خيب قانون المالية لسنة 2026 آمال آلاف المتقاعدين المغاربة بعد أن غاب عنه أي إجراء ملموس لتحسين قيمة المعاشات، رغم الانتظارات الكبيرة لهذه الفئة من المجتمع التي تعيش منذ سنوات تحت وطأة تجميد معاشاتها.
ويرى المتقاعدون أن ربط رفع المعاشات بإصلاح أنظمة التقاعد في المغرب، الذي لم يراوح مكانه منذ سنوات، لا يعدو كونه محاولة للتهرب من معالجة ملفهم، في ظل تأكيدهم على عدم وجود علاقة مباشرة بين الموضوعين.
ومنذ أكثر من 25 سنة، يعيش المتقاعدون على وقع تجميد معاشاتهم في الوقت الذي كانت فيه الزيادات في الأسعار وتكاليف المعيشة تتزايد بشكل مطرد.
ورغم مطالبهم المتكررة للحكومة بالتحرك لمراجعة هذه المعاشات، اكتفت الحكومة في “مالية 2025” بإعفاء المعاشات من الضريبة على الدخل، وهو ما اعتبره المتقاعدون إجراء غير كاف ويخدم فئات قليلة تمتلك معاشات مرتفعة بالفعل.
وفي هذا السياق، كشف المصطفى البويهي، رئيس فيدرالية المتقاعدين المغاربة، أن “هذه الفئة كانت تتطلع إلى أن يحمل قانون المالية الذي صادق عليه مجلس النواب في قراءة ثانية إجراءات عملية من أجل تحسين معاش المتقاعدين المغاربة”، غير أن “الحكومة لم تستجب لانتظارات المتقاعدين الذين يلتمسون منذ سنوات رفع تجميد المعاشات”.
وفيما يخص حديث وزيرة الاقتصاد والمالية، نادية فتاح، عن إدماج تحسين معاشات المتقاعدين ضمن خطة الحكومة لإصلاح أنظمة التقاعد، أكد البويهي أن “الموضوعان منفصلان تماما، لأن تحسين المعاشات شيء وإصلاح أنظمة التقاعد شيء آخر”.
وشدد ذات المتحدث على أن المتقاعدين على يقين أن الحكومة لن تقترب من هذا الملف الحارق في ما تبقى من عمرها لكونه ملف يحيط به الجدل منذ سنوات، مبرزا أن “تقييم تعامل الحكومة مع هذا الملف ينم عن تهرب من تحمل المسؤولية لإيجاد حل يرفع أزيد من ربع قرن من تجميد معاشات المتقاعدين، لا في القطاع العام أو الخاص”.
وأشار الفاعل النقابي إلى أن “قانون المالية لسنة 2026 حمل عددا من الامتيازات لفئات مختلفة، خصوصا الشركات في ما يتعلق بالضرائب والتسهيلات الجبائية، إلا أن الحكومة لم تفكر في إجراءات مماثلة تحسن دخل المتقاعد الذي جمد منذ سنوات”.
واعتبر البويهي أن جميع الدول التي تحترم المتقاعدين تربط الزيادة في المعاشات بأي زيادة في أجور الموظفين المزاولين وفق الاتفاقات الاجتماعية، مسجلا أن “المغرب من بين الاستثناءات القليلة التي لا تعمل بهذه القاعدة”.
وخلص رئيس الفيدرالية إلى أن المتقاعدين اليوم يقودون لقاءات وتحركات مع الأحزاب السياسية الممثلة في البرلمان من أجل القيام بمبادرة تشريعية من أجل تعديل القانون رقم 011/71 المتعلق بالمعاشات المدنية في خطوة تروم رفع الحيف الواقع على المتقاعدين، مع المطالبة بإقرار زيادة في المعاشات تعيد لهم جزءا من حقوقهم التي فقدوها طيلة سنوات.
وختاما، يبدو أن ملف المعاشات المجمدة في المغرب ما زال يمثل تحديا كبيرا للحكومة، التي تتأرجح بين وعود الإصلاح وتقديم حلول ملموسة، إلا أن استمرار تدهور الوضع المعيشي للمتقاعدين يزيد من الضغط على الحكومة للتعامل مع هذه القضية من خلال إجراءات عملية وملموسة.
