عمال النظافة… أبطال الظل الذين يمنحون مهرجان تيميزار وجهه النظيف كل صباح

أكادير والجهات

agadir24 – أكادير24

يتسلل في الساعات الأولى من صباح اليوم الموالي للسهرات رجل هادئ، لا تصاحبه الكاميرات ولا التصفيق، بل فقط ابتسامة خفيفة وعربة صغيرة يدفعها بصمت وسط ساحة فارغة إلا من بقايا ليلة صاخبة. إنه عامل النظافة، ذاك الجندي المجهول الذي يبقى وحده في مواجهة أوراق مبعثرة، أكواب بلاستيكية، علب فارغة، وفتات طعام تناثر فوق الأرض بعد انفضاض الجمهور وانطفاء أضواء المنصة.

يبدأ يومه حين ينتهي يوم الجميع، ويعيد ترتيب المكان كما لو أن شيئًا لم يكن. لا يملك أضواء المنصة ولا تصفيق الجمهور، لكنه يحمل في يده مكنسة توازي في قيمتها كل أدوات الفن، لأنه يحمي صورة المدينة وكرامة الفضاء العام.

وفي الوقت الذي تتجه فيه الأنظار نحو المنصات والفنانين، يبقى هو في الظل، يُنظف بصبر، يُرتب بصمت، ويحرس نظافة تزنيت ووجهها الحضاري. لا يظهر في الصور الرسمية، ولا يُذكر اسمه في كلمات الافتتاح، لكنه يبقى في صلب المشهد، لأنه يمنح للمهرجان وجها نظيفًا كل صباح.

وحين تعود الحياة إلى الساحة في المساء التالي، لن يدري الحاضرون أن وراء هذا النظام والصفاء عرق رجل لم يُصفق له أحد، ولم يُدعَ إلى خشبة التكريم، لكنه يستحق أكثر من تصفيق، ويستحق أن يُكتب اسمه في سجل الوفاء.

هكذا تظل حكاية مهرجان تيميزار ليست فقط قصة فن وفضة وهوية أمازيغية متجذرة، بل أيضًا قصة إخلاص وصدق وعمل صامت، أبطاله أولئك الذين يحرصون، خلف الستار، على أن تظل تزنيت مشرقة، حتى بعد انطفاء الأضواء.