هذا المقال من رأي الكاتب، ولا يعبر بالضرورة عن توجه أكادير 24.

مول المليح باع و راح …و بقيت الجزائر تبيع الوهم في قاعدتها الجامعية

كُتّاب وآراء

بقلم : أحمد بومهرود باحث في الإعلام و الصناعة

يبدو أن النظام الجزائري، وبعد أن فقد بوصلته السياسية والدبلوماسية، قرر أن يستمر في عرض مسرحيته القديمة بعنوان: “القضية الصحراوية: آخر ما تبقى من مجدٍ وهمي”.
فبعد أن انكشفت اللعبة أمام العالم، وبعد أن تهاوت الأكاذيب أمام الحقائق، لم يجد النظام العسكري ملاذًا سوى أن يعود إلى الداخل، ليعيد بثّ الحلقة المكررة ذاتها، لكن هذه المرة في قاعة جامعية، وبحضور الطلبة بدلاً من الجمهور الدولي الذي غادر القاعة منذ زمن.

  • جامعة تتحول إلى مسرح

ها هي جامعة وهران 2 تفتح أبوابها لما سُمِّي “ملتقى دولياً حول مآلات قضية الصحراء الغربية”. ملتقى يفترض أنه علمي، لكن كل شيء فيه كان يدل على أنه سياسي بامتياز.
أوراق بحثية تحاول أن تُلبس السياسة ثوب الأكاديمية، ومداخلات تُعيد تدوير الخطاب الرسمي الذي شاخ ولم يعد يقنع أحداً.
الحضور كان خجولاً، والمضمون أكثر خجلاً، لأن الجميع يعرف أن القضية لم تعد “ملفاً للنقاش”، بل أصبحت ورقة خاسرة في يد نظام يصرّ على اللعب بها رغم احتراقها.

  • نظام تائه… بلا جمهور ولا بوصلة

لقد أدرك النظام الجزائري أن العالم لم يعد يشتري تذاكر لهذه المسرحية.
فالقضية التي كانت تُستعمل كورقة ضغط لم تعد تُقنع أحداً. المبادرة المغربية أصبحت المرجعية الواقعية والوحيدة، والمجتمع الدولي بات يتحدث عن التنمية والاستقرار لا عن الأوهام والانفصال.
حينها، لم يجد النظام سوى العودة إلى الداخل، علّه يجد بين الطلبة من يصفق له، أو من يصدّق أن “العدو الخارجي” لا يزال موجوداً.
لكن يبدو أن حتى هؤلاء الطلاب، الذين يعيشون البطالة وانسداد الأفق، باتوا أكثر وعياً من أن ينخدعوا بخطابٍ عتيقٍ يبيعهم شعارات في زمن الإنترنت.

  • نهاية الحلم الأطلسي

لقد انتهى الحلم الذي روّج له العسكر منذ عقود: “إطلالة الجزائر على المحيط الأطلسي ”.
حلمٌ كان يُساق إليه المال والجهد والدبلوماسية، قبل أن ينكشف أنه مجرد سراب على رمال تندوف.
فالأطلسي لم يقترب شبراً، بل ابتعد أميالاً. والعالم لم يمدّ جسراً إلى الوهم، بل مدّ يده إلى الواقع، حيث التنمية والشرعية والسيادة المغربية على كامل التراب الوطني.
وما بقي من ذلك الحلم سوى خريطة باهتة، تُعرض في ملتقيات أكاديمية لا يسمع بها أحد.

  • المرتزقة… عبءٌ بعد انتهاء الخدمة

أما المرتزقة الذين جرى استيرادهم لعقود من مختلف الدول الإفريقية تحت لافتة “اللاجئين الصحراويين”، فقد أصبحوا اليوم عبئاً ثقيلاً على كاهل الجزائر.
فالعالم ضاق ذرعاً بهذه الورقة، والمساعدات تقلصت، والتمويلات تجف، والمرتزقة الذين تربّوا على الوهم بدأوا يدركون أن من وعدهم بـ”الدولة” لم يكن إلا يستعملهم كورقة ضغط في معركة خاسرة.
النظام الآن يبحث عن مخرجٍ لهم كما يبحث عن مخرجٍ لنفسه، لكن الأبواب كلها مغلقة، لأن الحقيقة لا تُخدع مرتين.

  • “مول المليح باع وراح”

وفي النهاية، لا يسعنا إلا أن نهمس في أذن صانعي هذه المسرحيات من خلف الستار:
“مول المليح باعوراح”…
لم تعد القضية في يدكم ، ولا القرار في عاصمتكم. العالم تجاوز الخطاب الخشبي، والمغرب تجاوز مرحلة الدفاع إلى البناء والتنمية.
أما أنتم، فما زلتم تكررون نفس المشهد منذ نصف قرن، كمن يرقص على موسيقى لم تعد تُعزف.

  • خاتمة

لقد انتهت المسرحية، ولم يبق سوى صدى أصوات في قاعة فارغة.
جامعة وهران 2 لم تحتضن ندوة علمية بقدر ما احتضنت مرثية لنظام فقد البوصلة، وما زال يصرّ على أن يعلّم الأجيال القادمة كيف يعيش الماضي، لا كيف يصنع المستقبل.

التعاليق (0)

اترك تعليقاً