وجد ثلاثة من رجال الشرطة التابعين لمنطقة أمن “المهدية” ضواحي القنيطرة أنفسهم في وضع محرج للغاية، عندما عجزوا عن الإدلاء بتصريحات متطابقة أثناء الاستماع إليهم كشهود أمام القاضي عبد الرزاق الجباري، خلال الجلسة التي انعقدت، أول أمس الخميس، بالمحكمة الابتدائية بالقنيطرة، للنظر في قضية يتابع فيها شاب بجنحة الاتجار في المخدرات، ظل يصرح طيلة مراحل التحقيق معه أن معتقليه لفقوا له هذه التهمة ودسوا له قطعا من مخدر الشيرا بهدف توريطه.
لقضية التي زلزلت أركان ولاية أمن القنيطرة، شهدت فصولا مثيرة انطلقت منذ أولى جلسات الاستماع إلى المتهم “أيوب ب” من طرف المحكمة، لما صرح بأن محضر المعاينة، الذي حرر في حقه حين اعتقاله بأحد المقاهي بدعوى اتجاره في المخدرات، يتضمن معلومات غير صحيحة ولايمت للحقيقة بصلة، وأضاف، والدموع تنهمر من عينيه، “ما جاء في محاضر الشرطة غير صحيح بالمرة”، مشيرا إلى وجود شاهد يؤكد تصريحاته، وهو ما دفع القاضي “الجباري” إلى استدعاء هذا الأخير لاستجلاء الحقيقة كاملة.
واتخذت أطوار جلسة أول أمس تورد “المساء” منحى خطيرا حينما اطلع القاضي رجال الأمن، الذين حرروا محضر الإيقاف والمعاينة، على ما جاء على لسان الشاهد الذي عزز إفادته بقرص مدمج يوثق بالصوت والصورة عملية إيقاف الشاب “أيوب”.
و يظهر فيه أن الشرطي الذي ألقى القبض على المتهم لم يعثر بداية على أي مخدرات بحوزته بعد تفتيشه، وأنه سيتجه فيما بعد إلى أحد أركان المقهى ويحمل معه قطعا صغيرة من المخدرات، ثم يتوجه بها صوب المتهم ويضع الأصفاد في يديه بحجة أن تلك الممنوعات تم العثور عليها في جيبه.
وردا على تلك التصريحات، تشبث محررو محضر الإيقاف والمعاينة بأقوالهم السابقة وصرحوا بأن كمية المخدرات وجدت بحوزة المتهم في المقهى، قبل أن تتناقض أقوالهم، مباشرة بعد مواجهتهم في القاعة بشريط “فيديو”، ليتراجع الأول عن تصريحه الأول.
ويؤكد أن المخدرات عثر عليها بالسيارة بعد اقتياد المتهم إليها، وهو ما جعل المحكمة تقتنع بكون محضر الإيقاف والمعاينة غير مطابق للحقيقة، وينطق القاضي ببراءة المتهم بجنحة حيازة المخدرات والاتجار فيها.