رسالة السنغال المشفرة إلى وليد

regragi jpg أكادير الرياضي

بعد فوزه الودي الباهت أمام البنين، خرج وليد الركراكي، مدرب المنتخب المغربي، بتصريحات أثارت الجدل أكثر مما أقنعت.

 فبدل أن يتحدث عن أداء فريقه المتواضع أمام خصم متواضع ويتحدث تقنيا، اختار التبرير، مقللا من أهمية الخصم، وذهب إلى حد القول إن إنجلترا نفسها فازت على أندورا المغمور بنفس النتيجة (1-0)، وكأن المقارنة تخدمه لا تكشف هشاشة منطقه.

ولم يكتف وليد بالتبرير، بل تحدث مطولا عن إنجازاته السابقة وتكوينه الأكاديمي، بلغة استعلائية واضحة، مؤكدا أنه لا ينتظر إشادة الإعلام، لأنه – بحسب تعبيره – يفضل الرد على أرضية الميدان.

غير أن هذا الخطاب، المتناقض بين التقليل من شأن الأرقام من جهة، والتأكيد على النجاحات الشخصية من جهة أخرى، يعكس قدرا من الارتباك لدى رجل يبدو أنه بدأ يخشى تكرار مصير من سبقه، الذي أقيل قبل شهرين فقط من انطلاق المونديال، رغم تأهله وتحقيقه نتائج غير مسبوقة.

لا أحد ينكر أن وليد نال إعجاب المغاربة بشخصيته القوية وحنكته التكتيكية في فترات سابقة، لكنه في الآونة الأخيرة دخل في دوامة دفاعية غير مبررة، حتى أمام خصوم من حجم البنين، حيث لم يقنع الأداء ولا النتيجة.

 وعليه أن يدرك أن تحقيق 12 فوزا متتاليا لا يكفي، وأن التذكير بإخفاقات منتخبات كبيرة مثل البرازيل أو ألمانيا داخل ملاعبها، لن يشفع له للاستمرار إن غابت الألقاب وانطفأ الأداء.

إن بناء المنتخبات القوية لا يتم عبر المؤتمرات الصحفية، بل من خلال العمل المستمر، والتحسن الملموس داخل الملعب. وهنا تحديدا، بعثت السنغال برسالة مشفرة وواضحة في الآن ذاته.

فبهدوء وفعالية، تجاوزت إنجلترا وديا في قلب لندن، وألحقت بها أول هزيمة على يد منافس من أفريقيا في 22 مباراة، بينما كان وليد يبرر فوزه الباهت على البنين بمثال عن فوز إنجلترا على أندورا. ومن مفارقات القدر، أن تكون السنغال نفسها من يمنح درسه الكبير: “هكذا تبنى المنتخبات القوية”.

لم يحتج المنتخب السنغالي إلى تبريرات، ولا إلى مقارنات مع منتخبات مغمورة، ولم يتحدث عن الإنجاز، بل أنجز. لم يخض مدربه الجديد في جدل إعلامي، بل ترك الكرة تتكلم فوق العشب.

والمثير هنا أن السنغال، رغم تغيير مدربها ودخول مرحلة انتقالية، ظلت منسجمة، واقعية، وفعالة. أما المنتخب المغربي، وبعد مرور أكثر من عامين على ملحمة قطر، فلا يزال يبحث عن توازن غائب، وهوية فنية تتأرجح بين مجد سابق وقلق قادم.

ونقولها لوليد بوضوح، إن الفوز في 12 مباراة متتالية لا يعني شيئا إذا لم يتوج بلقب، وأن السنغال نفسها مددت سلسلتها الخالية من الهزائم إلى 24 مباراة دون أن يتحدث المدرب عن ذلك.

إن الأرقام تخدع، وتنسى، ما لم تتحول إلى لحظة تتويج، وفرحة وطنية جامعة، لكن الأسوأ من التعلق بالأرقام، هو الاحتماء بنتائج الآخرين لتبرير ضعف الأداء.

 حين يبرر وليد تعادله مع البنين بفوز إنجلترا على أندورا، فهو لا يدافع عن المنتخب، بل يفرط في هيبته، فالمنتخب المغربي لا تنقصه الكفاءات ولا المواهب، لكنه بحاجة اليوم إلى خطاب صادق وواقعي، يعترف بالخلل بدل التهرب منه، ويصلح المسار بدل التلويح بإنجازات الماضي.

ختاما الكرة لا ترحم، وكأس إفريقيا على الأبواب، ولا أحد سيتذكر سلسلة انتصارات إذا انتهت بخروج باهت.

والرسالة أرسلت فهل يلتقطها وليد؟

التعاليق (0)

اترك تعليقاً