نيران الهشاشة: إسرائيل تستنجد بأوروبا لمواجهة حرائق القدس

خارج الحدود

agadir24 – أكادير24

في مشهد يندر تكراره، ضربت إسرائيل كارثة طبيعية قاسية، حيث اجتاحت حرائق هائلة مناطق واسعة في قلب البلاد، وامتدت ألسنة اللهب بشكل خاص في محيط القدس. خلّفت هذه النيران حالة من الذعر الشديد بين السكان، الذين وجد الآلاف منهم أنفسهم مجبرين على ترك منازلهم والفرار تحت سماء ملبدة بالدخان الكثيف والنيران المتصاعدة.

المثير للصدمة في هذا الحدث هو التناقض الصارخ الذي كشف عن ضعف غير متوقع لدى دولة اعتادت التباهي بقوتها العسكرية وقدرتها على شنّ الغارات في مناطق متعددة. فبينما تمتلك إسرائيل ترسانة عسكرية متطورة تستخدمها في عملياتها ضد غزة وسوريا ولبنان، وجدت نفسها عاجزة أمام قوة النيران، مما اضطرها إلى طلب المساعدة بشكل عاجل من دول أوروبية.

وكما هو معتاد في خضم الأزمات الداخلية، سارع مسؤولون إسرائيليون إلى توجيه أصابع الاتهام بشكل عشوائي نحو الفلسطينيين. يأتي هذا الاتهام على الرغم من اعتراف قائد فرق الإطفاء في منطقة القدس، شموليك فريدمان، بأن السلطات “لا تملك حتى الآن أي معلومات مؤكدة عن سبب اندلاع هذه الحرائق، ولا يوجد لديها أي دليل يشير إلى الجهة المسؤولة عنها”.

لكن، وبغض النظر عن هذا التصريح الواضح، سارعت وسائل الإعلام الرسمية إلى تداول أخبار عن اعتقال ثلاثة فلسطينيين من القدس. وفي تطور لافت، أدلى وزير “الأمن القومي” المتطرف إيتمار بن غفير بتصريحات خطيرة طالب فيها بإعدامهم على الفور، متجاوزًا بذلك أي إجراءات تحقيق أو أسس قانونية.

وفي صورة تعكس مدى صعوبة الوضع، اضطرت إسرائيل إلى نشر أكثر من 120 فريق إطفاء و12 طائرة في محاولة يائسة للسيطرة على النيران. ورغم هذه الجهود المكثفة، فشلت في احتواء الأزمة المتفاقمة، مما دفعها إلى طلب الدعم من بلغاريا وقبرص واليونان وإيطاليا.

تسببت هذه الحرائق المدمرة في إغلاق الطريق السريع الحيوي رقم 1 الذي يربط بين تل أبيب والقدس. وشوهدت مشاهد مؤثرة لمئات المسافرين الذين تركوا سياراتهم على الطريق وفروا سيرًا على الأقدام وسط الدخان الكثيف الذي غطى المنطقة.

كما طالت تداعيات الحرائق احتفالات “يوم الاستقلال” الإسرائيلي، حيث تم إلغاء جميع الفعاليات، بما في ذلك الاحتفال الرئيسي الذي كان مقررًا إقامته مساء الأربعاء في القدس. وأعلنت وزيرة المواصلات ميري ريغيف عن تأجيل هذه الاحتفالات “نظرًا للظروف الطارئة والخطيرة”.

وامتد تأثير الحرائق إلى القطاع الصحي، حيث بدأت مستشفيات مثل “هداسا” في إجلاء المرضى الذين لا تستدعي حالاتهم تدخلًا عاجلًا، وذلك تحسبًا لأي تطورات سلبية قد تحدث. وأشارت التقارير إلى إصابة 22 شخصًا بحالات اختناق، وتم نقل 12 منهم إلى المستشفى لتلقي العلاج اللازم.

ومع حلول الليل، استمرت النيران في الانتشار دون توقف، وسط تحذيرات جدية من أن الرياح القوية التي قد تصل سرعتها إلى 100 كيلومتر في الساعة ستزيد من حدة الكارثة وتوسع نطاقها، في ظل عجز إسرائيل الواضح عن السيطرة على الوضع حتى الآن.

وهكذا، كشفت ألسنة اللهب عن حقيقة ربما لم تستطع كاميرات الدعاية العسكرية إظهارها: دولة تسعى للهيمنة على منطقة بأكملها، لكنها تتهاوى أمام شرارة نار بسيطة في غابة.

التعاليق (0)

اترك تعليقاً