فضيحة الشواهد الجامعية.. النقيب أعمو: الفساد يُهدد كيان المجتمع وثقة المغاربة في المؤسسات

Abdellatif Ouammou مجتمع

agadir24 – أكادير24

خصصت أسبوعية “الوطن الآن” عددها 1081 الصادر اليوم الخميس 29 ماي 2025، لملف الفساد في ضوء فضيحة بيع الشواهد الجامعية، تحت عنوان: “حتى لا يتحول الفساد إلى حزب الدمار الشامل للمغرب”، حيث حاورت النقيب والأستاذ الباحث عبد اللطيف أعمو، الذي قدّم قراءة معمقة لدلالات القضية وانعكاساتها الخطيرة على المنظومة الأكاديمية والثقة المجتمعية.

الفساد أصبح بنيويًا ويهدد التماسك الاجتماعي

في تعليق له على فضيحة بيع الشهادات الجامعية، اعتبر النقيب أعمو أن الأمر لا يقتصر على القطاع الجامعي، بل يعكس ظاهرة أوسع تشمل الانتخابات، المستشفيات، المناصب، والإدارات، حيث أصبحت “اللّهفة واللهطة” عنوانًا بارزًا لوضع عام يُسيء لصورة البلاد، ويُقوض أسس التعاقد المجتمعي.

وأشار المتحدث إلى أن تقارير وطنية ودولية تؤكد منذ أزيد من ست سنوات تراجع تصنيف المغرب في مجال محاربة الفساد، مشددًا على أن ما حدث أخيرًا يكشف عن تهديد مباشر لكيان المجتمع المغربي وحق المواطنين في الترقية والمساهمة في التنمية وفق مبدأ تكافؤ الفرص.

وحذر النقيب من أن استمرار الفساد وتحوله إلى ظاهرة بنيوية سيضرب ثقة المواطن في المؤسسات، لافتًا إلى أن الأزمة الحالية أفرزت ردود فعل شعبية قوية، خاصة مع التغطية الواسعة لقضية الشواهد المزورة.

نظام جامعي بسرعتين وتهديد لمبدأ تكافؤ الفرص

وانتقد أعمو التوجه الحكومي الحالي في إصلاح التعليم العالي، والذي يُكرس – حسب تعبيره – نظامًا جامعيًا بسرعتين: الأول يتمثل في الجامعة ذات الاستقطاب المفتوح، التي تستقبل آلاف الطلبة من أبناء الفئات الهشة، والثاني يتمثل في “جامعة التميز” التابعة للقطاع الخاص، والتي لا تستوعب إلا نسبة ضئيلة من الطلبة رغم إمكانياتها.

وحذّر المتحدث من أن هذا التوجه يُنتج فجوة اجتماعية تُعزز الإقصاء وتُوفر بيئة خصبة لانتشار الفساد، كما يُعمق الإحساس بالظلم لدى الشباب، ويضعف فرص النجاح بناء على الاستحقاق.

وأوضح أعمو أن فقدان الثقة في مؤسسات التعليم العالي بسبب تفشي الغش والمحسوبية ينعكس سلبًا على الطلبة المجتهدين، الذين يُساوَون في سوق الشغل مع حاملي شهادات مزورة أو غير مستحقة، مما يُضعف مصداقية منظومة الكفاءة ويُسيء إلى صورة الجامعة المغربية محليًا ودوليًا.

ولوج غير مستحق لمناصب حساسة وأزمة في الثقة

وأشار المتحدث إلى أن من أخطر تداعيات فضيحة الشهادات، ولوج أشخاص غير مؤهلين إلى مناصب في التعليم والصحة والإدارة والعدل، مما يُقوض مبدأ تكافؤ الفرص ويُؤثر على جودة الخدمات العمومية والخاصة، محذرًا من أن هذه الممارسات تُغذي مشاعر الإحباط واليأس لدى الشباب، وتُكرّس فقدان الثقة في مؤسسات الدولة.

أجهزة رقابة متعددة لكنها غير فعالة

وعن سبب استمرار تفشي الفساد رغم وجود مؤسسات رقابية كالمجلس الأعلى للحسابات، والهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة، والنيابة العامة، اعتبر أعمو أن هذه الأجهزة تُواجه تحديات كبرى، من أبرزها ضعف الاستقلالية، ومحدودية صلاحيات التدخل، وتأثير الضغوط السياسية والاقتصادية.

وسجّل النقيب أن تقارير الهيئة الوطنية ومحاربة الرشوة تكشف عن صعوبة المقاربة الوقائية، بسبب الطابع المتداخل والمعقد للفساد، كما أن تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لمحاربته ما زال يُعاني من ضعف التنسيق وتدني تحقيق الأهداف.

ووفق تقرير منظمة “ترانسبرانسي” لسنة 2024، تراجع المغرب إلى المرتبة 99 من أصل 180 دولة، بعدما كان في المرتبة 97 سنة 2023، في حين أظهر مؤشر البنك الدولي أن المغرب لم يتجاوز نسبة 33 في المائة في السيطرة على الفساد، ما يجعله أسوأ من 67% من دول العالم.

الفساد أصبح قاعدة لا استثناء

واعتبر أعمو أن البعض بات يعتبر الفساد “عقيدة” داخل المجتمع المغربي، وليس فقط ظاهرة طارئة، مشيرًا إلى أن الأمر يتطلب استراتيجيات شاملة ترتكز على التربية والتكوين والصرامة في الزجر، بالإضافة إلى إصلاح المنظومة الإدارية وترسيخ قيم الشفافية والنزاهة.

كما انتقد أعمو بشدة التراخي في فتح أوراش حقيقية لمكافحة الفساد، رغم وجود ترسانة قانونية واتفاقيات دولية، مبرزًا أن الاستغناء عن رئيس الهيئة الوطنية للنزاهة لم يُواكبه إطلاق إصلاحات حقيقية، داعيًا إلى شجاعة سياسية حقيقية لوقف النزيف وإعادة الثقة في الدولة.

التعاليق (0)

اترك تعليقاً