شهدت الدائرة الانتخابية رقم 2 بالجماعة القروية تالمكانت قيادة أركانة تارودانت الجنوبية، (شهدت) حدثًا سياسيًا يطرح العديد من التساؤلات حول مستقبل الديمقراطية التمثيلية في المنطقة.
الانتخابات الجزئية التي جرت في هذه الدائرة، والتي تضم حوالي 224 مسجلًا في اللوائح الانتخابية، أظهرت نتائج مقلقة بشأن الثقة الشعبية في العملية الانتخابية والمرشحين على حد سواء.
فقد شارك في هذا الاقتراع 13 مواطنًا فقط، في مشهد يعكس عزوفًا كبيرًا عن المشاركة السياسية.
الأكثر إثارة للدهشة أن جميع الأصوات الـ 13 كانت ملغاة، حيث عبّر الناخبون في أوراق التصويت عن رفضهم التام لكلا المرشحتين المتنافستين: مرشحة عن حزب التجمع الوطني للأحرار ومرشحة عن حزب الأصالة والمعاصرة.
العزوف الكبير عن المشاركة في هذه الانتخابات يعكس أزمة ثقة عميقة بين المواطنين والمؤسسات السياسية، 224 مواطنًا مسجلًا في دائرة صغيرة ولكن منهم فقط 13 شخصًا قرروا المشاركة، ورغم ذلك لم يمنح أي منهم ثقته لأي من المرشحتين أو الحزبين.
هذه النسبة المتدنية في المشاركة تعكس استياءً عامًا من الأداء السياسي للأحزاب، خاصة في المناطق القروية التي تعاني من مشاكل التنمية وقلة الخدمات الأساسية.
و يُعتبر هذا العزوف رسالة قوية تُشير إلى أن المواطنين لا يجدون في المرشحين المقترحين من قبل الأحزاب خيارات تلبي تطلعاتهم أو تمثلهم بشكل كافٍ.
المواطنون عبروا عن احتجاجهم بشكل غير مباشر من خلال إلغاء أصواتهم، وهي وسيلة لرفض العروض السياسية المقدمة لهم في ظل عدم وجود بدائل أو تغييرات ملموسة.
تجدر الإشارة إلى أن كلا المرشحتين تمثلان أحزابًا كبيرة في المشهد السياسي المغربي، التجمع الوطني للأحرار وحزب الأصالة والمعاصرة، لكن هذه الانتخابات الجزئية كشفت أن الانتماء الحزبي ليس كافيًا لكسب ثقة الناخبين في مناطق تحتاج إلى برامج تنموية حقيقية وحلول ملموسة لمشاكلها اليومية.
غالبًا ما تعتمد الأحزاب على شبكاتها الحزبية وقواعدها المحلية للفوز في مثل هذه الانتخابات الجزئية، لكن في هذه الحالة، يبدو أن المواطنين قرروا إرسال رسالة رفض واضحة، ليس فقط للمرشحين، ولكن للحزبين أيضًا.
يشار إلى أن المنافسة بين الأحزاب التقليدية لم تعد قادرة على استقطاب المواطنين، وأن الفجوة بين الناخبين والنخبة السياسية تتسع بشكل متزايد.
فهذه النتيجة قد تعكس مشهدًا أوسع من مجرد انتخابات جزئية في دائرة صغيرة، فقد أصبح جليًا أن المواطن المغربي، وخاصة في المناطق القروية، يبحث عن تغييرات حقيقية في النهج السياسي، بعيدًا عن الشعارات الحزبية المكررة.
الأحزاب الكبرى مثل الأحرار والبام قد تجد نفسها أمام تحديات كبيرة في المستقبل إذا استمرت في تجاهل إشارات الرفض والعزوف التي تأتي من مثل هذه الدوائر.
الورقة الملغاة هنا ليست مجرد علامة على عدم الرضا، بل هي دعوة صريحة لمراجعة الاستراتيجيات الحزبية وللاستماع إلى المواطن.
و إذا كانت الأحزاب تسعى بالفعل إلى الحفاظ على تماسكها وزيادة شعبيتها، فعليها تقديم برامج واقعية ومستجيبة لاحتياجات الناس، وخاصة في المناطق التي تعاني من التهميش.
إن ما يحتاجه المواطنون اليوم هو التغيير الحقيقي وليس مجرد تغيير الأسماء والشعارات.
الأحزاب السياسية، سواء كانت الأحرار أو البام أو غيرها، أمامها فرصة لإعادة التفكير في استراتيجياتها والسياسات و البرامج التي تقدمها للناخبين.