هل سينعكس انخفاض أسعار النفط العالمية على محطات الوقود بالمغرب؟

الاقتصاد والمال

سجلت أسعار النفط في الأسواق العالمية، تراجعاً حاداً تجاوز 3%، لتصل إلى أدنى مستوياتها منذ أبريل 2021، في ظل تصاعد التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، ومخاوف من ركود اقتصادي عالمي، إلى جانب استمرار تحالف “أوبك+” في تنفيذ خطة لزيادة الإنتاج.

ففي حدود الساعة 06:25 بتوقيت غرينتش، هبطت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط إلى 60.23 دولار للبرميل، فيما تراجع خام برنت إلى 63.81 دولار، وهو ما أعاد النقاش داخل المغرب حول ما إذا كانت هذه التراجعات ستنعكس على أسعار المحروقات بمحطات الوقود الوطنية.

السوق المغربي.. خصوصية معقدة

رغم الترابط الظاهري بين أسعار النفط الخام في الأسواق العالمية وسعر بيع المحروقات بالتجزئة في المغرب، إلا أن الواقع يكشف عن علاقة أكثر تعقيدًا. فالمغرب لا يدعم أسعار المحروقات منذ تحريرها في سنة 2015، وأصبحت الأسعار تُحدد وفقاً لشركات التوزيع التي تعتمد على آليات تسعير تأخذ بعين الاعتبار عوامل متعددة، أبرزها سعر البرميل، وسعر صرف الدولار مقابل الدرهم، وتكاليف النقل والتخزين، إضافة إلى هوامش الربح.

وفي هذا السياق، يرى محللون أن انخفاض سعر البرميل لا يترجم بالضرورة إلى انخفاض فوري في الأسعار داخل السوق المحلي، بل قد يتطلب الأمر عدة أسابيع، تبعًا لتوقيت اقتناء الشحنات من الأسواق الدولية، والعقود التجارية التي قد تكون أبرمت مسبقاً بأسعار أعلى.

هل نتوقع انخفاضاً وشيكاً؟

يرجح بعض المهنيين أن يشهد المغرب انخفاضاً طفيفاً في أسعار الغازوال والبنزين خلال الأسابيع المقبلة، إذا ما استمرت الأسعار العالمية في التراجع بنفس الوتيرة، خصوصاً إذا اقترنت بانخفاض سعر صرف الدولار مقابل الدرهم، الذي يشكل بدوره عاملاً أساسياً في كلفة الاستيراد.

لكن، وبحسب إفادات متطابقة لمسؤولين في قطاع المحروقات، فإن أي تخفيض محتمل “لن يكون بنفس حدة الانخفاض في الأسواق العالمية”، مرجعين ذلك إلى “التركيبة المعقدة لتسعير المحروقات، وسياسة التخزين، وهوامش الربح المعتمدة من طرف الفاعلين”.

غياب آلية لتقنين الأسعار

من جهة أخرى، يُنتقد غياب آلية رقابية تلزم الفاعلين بتمرير انخفاضات السوق العالمية إلى المستهلك المغربي، إذ يلاحظ المواطنون أن الأسعار ترتفع بسرعة بمجرد ارتفاع سعر البرميل، بينما لا تنخفض بالسرعة نفسها عند تراجعه.

وسبق لمجلس المنافسة أن دعا في تقاريره السابقة إلى إرساء آليات واضحة وشفافة لتسقيف هوامش الربح، وتنظيم القطاع بما يضمن حماية المستهلك، وهو ما لم يتم تفعيله إلى اليوم، رغم الجدل المجتمعي المتواصل حول الموضوع.

هذا، ورغم التراجع الكبير الذي شهدته أسعار النفط اليوم، فإن انعكاس ذلك على السوق المغربي سيظل رهينًا بعدة عوامل داخلية وخارجية، ولن يكون فورياً أو بنفس الحدة.

ويظل الأمل معقوداً على تعزيز الشفافية في القطاع، وتفعيل توصيات مجلس المنافسة لضمان توازن عادل بين مصالح الفاعلين الاقتصاديين وحقوق المستهلك المغربي.

التعاليق (0)

اترك تعليقاً