أكادير24
مرة أخرى، يخلق بارون مخدرات محكوم بعشر سنوات سجنا الحدث في محكمة جرائم الأموال بالرباط، فبعد أسابيع فقط على تفجيره فضائح بالغة الخطورة مرتبطة بقضية التهريب الدولي للمخدرات الرائجة منذ سنتين بمحكمة الاستئناف بالرباط ويتابع فيها أكثر من 50 مسؤولا أمنيا ودركيا، حيث صرح أمام الهيئة القضائية بغرفة الجنايات الابتدائية في محاكمة متهمين في الاتجار الدولي للمخدرات وكولونيلات في الدرك، أنه ساهم في تهريب ما يناهز 423 طن من المخدرات إلى إسبانيا، ودخل حوالي 18 مرة إلى التراب الإسباني آمنا، عاد أول أمس الأربعاء، ليحبس أنفاس مسؤولين أمنيين وتجار مخدرات محكومين بعقوبات سجنية تتجاوز في مجموعها 160 سنة، في مواجهة حارقة حضرها كل المتهمين والعشرات من المحامين المؤازرين لهم.
وكما توقع الجميع، ذكرت “يومية الأخبار” أن المتهم المنحدر من منطقة شتوكة ايت باها ضواحي أكادير ( م.م) المدان أيضا بعشر سنوات سجنا في قضية مخدرات بأكادير سنة 2016، ومثلها بمحكمة الاستئناف بالرباط قبل سنة، شرع في توزيع اتهامات جد خطيرة على سبعة متهمين يعتبر أربعة منهم قطب الرحى في هذه القضية، إضافة إلى كولونيل في الدرك كان يشغل منصب قائد جهوي بأكادير ومتابع في حالة اعتقال في نفس القضية. ورغم تعهد رئيس الهيئة القضائية بغرفة جرائم الأموال الاستئنافية الرميلي للمتهم بضمان المحاكمة العادلة ورغم إشارات الاطمئنان التي ظل يتقاسمها معه طوال أطوار الجلسة باسم الهيئة، حول أحقيته في الإدلاء بكل تصريحاته بكامل الأريحية وفق الضمانات القانونية المخولة له، إلا أنه سقط في ارتباك وتناقضات مكشوفة استغلها أكثر من 10 محامين، وكل المتهمين الذين نالوا الحظ الأوفر من اتهاماته الخطيرة، في محاصرته وإبراز هذه التناقضات، امتدت لاتهامه من طرف أحد المتهمين الرئيسيين في هذا الملف والمحكوم ابتدائيا ب12 سنة سجنا بإخضاعه لعملية ابتزاز في مبلغ 330 مليون سنتيم من أجل إسقاطه من لائحة المهددين باعترافات يدعي أنها مدمرة وخطيرة، وهي التهمة التي عززها بعض المتهمين، حيث أكدوا أن المتهم المصرح يتقن فن الابتزاز عبر وساطات خارجية، وحتى قبل الدخول لقاعة المحاكمة.
وعلى مدى ساعة ونصف تقريبا، عدد البارون السوسي تفاصيل كل عمليات التهريب الدولي للمخدرات التي نفذها خلال الفترة الممتدة بين 2009 و2016، انطلاقا من الداخلة وأكادير والبيضاء في اتجاه الشمال والجنوب الإسباني، والتي كان يقدرها تارة ب10 عمليات وأحايين كثيرة ب423 طنا، وأكد أن تنفيذ هذه العمليات كانت تسبقه اجتماعات تنسيقية محكمة، داخل ضيعات ومستودعات بأكادير والداخلة، ويشرف عليها تجار مخدرات كبار من مالكي الشحنات ومستقبليها بالشمال وإسبانيا، وكولونيل جهوي للدرك بالمنطقة جرى اعتقاله لاحقا، كان يتكلف بتأمين مسارات التهريب محليا، حسب قوله.
المتهم وبناء على أسئلة الهيئة القضائية ودفاع المتهمين، دقق في توصيف سيناريوهات شحن أطنان المخدرات من مستودعات الداخلة وأكادير، في شاحنات ومقطورات مخصصة للنقل والتصدير الدولي للأسماك والطماطم والفواكه، وكيف يتم استبدالها بمقطورات أخرى محملة بالمخدرات في مخازن ضخمة بمديونة نواحي البيضاء نسب ملكيتها لمتهمين بجانبه نفوا جملة وتفصيلا ادعاءاته، وتطرق للحماية الأمنية التي كانت تؤمن له على طول الطريق وتجاوزه للسدود القضائية والمراقبين بسلام بإيعاز من كولونيل، قبل وصول المخدرات إلى مصالح الجمارك والولوج إلى إسبانيا بسلام.
وبدا لافتا أن حرص الهيئة بسعة صدرها على تمتيع المتهم بالوقت الكافي للتصريح بأقواله، قابله ذكاء كبير في الانقضاض على تناقضات مكشوفة في تصريحاته، وقف عندها رئيس الجلسة والمستشارون وممثل النيابة العامة، والمحامون، حيث تمت محاصرته في أكثر من مرة، خاصة في ما يرتبط بتصريحاته المبالغ فيها حول تغاضي الدرك والأمن عن نقل كميات ضخمة من المخدرات تتجاوز حمولتها 420 طن من الداخلة إلى طنجة وإسبانيا دون إخضاعها للمراقبة، كما وجد المتهم نفسه محرجا وهو يعجز عن تبرير صحوته المتأخرة في الكشف عن تصريحاته وعلبته السوداء التي وصفها بالخطيرة، والتي كان يمهد لها بعمليات ابتزاز فضحها “بارون” معتقل عندما أكد أنه لغاية يوم المحاكمة طلب منه المتهم مبلغا ماليا قدره ب330 مليون سنتيم، كما صرح متهم آخر أنه ابتزه في مبلغ 120 مليون سنتيم، ومبالغ مالية مضاعفة من باقي المتهمين.