صعّد الكونغرس الأمريكي من لهجته تجاه جبهة البوليساريو الانفصالية، بعدما طرح نائبان أمريكيان مشروع قانون لتصنيف الجبهة منظمة إرهابية، في ظل تقارير أمنية تتحدث عن صلات مشبوهة تربطها بجماعات متطرفة تنشط بمنطقة الساحل والصحراء، إلى جانب دعم عسكري ولوجستي مزعوم من إيران.
هذه الخطوة التشريعية أثارت تفاعلاً واسعًا داخل أوساط الخبراء والمحللين، الذين اعتبروها تحوّلًا استراتيجيًا في الموقف الأمريكي، من شأنه أن يعيد ترتيب التوازنات الإقليمية ويضع الجزائر، الداعم الرئيسي للبوليساريو، في مأزق قانوني وسياسي أمام المجتمع الدولي.
وأكد شادي البراق، الخبير الدولي في إدارة الأزمات، أن إدراج البوليساريو في لوائح الإرهاب الأمريكية “يعكس وعيًا عالميًا متزايدًا بزيف السردية الانفصالية”، ويمثل رسالة قوية إلى الجزائر مفادها أن دعم كيان مسلح خارج القانون الدولي لم يعد مقبولًا في ظل التهديدات الإقليمية المتزايدة. وشدد المتحدث على أن هذا المشروع التشريعي “ينتمي إلى القوانين ذات التوافق الحزبي بين الجمهوريين والديمقراطيين”، ما يعزز وزنه داخل المنظومة السياسية الأمريكية.
في السياق ذاته، نبّه الباحث في العلاقات الدولية جواد القسمي إلى أن الخطوة تحمل أبعادًا أمنية مرتبطة بوجود تقارير عن تداخل البوليساريو مع جماعات إرهابية، وأخرى سياسية تندرج ضمن منطق استكمال الاعتراف الأمريكي بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية. وأكد القسمي أن المشروع يبعث رسالة صريحة للجزائر بأن استمرار دعمها للجبهة الانفصالية يعرّضها لعقوبات محتملة.
وعلى الصعيد الأوروبي، جدد الاتحاد الأوروبي، يوم الجمعة 27 يونيو 2025، تأكيده الرسمي بأن “لا الاتحاد ولا أي من دوله الأعضاء يعترفون بالجمهورية الصحراوية المزعومة”، وذلك ردًا على الجدل الذي أثير بشأن مشاركة ممثل الجبهة في اجتماع وزاري بين الاتحاد الأوروبي والاتحاد الإفريقي في روما.
وأوضح المتحدث باسم الشؤون الخارجية بالاتحاد الأوروبي أن الطرف الإفريقي هو من يوجه الدعوات لأعضائه، نافياً بشكل قاطع أن يكون الاتحاد الأوروبي قد وجّه أي دعوة للكيان الانفصالي، مؤكداً أن “موقف الاتحاد الأوروبي واضح ومستقر ولا يتغير بحضور أو غياب هذا الكيان في الاجتماعات”.
وتُجمع آراء الخبراء على أن هذه التطورات المتزامنة تمثّل فرصة دبلوماسية حاسمة للمغرب لتعزيز مشروعيته الدولية واستثمار الوضع الجديد لصالح التنمية والاستثمار في أقاليمه الجنوبية. كما يُتوقع أن تؤدي إلى تقليص تحركات البوليساريو على الساحة الدولية، وتزيد من الضغوط على الجزائر لإعادة تقييم دعمها لكيان صار يصنّف في خانة الجماعات المهددة للسلم والاستقرار الإقليميين.
التعاليق (0)