لماذا تخلى بوتين عن دعم إيران في حرب 12 يومًا؟ مصالح روسيا تقلب المعادلات

ir ru jpg خارج الحدود

agadir24 – أكادير24

في خضم التصعيد العسكري الخطير بين إيران وإسرائيل خلال ما بات يُعرف بـ”حرب 12 يومًا”، أثار موقف روسيا تساؤلات عميقة حول حدود تحالفها الاستراتيجي مع طهران، خاصة مع غياب أي دعم عسكري مباشر من موسكو، واقتصار الموقف الروسي على تصريحات دبلوماسية وتحذيرات سياسية.

ففي الوقت الذي عبّر فيه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف عن دعم بلاده لوقف إطلاق النار، محذرًا في الوقت ذاته من هشاشته، اعتبرت روسيا الضربات الأمريكية والإسرائيلية “غير قانونية”، لكنها لم تترجم هذا الموقف إلى تحرك ميداني، مما دفع مراقبين إلى وصفه بـ”التخلي الرمزي”.

وتُجمع تقارير دولية على أن هذا الموقف الروسي جاء نتيجة لتقاطع عوامل استراتيجية وجيوسياسية دقيقة، جعلت الكرملين يختار سياسة الصمت المدروس على حساب الوفاء بتحالفاته المعلنة.

أول هذه العوامل يتمثل في العبء الثقيل الذي تتحمله موسكو في حربها المتواصلة بأوكرانيا، حيث تعتمد على الطائرات المسيّرة الإيرانية (Shahed-136)، والتي استهدفت إسرائيل جزءًا من مواقع إنتاجها خلال القصف، مما أضرّ بخط إمداد حيوي لروسيا. ومع بدء تطوير قطاع الطائرات الروسية بدعم صيني، تراجع الاعتماد على إيران، ما قلّص الحاجة إلى المخاطرة بدعم مباشر لطهران في نزاعها مع إسرائيل.

ثانيًا، تبيّن لروسيا أن من مصلحتها الإبقاء على توازن هش في الشرق الأوسط، حيث يشكل التصعيد المفرط تهديدًا مباشرًا لمصالحها الحيوية في سوريا، ولا سيما القواعد العسكرية في طرطوس وحميميم، فضلًا عن تهديد استقرار أسواق الطاقة التي تعتمد عليها موسكو لتخفيف أثر العقوبات الغربية.

كما أن دخول روسيا بشكل مباشر في دعم إيران كان سيُعرّضها لاحتمال فرض عقوبات غربية إضافية، ويقوّض أي فرصة للتفاوض مع الاتحاد الأوروبي أو الولايات المتحدة حول ملفات استراتيجية كإمدادات الغاز، والتحويلات البنكية، ومسار أوكرانيا.

وفي تفسير ثالث، اعتبرت موسكو أن دعم إيران في هذه اللحظة قد يُفقدها علاقاتها المعقدة مع إسرائيل، التي تعتبر شريكًا أمنيًا غير معلن في ملفات متعددة، منها التنسيق العسكري في الأجواء السورية، والحفاظ على أمن منشآت روسية في البحر الأبيض المتوسط.

وبحسب وكالة رويترز، اكتفت موسكو بإدانة الضربات الغربية ووعدت بتقديم دعم دبلوماسي لطهران. في المقابل، لم يُفعّل الاتفاق الاستراتيجي الموقع بين موسكو وطهران في يناير، نظرًا لكونه لا يتضمن بندًا صريحًا للدفاع المشترك، ما يعني غياب أي التزام قانوني أو عسكري تجاه إيران في حال تعرضها لهجوم خارجي.

روسيا اختارت الانسحاب التكتيكي من دائرة الصراع الإيراني–الإسرائيلي، مفضّلة الحفاظ على توازن مصالحها بين طرفين متناقضين، والرهان على الدبلوماسية بدل الانخراط العسكري المكلف. موقف يعكس براغماتية روسية متزايدة في عالم يتغير بسرعة، لكنه يكشف أيضًا حدود ما تسميه طهران بـ”التحالف الاستراتيجي” مع موسكو.

التعاليق (0)

اترك تعليقاً