شهدت أسهم كبرى الشركات الأمريكية خلال الأيام الماضية تراجعًا ملحوظًا، عقب إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن فرض تعريفات جمركية جديدة على أكثر من 60 دولة. وقد انعكس هذا القرار بشكل مباشر على السوق، حيث فقدت العديد من الأسهم قيمتها، ووصل بعضها إلى مستويات منخفضة غير مسبوقة منذ أشهر.
ويعتقد متابعون أن ما يحدث في السوق الأمريكي حاليًا لا يعني بالضرورة أزمة مالية، بل يمثل فرصة حقيقية أمام المستثمرين الراغبين في شراء الأسهم بأسعار منخفضة قبل عودتها المحتملة إلى الارتفاع، وهو ما يجعل الفترة الحالية “نافذة ذهبية” للاستثمار في أسهم الشركات العملاقة.
لماذا يُنظر إلى تراجع الأسهم الأمريكية كفرصة استثمارية؟
وفق محللين ماليين، فإن التراجع الحالي في أسعار الأسهم الأمريكية لا يعكس تراجعًا في أداء الشركات نفسها، بل هو رد فعل مؤقت على قرارات سياسية واقتصادية، ما يجعل من هذا الانخفاض فرصة للشراء قبل أن تستعيد الأسواق عافيتها. ويُرجَّح أن تعود الأسهم إلى مسارها الصاعد خلال الأشهر المقبلة، خاصة مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأمريكية، وإعادة ترتيب الأولويات الاقتصادية.
وفي هذا السياق، قال أحد أساتذة الاقتصاد، خلال حصة دراسية ألقاها في مدرسة ثانوية أمريكية، إن “المستثمر الذكي هو من يشتري عندما يكون السوق في أدنى مستوياته، لأن التعافي قادم لا محالة”، معتبرًا أن ما يحدث الآن مشابه لدورات سابقة شهدت تعافيًا سريعًا بعد التراجعات.
كيف يمكن الاستفادة من هذه الفرصة الاستثمارية؟
الاستفادة من الفرص الاستثمارية في سوق الأسهم لا تقتصر على المستثمرين الكبار أو المحترفين، بل هي متاحة أيضًا لصغار المستثمرين، شريطة التحلي بالحكمة والصبر والتخطيط الجيد. في البداية، من المهم أن يبدأ المستثمر بتحديد أهدافه المالية، هل يسعى لتحقيق دخل إضافي على المدى القصير، أم يطمح لبناء ثروة على المدى الطويل؟ هذا التحديد يساعد في اختيار نوعية الأسهم والاستراتيجية المناسبة.
الخطوة التالية هي اختيار منصة تداول موثوقة، حيث توجد العديد من المنصات الإلكترونية التي تتيح فتح حسابات استثمارية بسهولة، وتوفر أدوات تحليل تساعد المستثمر في اتخاذ قرارات مبنية على البيانات والمعطيات. كذلك، يُنصح بعدم استثمار كامل الرأسمال دفعة واحدة، بل توزيعه على مراحل وفقًا لحركة السوق، وهي تقنية تُعرف بـ”الشراء المتدرج”، وتقلل من تأثير تقلبات الأسعار المفاجئة.
من جهة أخرى، من المفيد دائمًا تنويع المحفظة الاستثمارية، أي عدم وضع كل الأموال في سهم أو قطاع واحد، بل توزيعها على أكثر من مجال لضمان تقليل المخاطر. كما يُفضل متابعة الأخبار الاقتصادية العالمية، وتحليلات الخبراء، وفهم أساسيات التحليل المالي، لأن السوق لا يتحرك بالعشوائية، بل يتأثر بعوامل اقتصادية وسياسية متداخلة.
وعلى الرغم من أن الأسواق تتسم بعدم اليقين، فإن المستثمر الذكي هو من يستطيع قراءة المؤشرات والاستفادة من اللحظات التي يتراجع فيها السوق دون أن يعني ذلك انهيارًا اقتصاديًا. بل على العكس، فإن فترات التراجع المؤقت تمثل في كثير من الأحيان بداية لمسار صعودي قوي، يمكن استغلاله لتحقيق أرباح كبيرة خلال أشهر أو سنوات قليلة فقط.
ما هي القطاعات الواعدة في السوق الأمريكي حاليًا؟
في ظل التغيرات الجيوسياسية والاقتصادية، برزت بعض القطاعات في السوق الأمريكي كوجهات استثمارية جذابة، لما تتمتع به من استقرار نسبي وقدرة على النمو في المستقبل القريب. أول هذه القطاعات هو قطاع التكنولوجيا، الذي يُعد العمود الفقري للاقتصاد الأمريكي حاليًا، بفضل الابتكارات المتواصلة في مجالات الذكاء الاصطناعي، الحوسبة السحابية، وتطوير البرمجيات. شركات كبرى مثل آبل ومايكروسوفت وإنفيديا لا تزال تحافظ على زخمها القوي رغم التراجع المؤقت في أسعار أسهمها.
القطاع الصحي أيضًا يعتبر من المجالات الواعدة، خصوصًا بعد التحولات التي فرضتها جائحة كورونا، والتي أعادت ترتيب أولويات الحكومات والمؤسسات الاستثمارية نحو تطوير البنية التحتية الصحية والابتكار في العلاجات والأدوية. الاستثمار في شركات التكنولوجيا الحيوية والمعدات الطبية يمكن أن يكون خيارًا جيدًا على المدى المتوسط والطويل.
أما قطاع الطاقة، وبالخصوص الطاقة النظيفة، فهو يشهد حاليًا اهتمامًا كبيرًا نتيجة التوجه العالمي للحد من انبعاثات الكربون والانتقال نحو مصادر طاقة مستدامة. شركات مثل تسلا وغيرها من الشركات المتخصصة في السيارات الكهربائية والطاقة الشمسية تجد دعمًا متزايدًا من السياسات الحكومية والقطاع الخاص.
كما يُلاحظ تحسن في أداء قطاع الخدمات المالية، خاصة مع تغير السياسات النقدية وارتفاع معدلات الفائدة، مما أعاد الزخم لبعض المؤسسات البنكية وشركات التأمين. هذا القطاع يمكن أن يستفيد من التغيرات الحاصلة في السياسات الاقتصادية الأمريكية والعالمية.
أخيرًا، لا يمكن إغفال قطاع البنية التحتية، الذي قد يشهد انتعاشًا مهمًا في حال تنفيذ خطط استثمارية ضخمة في الولايات المتحدة، خصوصًا مع الوعود المتكررة من صناع القرار بضخ استثمارات عمومية في مشاريع النقل واللوجستيك والرقمنة.
التعاليق (0)