وضع تأخر التساقطات المطرية الموسم الفلاحي، وخصوصا محصول الحبوب، على المحك، حيث تسبب الوضع القائم في تأخر كبير في عمليات الإنتاج الفلاحي، بما في ذلك الحرث والتسميد.
ومنذ بداية خريف 2024 يعاني المغرب من فترة جفاف طويلة، إذ لم تسجل تساقطات في العديد من المناطق الفلاحية المهمة لمدة شهرين متتاليين، ليشكل هذا الغياب الطويل للأمطار مصدر قلق كبير للمناطق البورية، التي تعتمد على الزراعة المطرية للحبوب، مثل الشاوية وعبدة والمناطق الأخرى في الوسط والجنوب.
في هذا السياق، أجمع العديد من الخبراء والمهنيين على أن الظروف المناخية الحالية تسببت في فقدان ثلث دورة الحبوب بالفعل، مؤكدين أنه حتى مع هطول الأمطار بغزارة في الأسابيع القادمة، فإنها لن تكون كافية لتعويض هذا التأخير.
وأوضح هؤلاء أن التساقطات المحتملة قد تتمكن من ترطيب الطبقات السطحية للتربة فقط، في حين ستبقى الطبقات العميقة التي تغذي جذور المحاصيل جافة، ما يهدد نمو المزروعات بشكل خطير.
وبالإضافة إلى الظروف المناخية غير المواتية، يواجه الفلاحون زيادة كبيرة في تكاليف المدخلات الفلاحية، بحيث وصل سعر قنطار القمح اللين إلى 400 درهم، بينما تجاوز سعر قنطار القمح الصلب 600 درهم.
وأقلقت هذه الزيادة في الأسعار الكثير من الفلاحين الذين أصبحوا يترددون في الاستثمار في البذور، نظرا لعدم اليقين المناخي، فضلا عن أن هذه الزيادة أثرت أيضا على قدرات الإنتاج في ظل مناخ اقتصادي صعب.
وأمام هذا الوضع، أصبح العديد من الفلاحين يفضلون عدم زراعة المحاصيل، بدلا من المخاطرة بفقدان استثمارهم، في ظل تأثر بدائل فلاحية أخرى، مثل البقوليات والعلف، بالجفاف، ما حد من خيارات التنوع الفلاحي المتاحة أمامهم.
وتسلط هذه الوضعية الضوء على الضعف الذي يعانيه القطاع الفلاحي، رغم أهميته الإستراتيجية في الاقتصاد الوطني، إذ يظل عرضة للصدمات المناخية، باعتبار أن نقص الأمطار والحرارة المرتفعة بشكل متكرر يزيدان من المخاطر التي تهدد محصول الحبوب.
وعززت هذه المعطيات توقعات بنك المغرب الصادرة خلال آخر الاجتماعات الفصلية لمجلسه الإداري بتراجع القيمة المضافة الفلاحية بنسبة 4.6 في المائة هذه السنة، على أساس عودتها للارتفاع بنسبة 5.7 في المائة خلال 2025، و3.6 في المائة برسم 2026، مع فرضية محاصيل حبوب قدرها 50 مليون قنطار.
التعاليق (0)