ديمقراطية الموت والدمار بين غزة وتل أبيب

ghamaze كُتّاب وآراء

agadir24 – أكادير24

في سابقة هي الأولى من نوعها، وفي تحدٍّ صارخ للقانون الدولي، قامت إسرائيل بهجوم مباغت على دولة ذات سيادة وعضو في الأمم المتحدة.

في ليلة واحدة قامت إسرائيل باغتيال العديد من القادة العسكريين وعلماء التكنولوجيا النووية ومدنيين بما فيهم الأطفال. من منظور القانون الدولي، هذا الهجوم هو جريمة حرب مكتملة الأركان. لكننا في المقابل، لم نشهد أي تنديد من الدول الغربية، بل إن الرئيس الأمريكي وصف الهجوم بأنه “ممتاز”. وأعلنت فرنسا على لسان رئيسها، أن دولته ستساند إسرائيل إذا قامت إيران بالرد عليها.

الدول العربية التي كان عليها التمسك بالقانون الدولي والمطالبة بتطبيق بنوده على كل مخالف، تأرجحت مواقفها بين الصمت والإدانة المحتشمة. وكان موقف كل من المملكة العربية السعودية وباكستان، هو الأبرز من بين جميع ردود الفعل. كانت إدانة السعودية وباكستان قوية في إدانة العدوان الإسرائيلي، وكانت التصريحات واضحة في هذا المجال، ومتمسكة بضرورة التقيد بالقانون الدولي.

الضربة الكبيرة التي تلقتها إيران في العدوان، لم تكن هي مفاجأة هذه الحرب. فالكل يعلم الدعم الأمريكي لإسرائيل استخباراتيا وعسكريا. كما يعلم الجميع أن عشرة دولة غربية تقف إلى جانب إسرائيل في مخالفتها بل وتحديها للقانون الدولي، على رأسها بريطانيا وفرنسا.

مفاجأة هذه الحرب، هي القدرة الكبيرة التي تمتلكها إيران في تدمير عقر كيان الاحتلال، وضرب قلب تل أبيب. ظلت إسرائيل ومعها أمريكا والدول الغربية، تُروج إلى ما تملكه دولة الاحتلال من منظومات مضادة للصواريخ، تتشكل من ثلاثة مستويات: مضادات للصواريخ القصيرة المدى وللطائرات بدون طيار أو ما يُعرف بالقبة الحديدية، مضادات للصواريخ المتوسطة المدى وأخيرا مضادات للصواريخ العابرة للقارات. هذا يعني أن أي دولة، مهما امتلكت من قوة صاروخية، لا يمكنها إلحاق الدمار بإسرائيل.

لكن جواب إيران على الاعتداء الإسرائيلي، أثبت أن الجمهورية الإسلامية تملك صواريخ متطورة قادرة على اختراق كل تلك المضادات بما فيهم القبة الحديدية. علما أن إيران تنهج حرب الضربات التصعيدية. فكل يوم تزداد حدة الضربات الإيرانية في عقر كيان الاحتلال، كان آخرها صواريخ “فرط صوت” (suer sonic) التي تصل أهدافها بدقة. علما أن إيران لم تستخدم بعدُ صواريخها الحديثة.

قُدرة الصواريخ الإيرانية على تدمير المنشآت الاستراتيجية على رأسها معهد “وايزمان” رمز التكنولوجيا العسكرية الإسرائيلية في المجال النووي، والعقل العلمي للجيش، جعلنا نتتبع عبر وسائل الإعلام العالمية، مشاهد القتل والدمار داخل إسرائيل وكأننا نرى الدمار الذي قام به كيان الاحتلال في قطاع غزة.

ما قام به كيان الاحتلال من تقتيل ودمار في غزة، ها هو اليوم يتذوق مرارته بفعل الصواريخ الإيرانية. صور القتل والدمار داخل إسرائيل التي نشاهدها هذه الأيام مباشرة على القنوات العالمية، جعلتنا لا نميز بينها وبين ما اعتدنا على مشاهدته في قطاع غزة.

إنها الديمقراطية في توزيع آلام الموت والدمار بين غزة وتل أبيب.   

سعيد الغماز-كاتب وباحث    

التعاليق (0)

اترك تعليقاً