إن ليلة القدر من الليالي المباركة التي اختصها الله سبحانه من بين الليالي ليُنزّل فيها القرآن الكريم وتكون العبادة فيها خيرا من عبادة ألف شهر.
هذا، وقد ذكر في سبب تسمية هذه الليلة أن الله سبحانه يقدّر فيها ويكتب ما سيجري في ذلك العام، وقيل أيضا إنّها سميت بالقدر نسبة إلى الشرف، كأن نقول فلاناً ذا قدر عظيم أي ذو شرف وشأن عظيمين، وقيل لإن العبادة فيها لها قدر عظيم.
الحكمة من إخفاء ليلة القدر
أخفى الله تعالى الطاعة الأفضل حتّى يُقدم الإنسان على فعل جميع الطاعات، وأخفى غضبه في المعاصي لبيتعد عنها الإنسان جميعا، وأخفى اسمه الأعظم ليعظّم الإنسان جميع أسمائه، وكذلك أخفى ليلة القدر ليعظم المسلمون جميع ليالي رمضان.
هذا، ويرى عدد من العلماء أن معرفة ليلة القدر يجعل الإنسان يُقدم على العبادة والدعاء في تلك الليلة فقط، أمّا عدم علمه بيومها فسيجعله يُقدم على العبادة في جميع أيّام شهر رمضان، خاصّة في العشر الأواخر منه.
وبالتالي، فقد أخفى الله سبحانه وتعالى ليلة القدر حثًّا للصائمين على مضاعفة العمل في الشهر الفضيل، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يجتهد في طلبها في العشر الأواخر من رمضان، وقد اختلف الفقهاء في تعيينها.
متى تحل ليلة القدر؟
دلّت الأحاديث الصحيحة عن رسول الله ﷺ أن هذه الليلة متنقلة في العشر الأواخر، وليست في ليلة معينة منها دائمًا، فقد تكون في ليلة إحدى وعشرين، وقد تكون في ليلة ثلاث وعشرين، وقد تكون في ليلة خمس وعشرين، وقد تكون في ليلة سبع وعشرين، وهي أحرى الليالي، وقد تكون في تسع وعشرين، وقد تكون في الأشفاع.
هذا، ومن قام ليالي العشر كلها إيمانًا واحتسابًا أدرك هذه الليلة بلا شك، وفاز بما وعد الله أهلها، وقد كان النبي ﷺ يخص هذه الليالي بمزيد اجتهاد لا يفعله في العشرين الأولى من شهر رمضان المبارك.
فضل ليلة القدر
إن من أعظم فضائل ليلة القدر هو أنها تساوي ألف شهر، أي ثلاثًا وثمانين سنة وأربعة أشهر، ما يعني أن هذه الليلة الواحدة أفضل من عمر طويل يعيشه إنسان ما.
هذا، وقد وردت في السنة أحاديث جمة في فضل ليلة القدر، والتماسها في العشر الأواخر، ففي صحيح البخاري من حديث أبي هريرة: “من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه” ( رواه البخاري في كتاب الصوم).
وإلى جانب ذلك، فقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من الغفلة عن هذه الليلة وإهمال إحيائها، فيحرم المسلم من خيرها وثوابها، فيقول لأصحابه وقد أظلهم شهر رمضان : “إن هذا الشهر قد حضركم، وفيه ليلة خير من ألف شهر، من حُرِمَها فقد حُرِم الخيرَ كله، ولا يُحرم خيرها إلا محروم”.
(رواه ابن ماجه من حديث أنس، وإسناده حسن كما في صحيح الجامع الصغير وزيادته -2247).