تشهد مدينة تارودانت التي تنتصب وسط سهل سوس وتحيط بها سلسلتين جبليتين هما الأطلسين الكبير و الصغير ، أهم تظاهرة دينية وثقافية على الصعيدين الوطني والإفريقي “الموسم السنوي للمدارس العتيقة “و الذي دأبت مؤسسة سوس للمدارس العتيقة على تنظيمه منذ سنة 2013، ويشكل هذا الموسم فرصة للعشرات من المدارس الدينية المنتشرة باقليم تارودانت والتي تهتم بتعليم العلوم الدينية والشرعية على طريقة المذهب المالكي و يطلق عليها هنا في المغرب اسم المدارس “العتيقة “كمقابل للمدارس العصرية التي عرفها المغرب مع دخول الاستعمار خلال القرن 19م،الى جانب مشاركة مدارس اخرى مماثلة من أقاليم سوس عموما ومن مختلف مناطق المغرب .
وتؤكد مؤسسة سوس للمدارس العتيقة أن هذا الموسم السنوي الذي تنظمه المؤسسة هو فرصة لطلبة المدارس العتيقة في التعارف وتبادل الأفكار والمعارف والتنافس في التحصيل العلمي ، إضافة الى تعريف عموم الناس بأنشطة المدارس وجهودها في تأطير الشباب المغربي وتخريج الأُطر الدينية التي ستسهم بإيمان وإخلاص في القيام بالمهام المنوطة بها في الحفاظ على ثوابت المملكة الدينية والوطنية .
ويبقى أن نؤكد أن الاهتمام الذي أصبحت توليه الدولة للتعليم العتيق الذي كان شبه مهمل ومنسي قد جاء على اثر التنبه الذي فطنت له الدولة مبكرا لما يلعبه التعليم الديني في حياة المواطن المغربي ، ولما قد يشكله من انزلاقات ان هو ترك هكذا دون تحصين من التيارات المذهبية المتحجرة والمتعصبة التي عششت بالمشرق العربي والبلدان الأسيوية الأخرى ، فكان هذا الاستدراك الذي قامت به الدولة وانطلاقا من تارودانت التي تعتبر عاصمة التعليم الاسلامي الأصيل و(العتيق) بامتياز فرصة للتصالح مع هذا التعليم العتيق الذي حفظ للأمة هويتها على مدى القرون الماضية .
ولأهمية ذالك فقد خصصت المؤسسة عدة دورات للموسم السنوي تضمنت ندوات علمية ، خصصت لدراسة الثوابت المغربية الراسخة ، حيث خصصت الدورة الأولى سنة ١٤٣٤هجرية/2013م للمذهب المالكي ، فيما دارت الثانية سنة1435ه/2014م حول الإمامة العظمى ، وتمحورت الثالثة سنة1436ه/2015م حول العقيدة الأشعرية ، عقيدة أهل السنة والجماعة ، وتأتي الدورة الرابعة لهذه السنة 1437ه/2016م لتستكمل مسيرة دراسة الثوابت الوطنية ، بدراسة التصوف السني العملي الذي عرف به المغرب والمغاربة منذ القدم .
فهل سينتهي العمل هنا ام أن العناية والاهتمام المعلن عنهماسيتطوران في أفق تحسين الجانب المادي لهذه المدارس العتيقة والمشرفين عليها والطلبة على السواء؟
تارودانت :
أحمد الحدري