بقلم: أحمد بومهرود باحث في الإعلام و الصناعة الثقافية
بين خيامٍ مهترئة تتساقط ألواحها مع أول هبّة ريح، وبين طوابير مذلة تمتد لنيل رغيف لا يسد الجوع، يرتفع في الرابوني مشهدٌ يفضح كل شيء:
قصر فاحش يشيّده ابن بطوش تحت حماية النظام العسكري الجزائري، فيما يُترك الصحراويون ليموتوا ببطء.
إنه ليس فسادًا… إنه استعبادٌ موصوف.
ليس إهمالًا… بل تعمدٌ للتركيع.
والأخطر: رغم أن المقاربة الأممية الحديثة أصبحت واضحة، وميلها نحو حل واقعي سقطت معه أسطوانة الانفصال، ما تزال الجزائر والجبهة تمارسان الاحتجاز وكأن الزمن لم يتغير.
ولذلك نقولها صراحة:
اتركوا الصحراويين المغاربة يلتحقون بوطنهم… فقد انتهى زمن المتاجرة بهم دوليًا وإقليميًا.
- تشييد قصر… بينما تُدفن الكرامة تحت الخيام
القصر الذي يُبنَى اليوم هو واحد من أكبر الإهانات في تاريخ المنطقة.
تقارير الفساد، تهريب المساعدات، التحويلات المالية المُظلمة… كلها تتم برعاية أجهزة النظام الجزائري التي توفر الحماية الكاملة للمشروع الانفصالي.
كيف لشاحنات الرخام والخشب الفاخر أن تمر بسلاسة وسط “أزمة إنسانية”؟
لأن الأزمة ليست حقيقية… بل أداة للنهب والإثراء.
ولأن الهدف ليس الحل… بل منع الناس من العودة إلى المغرب مهما كلّف الأمر.
- مخيمات تموت… وقيادة ترقص فوق الخراب
في المخيمات:
- ماء لا يكفي،
- دواء غير موجود،
- غذاء لا يصلح للحياة،
- شباب تائه،
- نساء محطّمات.
وفي المقابل، في الرابوني:
أسوار شاهقة، أرضيات لامعة، أثاث فاخر…
مشروع ملوك لا يجرؤون حتى على مواجهة شعوبهم.
هذه ليست مفارقة… هذه صفعة متعمّدة، وإهانة مقصودة.
بل إن المحتجزين لم يعودوا يطلبون حياة كريمة؛
إنهم يطلبون فقط حقهم الطبيعي في العودة إلى وطنهم المغرب بعد أن أكدت التوجهات الأممية أن الحل الواقعي هو ما يجب العمل بهو ليس الأساطير القديمة.
- مساعدات تُنهَب… وبمباركة عسكرية جزائرية
المساعدات التي تُرسل لإنقاذ المحتجزين تتحول إلى حسابات خاصة، وإلى ثروات تُهرَّب، وإلى قصور تُبنى.
التحذيرات الدولية تتكرر… والسرقة تتكرر.
لماذا؟
لأن النظام العسكري الجزائري هو المستفيد الأول من استمرار الملف مُعلّقًا.
لا يريدون حلاً.
لا يريدون فتح المخيمات.
لا يريدون رقابة.
ولا يريدون أن يسمع أحد صوت الصحراويين حين يقولون:
“نريد العودة إلى المغرب”.
- الجزائر… الراعي الرسمي لكل الخروقات
لم يعد الصمت مجرد تواطؤ…
إنه إدارة كاملة لجريمة سياسية وإنسانية.
كل ما يقع داخل المخيمات، من منع التنقل إلى تحويل المساعدات، يتم بعلم المؤسسة العسكرية الجزائرية.
بل إن الجزائر هي التي تمنع أي حل واقعي، رغم أن التوجه الأممي الأخير حسم بأن الحلول الخيالية لا مستقبل لها.
لكن النظام العسكري لا يعيش بالحلول… بل بالأزمات.
لا يعيش بالاستقرار… بل بالفوضى التي يصنعها.
- قصر ابن بطوش… شهادة وفاة مشروع الانفصال
الرواية الانفصالية انتهت.
انتهت عندما أصبحت الحلول الواقعية هي الإطار الدولي المقبول.
وانتهت عندما انكشف أن القيادة الانفصالية تعيش كالملوك، بينما من تزعم الدفاع عنهم يعيشون كضحايا حرب لم يخوضوها.
القصر الذي يُبنى اليوم هو أكبر اعتراف بفشلهم:
لا “تحرير”،
لا “دولة”،
لا “مشروع”.
فقط مصالح شخصية محمية بقرار سياسي من النظام الجزائري.
كيف يُمنع الناس من العودة إلى وطنهم ، بينما كل العالم يعرف أن الحل الواقعي واضح؟
كيف يُحتجز الآلاف لإطالة عمر مشروع مات منذ سنوات؟
- الخلاصة… انتهى زمن الكذب
القصر الذي يرتفع في الرابوني ليس مبنى…
إنه فضيحة سياسية وإنسانية.
إنه إعلان عن سقوط المشروع الانفصالي، وافتضاح دور النظام الجزائري في صناعته وتمديده.
المحتجزون لا ينتظرون “استفتاء” وهمي ولا وعودًا كاذبة…
إنهم ينتظرون فقط أن يُفتح لهم الطريق نحو وطنهم.
والكلمة التي باتت تُرعب الجزائر والجبهة اليوم هي:
اتركوا الصحراويين المغاربة يلتحقون بوطنهم… فقد انتهى زمن المتاجرة بالبشر.


التعاليق (0)