تبرز إشكالية كبرى تتعلق بمفهوم التعددية والديمقراطية. فبعدما كان يُنظر إلى المعارضة على أنها شريك أساسي في التنمية، تحولت في أذهان بعض السياسيين إلى عدو يجب تحجيمه وتخوينه.

    هذا التحول لا يشكل فقط تهديدًا للديمقراطية، بل يقوّض أسس الحوار المجتمعي. كيف يمكن لأي نظام سياسي أن يحقق التنمية بينما يُقصي كل رأي مخالف ويغلق أبواب النقاش؟

    الصحافة، التي يُفترض أن تكون لسان حال المجتمع ومرآته الناقدة، تواجه اليوم عداوة غير مسبوقة من بعض الجهات التي ترى في النقد البناء تهديدًا لها.

    بدلًا من احتضان الصحافة كأداة للإصلاح، تُدرَج ضمن قوائم الأعداء، ويُمارَس ضدها الضغط والتكميم. هذا الموقف لا يعكس فقط ضعفًا في قبول الرأي الآخر، بل يُظهر خوفًا من مواجهة الأخطاء والسعي نحو الإصلاح.

    الأكثر خطورة هو ما يسوّقه البعض من أفكار باعتبارها حقائق مطلقة لا تقبل النقاش. هذا النمط من التفكير يُعبّر عن ضعف فكري أكثر منه قوة، حيث يسعى هؤلاء إلى التغطية على عجزهم بإلغاء آراء الآخرين واحتكار الحقيقة. العمل الحقيقي مليء بالأخطاء، ولكن التحدي يكمن في تصحيحها، وليس في ادعاء الكمال.

    هل المشكلة تكمن فينا، نحن الذين لم نتمكن من ملاحقة التطور الفكري، أم أن هناك تراجعًا عالميًا في القيم الإنسانية ترك فراغًا مقلقًا؟ هذه الأسئلة لا تُطرح من باب جلد الذات، بل من باب البحث عن حلول تعيد التوازن بين التقدم العلمي والقيم الإنسانية.

    إن المرحلة الحالية تتطلب وقفة تأملية وجادة لإعادة تقييم السلوكيات والممارسات. نحن بحاجة إلى إعادة إحياء القيم التي تجعل من المعرفة وسيلة للتقدم، لا أداة للانتكاس.

    علينا أن ندرك الفرق بين النقد البناء والعداء، وبين الأخطاء الناتجة عن اجتهاد والجرائم الناتجة عن فساد. مواجهة هذه التحديات تبدأ من مراجعة الذات والعمل على تعزيز الحوار وتقبل الآخر.

    الطريق إلى التغيير لن يكون سهلًا، لكنه ضروري لبناء مجتمع يوازن بين التقدم المادي والقيم الإنسانية.