الوسم: اكتشاف الكهرباء

  • فسحة رمضان مع العلم والاختراعات الحلقة -26- .. اكتشاف الكهرباء وظهور الآلات الكهربائية

    فسحة رمضان مع العلم والاختراعات الحلقة -26- .. اكتشاف الكهرباء وظهور الآلات الكهربائية

     

    بعد اكتشاف الكهرباء، توالت الاختراعات في إنتاج وتخزين وتوزيع الكهرباء. فظهرت العديد من المعدات التي سمحت بنقل الكهرباء عبر خطوط الضغط العالي، وجعلِ المنازل مزودة بنورها. الذكاء الإنساني لم يقف عند هذا الحد، بل شرع في الاستفادة القصوى من هذا الاكتشاف الذي نقل حياة الإنسان من واقع إلى واقع مغاير مع مطلع القرن العشرين. سمح اكتشاف الكهرباء من تعزيز الأبحاث والتجارب، وهو ما أفضى إلى ظهور العديد من الأدوات الكهربائية التي جعلت الإنسانية تدخل عصر الحداثة، الأمر الذي سنتطرق له في هذه الحلقة.

    يعتبر الإبريق الكهربائي لغلي الماء من أقدم الأدوات الكهربائية المنزلية، فأول إبريق كهربائي ظهر في الولايات المتحدة الأمريكية سنة 1893. لكن الإبريق الموثوق والقابل للاستعمال الكثيف يعود لسنة 1923 من ابتكار الإنجليزي -لاَرْجْ-. وفي 1931 سيبتكر إنجليزي آخر قاطع الأمان الذي يحمي الإبريق حين يتجاوز السخان الحرارة المعهودة. وبذلك يصبح الإبريق الكهربائي منتشرا في المنازل وأحد المكونات الجديدة لأدوات المطبخ منذ ثلاثينيات القرن الماضي.

    أول ثلاجة تظهر للوجود بمدينة شيكاغو الأمريكية سنة 1913. وفي سنة 1918 سيشرع الأمريكي -ناتانييل واليس- في بيع ثلاجته للعموم. ولم تظهر الثلاجة بحرارتين تُمكن من تجميد الأغذية سوى سنة 1939 من قبل الشركة الأمريكية المعروفة جنيرال إلكتريك. هذه الأخيرة ستكون أول من سيضع في الأسواق التجارية مُحمصة الخبز (grille pain) سنة 1909. لكن محمصة الخبز كما نعرفها في عصرنا تم اختراعها من طرف الأمريكي -شارل ستريت- سنة 1918.

    يعود تاريخ غسالة الأواني إلى ما قبل حقبة الكهرباء. فأول غسالة للأواني كانت ميكانيكية وظهرت في الولايات المتحدة الأمريكية ما بين عامي 1850 و1865. غسالة الأواني الكهربائية ظهرت في الأسواق سنة 1912، والغسالة الأتوماتيكية تم الشروع في تصنيعها سنة 1940 في الولايات المتحدة الأمريكية. ولم يُشرع في تصديرها لأوروبا إلا سنة 1960. أما غسالة الملابس فقد عرفت تاريخا مغايرا. فقد كان الإنسان يستعمل آلة تشتغل بالبخار قبل أن يخترع الأمريكي -ألفا فيشير- سنة 1901 أول غسالة كهربائية. لكن تصنيع هذه الآلة بكثافة وتسويقها لم يبدأ سوى في مطلع الحرب العالمية الثانية.

    إذا كانت طحانة القهوة اليدوية قديمة قدم استهلاك الإنسان للقهوة، حيث يعود تاريخ اختراعها إلى سنة 1687، فإن الطحانة الكهربائية لم تظهر للوجود سوى سنة 1937 من طرف الشركة الأمريكية -هوبار منيفاكتورين-.

    فرن الموجات الدقيقة (Micro-Ondes) تم اختراعه بالصدفة من قبل الأمريكي -بيرسي سبينسر- الذي لاحظ ذوبان حلوى كانت في جيبه حين كان يقوم بتجارب حول انبعاث الطاقة الكهرومغناطيسية من خلال الموجات القصيرة. فقامت الشركة الأمريكية -رايثيون- التي يقوم -بيرسي- بأبحاثه لصالحها، بتطوير تلك الملاحظة التي أفضت إلى طرح الشركة لفرن الموجات الدقيقة في الأسواق سنة 1947.

    كانت هذه الآلات بمختلف وظائفها هي البداية الفعلية لانطلاق الثورة الصناعية في الآلات المنزلية، وتعزيز مجتمع العصرنة. فأصبح المخترعون يتسابقون من أجل الاستفادة من اكتشاف الكهرباء، لاختراع آلات كهربائية تساعد الإنسان في حاجياته اليومية معلنة بداية عصر الرفاهية والاستهلاك الكثيف. لم يترك المخترعون أي مجال من مجالات حاجيات الإنسان اليومية إلا وطرحوا في الأسواق آلات تناسب تلك الحاجيات. هكذا بدأت تظهر بعض الآلات التي تزيد من رفاهية الإنسان كماكينة الحلاقة الكهربائية التي اخترعها الأمريكي -جاكوب سشيك- سنة 1928، ولم تظهر هذه الآلة في الأسواق الأوروبية سوى سنة 1945. ومجفف الشعر الذي ظهر في الأسواق الأمريكية في 1920، في حين لم يُشرع في إنتاج مجفف الشعر المنزلي سوى سنة 1951. أما الشواية الكهربائية فقد اخترعها الأمريكي -شارل أمسترونغ- وتم تسويقها ابتداء من سنة 1916. مِكواة الملابس اخترعها الأمريكي -هونري سيلي- سنة 1882، لكنها لم تكن تستعمل لأن المنازل لم تكن مرتبطة بعدُ بالشبكة الكهربائية. سنة 1924 اخترع الأمريكي -جوزيف مايير- المكواة بمنظم الحرارة (Thermostat)، قبل أن تطرح شركة أمريكية المكواة بالبخار سنة 1926. وفكرة المكواة قديمة جدا، تعود جذورها إلى القرن الخامس حيث كان الصينيون يستعملون صحونا من النحاس يضعون فيها الجمر الساخن لِكَيِّ الملابس. وظلت الإنسانية تستعمل هذه الطريقة في كَيِّ الملابس حتى القرن الثامن حيث ظهرت في الغرب المكواة التي يتم تسخينها فوق الفرن في القرن 19، ثم المكواة الكهربائية في القرن 20.

    قد يعتقد الناس أن تطور رفاهية العيش يزيد مع تطور الابتكار الإنساني، لكننا لا يجب أن نغفل حقيقة أن الرفاهية مهما بلغت من تقدم، يعود الفضل فيها لشيء واحد هو ابتكار الكهرباء.

    سعيد الغماز

  • فسحة رمضان مع العلم والاختراعات الحلقة -24- .. عالم جديد بعد اكتشاف الكهرباء

    فسحة رمضان مع العلم والاختراعات الحلقة -24- .. عالم جديد بعد اكتشاف الكهرباء

    أكادير24 | Agadir24

    أجمع مؤرخو التاريخ على أن اكتشاف الكهرباء شكل حدثا فارقا في تاريخ البشرية نتج عنه عالم جديد وحياة جديدة. ويمكن أن نتحدث عن العالم ما قبل وما بعد اكتشاف الكهرباء. وجدير بالذكر أن الإنسان اكتشف الكهرباء ولم يخترعها، لأن الكهرباء كانت نتيجة اكتشاف الظواهر الكهربائية الموجودة في الكون، ولم يتم اختراعها من عدم. في حين تهم الاختراعات البشرية في هذا المجال طُرق إنتاج الكهرباء وتخزينها وتوزيعها. يسود الاعتقاد لدى الكثيرين أن الكهرباء مرتبط بتوماس أديسون نظرا لشهرة هذا الاسم. لكن الكهرباء ليس كباقي الاكتشافات والاختراعات المرتبطة باسم واحد أو مخترِع معين. فظهور الكهرباء عرف تطورات متتالية، ومراحل متعاقبة، اشتغل فيها العديد من العلماء. وهو ما سنوضحه باختصار شديد وبالتأكيد على أهم المحطات وأبرز المبتكرين.

    تعود جذور مراقبة الظواهر الكهربائية إلى الحقبة اليونانية. فقد تحدث عن هذه الظواهر كل من الفيلسوف طاليس وأرسطو. لكن الفيزيائي البريطاني -ويليام جيلبير- هو من قام بأول دراسة علمية للجذب الكهربائي في القرن 16. وفي 1650 سيتمكن المهندس والفزيائي الألماني -أوتو فون غيريك- من صناعة أول آلة قادرة على إنتاج الكهرباء. وكان لهذه الآلة دور كبير في تحفيز العلماء على القيام بمختلف التجارب في هذا الصدد. لكن اكتشاف الفزيائي الإنجليزي -ستيفان كراي- لخاصية المُوصِل الكهربائي (Conductibilité électrique)، سيعطي دفعة جديدة للأبحاث في الكهرباء. ففي سنة 1729، سيلاحظ كراي أن المعادن التي تسمح بمرور الكهرباء، تُصبح مُكهربة إذا قمنا بعزلها. الأمر الذي جعله يكتشف إمكانية نقل الكهرباء.

    بعد اكتشاف كراي، ستقود التجارب والأبحاث التي قام بها الفرنسي -فرانسوا دوفاي- في 1733، إلى اكتشاف وجود نوعين من الكهرباء، واحدة خاصة بالأجسام الشفافة، والأخرى خاصة بالأجسام اللزجة. هكذا بدأت العلوم الفزيائية تتحدث عن السالِب والموجِب في الكهرباء. وفي 1745 سيكتشف العالَم إمكانية تخزين الكهرباء، وهو الاكتشاف الذي يعود إلى الهولندي -بيتروس فان- الذي ابتكر إمكانية تخزين الكهرباء الناتجة عن آلة كهربائية. كان هذا الابتكار يحمل اسم “قنينة لِيدِي” نسبة إلى المدينة وُلد فيها المخترع. في السنوات التي أعقبت هذا الاختراع، اعتاد الناس على تعريض أجسامهم لقنينة ليدي من أجل الإحساس بصدماتها الكهربائية (التي كانت خفيفة)، وكانت هذه العملية كنوع من الترفيه والمتعة. هكذا كانت البدايات الأولى لظهور البطاريات التي ستفسح المجال على مصراعيه لظهور مختلف الأدوات التي نستعملها حاليا.

    إلى حدود هذه الاكتشافات، كانت معلومات البشرية حول الكهرباء بسيطة وبدائية، لكنها ستساهم في ظهور أول خط كهربائي لتزويد المنازل بالكهرباء. بدأت الحكاية بابتكار الإنجليزي -هونري كافينديش- العلاقة بين كمية الكهرباء المُخزنة ودرجة كهربة الناقل الكهربائي، كان ذلك سنة 1772. هذه العلاقة ستُمكن الفزيائي -شارل كولومب- سنة 1785 من ابتكار نظريته الشهيرة في الكهرباء المعروفة بقانون كولومب (loi de coulomb) التي تعكس التفاعل الكهربائي بين جسمين. ابتكار أول بطارية كهربائية يعود للفزيائي الشهير -فولتا- الذي استند إلى تجارب -لويجي كالفاني-. هذا الأخير سيلاحظ سنة 1786 خلال تجاربه، أن تعريض عضلات ضفدعة ميِّتة لنوعين من المعادن، يجعل هذه العضلات تنقبض. فولتا عرف كيف يُطور هذه التجربة للبرهنة على أن الكهرباء يمكن أن تكون متنقلة بين جسمين لخلق تيار كهربائي. كما أنه برهن على أن الطاقة الكيميائية يمكن تحويلها إلى طاقة كهربائية، وهو ما أفضى إلى اختراع بطاريته الكهربائية سنة 1800. بطارية فولتا ستُمكِّن من قياس ضغط الكهرباء الذي جعل أول “فولتميتر” يظهر للوجود معلنا حقبة جديدة من الابتكارات. إلى جانب ابتكار فولتا، سيضع الفزيائي -خاميس بريسكوت جول- نظريته المعرفة بتأثير جول (Effet Joule) والتي تتجلى في الحرارة التي تنبعث من المعادن حين مرور التيار الكهربائي عبرها. هذه النظرية كانت وراء ظهور السخان الكهربائي، كما أن القاطع الكهربائي (Fusible) يرتكز على هذه النظرية كذلك، وهو ما عزز الأمان في استعمال التيار الكهربائي.

    توالت الاختراعات والابتكارات في مجال الكهرباء على يد العديد من المخترعين كأومبير وفراداي وزينوب وويليام ستانلي وجيبس وغيرهم، وهي الابتكارات التي سمحت للفرنسي -مارسيل ديبريز- من القيام بأول تجربة لنقل الكهرباء عبر خطٍّ للضغط العالي (Ligne à haute tension)، يوم 25 شتنبر من سنة 1882 في ألمانيا. نجاح هذه التجربة هو ما جعلنا نعيش حاليا في منازل مزودة بالكهرباء، ومؤثثة بمختلف الآلات الكهربائية.

    سعيد الغماز

     

     

Exit mobile version