لم تكن ملاعب قطر مسرحاً للجمل الرياضية وبتعابيرها البادخة ولمساتها الفنية في التهديف كما في التوزيع.. في المداعبات الفردية كما التكتيك الجماعي.. إذ يدافعون على العرين بشراسة يهاجمون بعنفوان الذاهب نحو الانتصار
هي أنغام سنفونية عزفها الأسود طيلة الدور الأول من هذا العرس الكروّي العالمي.. وصوت الأزير يوقظ فينا هذا المارد الذي لا يرضى إلاّ بأكثر من الخيلاء
ثلاث مقابلات قدّم فيها الأسود عروضا فنيّا وبهذا المستوى العالي من اللعب النظيف والمؤدب واسلوب تواصل راق للمدرب مع اللاعبين أو في ما بينهم
أوليست الرياضة أخلاق وقيم قبل كل شيء..!؟
هي العروض التي لا يرفع الستار عنها إلاّ بعد اهتزاز المدرجات الحمراء على أنغام النشيد الوطني وبأكثر من 40 الف متفرج مغربي وبصوت واحد ومدوّ يعلنون للعالم ان بلدنا منبث الأحرار ومرشداً للانوار..حتّى أصبحت لازمة افتتاحية لجل مقابلات منتخبنا الوطني جعلت مختلف وسائل الإعلام الدولية تنتبه إلى هذا الشعور الوطني الإستثنائي والمتميز لدى المغاربة دفع أغلبية المدونين العالميين تقاسم هذه اللحظة مع متابعيهم من خلال البث المباشر بل دفع فضول البحث عن مضامين ودالالات هذا النشيد الذي استطاع أن يفجر كل هذا الحماس الوطني المنقطع النظير..
ولم يتنه الطور الأول من المونديال حتّى تقاطرت على منصات التواصل الإجتماعي ومثلها في اليوتوب والتويتر ترجمات النشيد المغربي وترديده باللغة الإنگليزية والفرنسية وغيرها.. بل جنسيات آسيوية حاولت تكييف جهاز الصوتي مع ايقاعات هذا النشيد الذي تأهل بدوره إلى الثمن النهائي والى ما بعده إن شاء الله..
هم المغاربة هناك في رقعة المغرب كما المدرجات وديما المغرب..
هم أيضا خارج الملعب وبكل فضاءات الدوحة ومدنها التى تحوّلت إلى مسارح مفتوحة للفرجة بطابعها المغربي الأصيل..إن على مستوى الاهازيج وبمختلف الإيقاعات المغربية إلى استعراض وعرض الهوية الوطنية المتنوعة عبر اللباس التقليدي للمرأة والرجل من طنجة إلى عمق الصحراء.. ليبصموا مونديال قطر بهذه اللمسة الهوياتية التي توسّعت بعد التأهل إلى فريق مغاربي وعربي وأفريقي..
وكم كان المشهد رهيبا ورائعا حين تقاسم معنا الإخوة والأشقاء وفي أكثر من عاصمة متعة الانتصار ولذة الإحتفال..
ما أروع هذه الساحرة التي تجمعنا في الأفراح فقط.
وفوق الأروع تلك القيم الأخلاقية والدينية التي حملتها لنا صورة أشرف حكيمي وهو يقبّل رأس أمّه بعد نهاية المقابلة حتى أن الفيفا قالت على حسابها في التويتر
( حماس وأمومة وبنوّة وقبلة مغربية في حبّ الوطن بعد الإنتصار التاريخي على بلجيكا.. حكيمي ووالدته كانا نجمي اليوم أمام عدسات المصورين)
نعم هو اشرف حكيمي الذي لا يخجل من ماضيه المتواضع رغم أنّه أصبح أغلى لاعب مغربي من حيث القيمة السوقية.. وهو بهذا الوفاء والبر لوالديه يقدم باعتباره نجماً رسالة تربوية وأخلاقية لناشئتنا إن على مستوى البر بالوالدين والإحسان إليهم.. وعدم التنكر اوالخجل من ماضيهم الأسرى أو الاجتماعي..
في المجمل عشنا مع هذه النخبة الوطنية لحظات انفعالية مكثّفة بجوهر الانتماء وحقيقة المشترك بيننا تحت سقف الوطن.. بشعار الله الوطن الملك