أكادير24
هناك حكايات و أسرار رجال أعمال انْطَلقُوا من الصفر، وتربعوا بعدها على قمة عالم المال والأعمال، ونذكر منهم:
حميد شباط: عمدة فاس
بدأ الرجلُ حياته عاملاً بسيطاً قبل أن يملك الدنيا ويشغل الناس، ويغدو كابوساً يقظ مضجع خصومه السياسيين، إذ ما كان لأحد أن يتصور استحالة ذاك الطفل المنحدر من البرانس، ‘قبيلة تقع بالقرب من مدينة تازة’ “ملكاً لفاس”.
حط شباط رحاله بالعاصمة الروحية عام 1970، وهو في ربيعه السابع عشر آنذاك، لأجل تلقي تكوين في معهد التكنولوجيا التطبيقية، قبل أن يدشن حياة عملية بعد عامين اثنين في شركة الصناعات الميكانيكية والكهربائية بفاس، كميكانيكي في الخراطة. بيد أن العمل النقابي هو الذي فتح له الأبواب على مصراعيها. بتوليه صفة مسؤول محلي في الاتحاد العام للشغالين بالمغرب، قبل أن يلج إلى عالم السياسة ويبلغ قبة البرلمان التي لم يغادرها منذ عام 1997، فضلاً عن شغله منصب عمدة مدينة فاس منذ 2003، ونجاحه سنة 2006 في قيادة المركزية النقابية، واليوم يضرب له الحساب في مؤتمر حزب الميزان لاختيار الأمين العام.
الصغير بوكرين، مؤسس ‘ فينيزيا آيس’
ولد عام 1962 بالحي الشعبي ‘درب السلطان’ في الدار البيضاء، برز كتلميذ موهوب، وبعد حصوله على شهادة البكالوريا في العلوم الرياضية، سينتقل إلى باريس في 1985 كي يتابع دراسته في الأقسام التحضيرية للمدارس العليا للمهندسين. ولكن ضعف الموارد المادية، عرضه لخيبة أملٍ عاد في أعقابها إلى المغرب. بيد أن فرصة للعودة إلى أوربا ستتاح له بعد مضي عام واحد، والتي اقتنصها على الفور، في ‘إدارة امسترادم’ التي كان يتابع بها دراساته في الإدارة بالموازاة مع العمل في شركة متعددة الجنسيات لتوزيع المواد الغذائية، وبعد النجاح الذي عرفه، سيحصل بعد عامين من ذلك على تمويل لإنشاء مشروع مقهى للآيس كريم وسط المعاريف. باستثمار قدر غلافه المالي بتسعة ملايين درهم. وتملك ‘فينيزيا آيس’ اليوم 28 فرعاً في ربوع المغرب، وستتوسع عما قريب في المنطقة المغاربية والسينغال والشرق الأوسط.
نجاة عتابو: من الخميسات إلى الأولمبيا
لا شك أن مصادفة هي التي قادت صاحبة ‘جوني مار’ إلى عالم الأغنية، ففي الثمانينات، ما كانت ابنة الخميسات الحالمة وقتئذٍ بأن تصبح محامية شهيرة ومرموقة، تتوقع وهي تغني في عرس من الأعراس أن يتم تسجيلها، وأن يعرضَ الشريط في الأسواق محدثا نوعاً من الافتتان. لكن المشكلة طفت على السطح مع رفض عائلتها للولوج إلى عالم الغناء، الذي لم يحل دون جرأة ابنة الستة عشر عاما باتخاذها قرار الهرب إلى الدار البيضاء حيث احتضنها أحد منتجي الأشرطة، محققة نجاحا فوريا بأغانٍ مثل ‘يما آش درت أنا’ و’شوفي غيرو’ فيما اتسع نطاق الشهرة بعد ذلك ليبلغ العالمية، بعد وقوفها على مسرح الأولمبيا عام 1984. وقد اضطرت فرقة ‘كيمكال براذرز’ إلى توقيع شيك بقيمة كبيرة لجبر الضرر عقب أخذها دون ترخيص لموسيقى أغنيتها ‘هادي كذبة باينة’.
أنس العلمي ‘المدير العام لصندوق الإيداع والتدبير’
ترعرع أنس في كنف أسرة متواضعة، براتب الأب الوحيد الذي كان عاملاً بالبريد، وحصل في مسارٍ بدون عثرات عام 1968 على شهادة البكالوريا في شعبة العلوم الرياضية بميزة حسن، قبل أن يتابع دراسته في المدرسة المحمدية للمهندسين بالرباط (ولم يكن بوسع عائلته أن تتكبد مصاريف دراسته في الخارج). وبفضل اجتهاده، استطاع الحصول على منحة من طرف الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية ليتابع دراستة بسلك الماستر في إدارة الأعمال (التمويل) بمدرس ستيرن للأعمال في نيويورك الواقعة على بعد مرمى حجر من وول ستريت، بعد عودته إلى أرض الوطن سيلتحق بشركة ‘Upline Securities’ في البورصة. وفي الفترة ما بين 1993 و1998، أشرف المهندس المالي على استثمار ما يقارب خمسة مليارات درهم من السندات المغربية من قبل مستثمرين أجانب. وفي 2005 انتخب رئيساً لمجلس مراقبة بورصة الدار البيضاء. قبل أن يتم تعيينه عاماً بعد ذلك على رأس بريد المغرب، ومديراً عاماً لصندوق الإيداع والتدبير عام 2009.
محمد مبارك عزبان
من خلال استئثاره بحصة 30% من سوق مواد التجميل بالمغرب وصادراته إلى أوربا والشرق الأوسط، يكون محمد عزبان أيقونة للحلم المغربي.
ولد عزبان عام 1943 داخل أسرة ‘على قد الحال’ بمنطقة تارودانت، وغادر في سن الثالثة عشر قريته ميمِّمًا شطر مراكش حيث عمل مساعد تاجر داخل محل تقليدي لصنع العطور. وانتهى بأن أصبح بفضل نباهته وحذاقته شريكا لمعلمه لأجل بيع العطور والصابون بالجملة. وفي هذه اللحظة بالتحديد فكر في استيراد منتوجات نصف مصنعة من أوربا كي يهيئها للتوزيع بالمملكة. وقد سارت الأمور بشكلٍ جيد وأسس عزبان شركته بالدار البيضاء، وآلت شساعة أفق الرجل إلى استثماره كل مدخراته، وفي 1970 أطلق خطا للمواد التجميلية ‘عزبان’ ومع النجاح الذي عرفه، تُدار اليومَ أعماله من قبل أبنائه، وإن كان الأب لا يزال ذا كلمة فيما يخص اتخاذ القرارات الاستراتيجية الكبرى، كما يشير إلى ذلك ابنهُ سعيد عزبان.
مصطفى الباكوري: مدير الوكالة المغربية للطاقة الشمسية ‘ابن مخزني’
حافظ ابن الحي الشعبي ‘سوق القديم’ بالمحمدية’ دوماً على تألقه الدراسي، وقد تمكن ابن المخزني بعد حصوله على شهادة البكالوريا من حصد منحة لمتابعة دراسته بفرنسا حيث حصل على دبلومين اثنين، أولهما في مدرسة القناطر والطرق، والثاني في الدراسات العليا المتخصصة شعبة الأبناك والتمويل، وقد قضى الرجل ردحاً كبيرا من مساره المهني داخل القطاع البنكي، قبل تعيينه عام 2011 على رأس صندوق الإيداع والتدبير، بيدى أن عبوره للصحراء لم يدم طويلا، ففي شهر ديسمبر من السنة ذاتها عينه العاهل المغربي على رأس الوكالة المغربية للطاقة الشمسية، وعلاوة على ذلك سيتم اختياره في فبراير 2012 أميناً عاماً لحزب الأصالة والمعاصرة، المؤسس من طرف فؤاد عالي الهمة.
عبد السلام أحيزون، ‘مدير اتصالات المغرب’
في السابعة والخمسين من عمره، يعد أحيزون المدير الأعلى أجراً في المنطقة المغاربية بأجر يبلغ مليوني أورو سنويا، وما كان ليعن ببال لامرئ أن يصبح ابن تيفلت الرجل الأول على رأس ثاني أكبر شركة اتصالات في إفريقيا.
ولعله كان ضرباً من المصادفة أن يسجل نفسه بعد حصوله على البكالوريا في مدرسة الاتصالات بباريس، ممولاً دراساته في العاصمة الفرنسية بمنحة قدمتها له وزارة الاتصالات والبريد المغربية، وهو القطاع الذي استطاع أن يثبت داخله الخطى، قبل أن يسميه الملك الراحل الحسن الثاني وزيراً للبريد والاتصالات، ورغم خوصصة اتصالات المغرب عام 2000 أبقت مجموعة « Vivendi » الفرنسية على ابن تيفلت في أعلى هرم إدارة اتصالات المغرب.
عائشة الشنا، ‘أم الأمهات العازبات’
تعد الشنا الناشطة الجمعوية الأكثر شهرة على مستوى المغرب كما هو الحال على الصعيد العالمي. لكن مسارها ليس بومضة من الومضات.
ولدت عائشة في المدينة القديمة بالدار البيضاء عام 1941، وفقدت والدها مبكراً، وبعد حصولها على شهادة في التمريض وهبت الشنا نفسها روحاً وجسداً للعمل التطوعي، غير متورعة عن طرق أبواب السجون قصد مساعدة نزلاء من ذوي الحاجة.
وبسرعة البرق سارت عام 1985 لتؤسس جمعية ‘التضامن النسوي’ بميزانية تقل عن ألفي درهم، سعياً إلى تحقيق هدف واضح يتمثلُ في مساعدة الأمهات العازبات وذريتهن. وقد أخذت المعركة التي خاضتها طابعاً طلائعيا. علاوة على ذلك، دشنت الأميرة لالة سلمى حماماً أنشأته الجمعية، بتمويل جزئي عن طريق الهبة الملكية، وهو بمثابة اعتراف رسمي، قبل أن تمنح عام 2009 جائزة أوبيس، البالغة قيمتها مليون دولار.
مومو بوصفيحة: منشط راديو
ولد مومو في الدار البيضاء داخل أسرة بإمكانيات محدود، وبدأ في سن جد مبكرة العمل إلى جانب والده في محل للأحذية، قبل أن يشرع في العمل من حين لآخر ك’دي جي’ لأجل تدبر أمره حتى متم الشهر، غير أن مومو لم يفارقه طيلة هذه المدة حلم ‘الراديو’.
وإثر مروره في صمت براديو دوزيم، انفتحت له الأبواب في 2006 مع إطلاق هيت راديو. حيث يقدم فقرة تحصد أكبر عدد من المستمعين، وأصبح المُحَاورَ المفضل للشباب الراغب في التعبير عن نفسه، رغم أن إحدى زلاته قد عوقبت من طرف الهاكا بإيقاف بث الإذاعة خلال عدة أشهر.
بيد أن مومو لم يستسلم، ويقدم حاليا بشكل يومي برنامج ‘مورنينغ دو هيت راديو’، ويتلقى كل يومٍ مئات الاتصالات والرسائل القصيرة والإيميلات من شباب المغرب.
ميلود الشعبي ‘من الرعي إلى الأعمال’
رأى النور عام 1930 في بلدة فقيرة بالقرب من الصويرة، قبل أن يرتقي اجتماعيا بشكل مذهل، فبعد أن كان راعيا في صغره، غادر بيت العائلة في سن جد مبكرة ولا درهم يجوب جيوبه. عمل بناءاً في بادئ الأمر، قبل أن يصبح منعشاً عقاريا صغيراً يشغل شخصين اثنين. وبفضل إعادة بيع الأراضي في الستينات كان قد أقام مجموعة صناعية سالفة الازدهار، فالبرغم من بلوغ المغربة أوجها في السبعينات، ترك الرجل العصامي كل شيء جانبا وسار ليغزو القارة السمراء، التي عاد منها أكثر غنى مما كان عليه حاله عند مغادرته المغرب، بشكل أغاظ النخبة التقليدية للبلاد، وفي 1986 أنشأ شركة (Ynna Holding) التي فرضت نفسها وسمحت له بتقوية أعماله، ورغم الثراء لا يزال الشعبي اليوم ‘بلديا’ في طريقة كلامه وأسلوبه، مبوئاً أبناءه مكانة في هرم امبراطوريته.
هشام الكروج
ولد ببركان عام 1974، في أسرة لها ستة أبناء، وقد برز ميل ابن بائع السندويتشات مبكرا للرياضة، جاعلا من سعيد عويطة، البطل الأولمبي في المسافات المتوسطة نموذجا للاقتداء، واستمر الكروج يركض ويركض… وفي ربيعه الرابع عشر ركض بقدمين حافيتين أمام المدير التقني لجامعة ألعاب القوى الذي انبرى على عجلٍ لتوظيفه، ولم يتأخر الكروج عن حصد ألقاب دولية، وبعد أدائه في بطولة العالم للشبان عام 1992، كان المنطق يقتضي أن يحرز ميدالية في الألعاب الأولمبية بأطلنطا، وقد كان حقاً في مقدمة السباق لو لم يقده حظه العاثر إلى السقوط على بعد مرمى حجر من خط الوصول، وفي 2004 جرب آخر فرصة له للظفر بميدالية ذهبية في الأولمبياد، مبهراً الجمهور بإحرازه ميداليتين اثنتين (1500 و5000 متر)، قبل أن يعتزل الحياة الرياضية ويتفرغ للأعمال. فبعد دراسات في في فن الإدارة الرياضية بالولايات المتحدة، أصبح الكروج عام 2009 الموزع الحصري لماركة (NIKE) بالمملكة.
نوال المتوكل
ولدت عام 1962 في عائلة متواضعة بحي بوركون في البيضاء. في الثاني والعشرين من عمرها حصلت على ميدالية ذهبية في سباق 400 متر حواجز بأولمبياد لوس أنجلس في 1984، مدشنة بذلك مساراً مشرقاً لألعاب لاقوى المغربية. وبفضل تمكنها من الإنجليزية تابعت دراستها في جامعة إيوا بالولايات المتحدة عام 1989. ليقودها الطموح والعمل الدؤوب كي تصبح عضوا في اللجنة الأولمبية الدولية (CIO) عام 1998.
وقد ساعدها العمل على الصعيد الدولي، وتمت المناداة عليها لتشغل عام 2007 منصب وزيرة الشبيبة والرياضة داخل حكومة عباس الفاسي، بالموازاة مع مواصلتها العمل داخل اللجنة الاولمبية الدولية في إطار التحضير لألعاب لندن 2012، قبل أن تتم تسميتها رئيسة للجنة تنسيق الألعاب الأولمبية 2016 التي ستجرى في مدينة ريو ديجانيرو.
ثريا جبران
كل شيء فيها يذكر بأصولها الشعبية، وحتى عندما كانت وزيرة لم تعمد إلى إخفاء مزاحها البدوي، ولا إلى كبح جماح تلقائيتها الطافحة. ولدت ثريا بالدار البيضاء عام 1952، واستطاعت أن تحفر اسمها على خشبة المسرح المغربي أوساط الثمانينات. متخصصة في الضحك. كما تمكنت من الحظوة بحب النقاد. ملاقيةً في الآن ذاته ازداء الجمهور الذي تعرف على عدد من أعمالها في التلفزيون. وصورت إلى جانب ذلك اعلانات أصبحت أسطورية، كمقطع حول السلامة الطرقية صاحت به ‘واناري جابها فراسو’. في 2007 سميت ثريا جبران قريطيف وزيرة للثقافة كعرفان للفنانة الملتزمة. بيد أن ولايتها ستكون قصيرة الأمد، إذ أجبرها المرض على ترك منصبها لسالم حميش في 2009.
إدريس جطو
لا زال رجل الأعمال السوسي مواظباً على الذهاب بشكل يومي إلى مكتبه حيث يقيم علاقات شخصية مع المئات ممن يشتغلون في مقاولته ‘إذ يحدث أن يتلقى نبأ مرض واحد من العمال أو بلوغ أحدهم سن التقاعد’ يؤكد أحد معاونيه. وقبل أن يعمل مع الحسن الثاني وبعدها مع محمد السادس، كان جطو ابن عائلة متواضعة تمتهن التجارة، ولد الرجل عام 1945، وقسم في صغره الأيام بين مقاعد الدراسة ودكان العائلة. وبفضل جديته، أحرز منحة لمتابعة دراسته بلندن. وفي هذه اللحظة بالذات اكتشف آفاق صناعات الجلد والنسيج. ولدى عودته إلى المغرب، أطلق مشروعه الخاص. وفي 1981 تم تقديمه إلى الحسن الثاني، إذ أصبح وزيراً للتجارة قبل أن يشغل منصب وزير المالية. وفي عهد الملك محمد السادس سمي وزيراً للداخلية فوزيراً أولاً إثر ذلك.
عبد الله الطايع
في عامه التاسع والثلاثين، يعد عبد الله الطايع واحداً من أهم كتاب جيله، فشهرته تتخطي الأوساط الباريسية، وأعماله تقرأ في ربوع الأرض، من بيروت إلى نيويورك، مروراً بلندن وأوسلو. وما كان لشيء أن يتنبأ بكل هذا العرفان.
ولد الطايع داخل أسرة جد متواضعة متألفة من تسعة أبناء، وترعرع في حي شعبي (حي السلام) بسلا، بين أب حارس للمكتبة العامة بالرباط وأم أمية. وبعد أن احتل الرتبة الأولى على دفعته في جامعة محمد الخامس بالرباط، انتزع منحة لمتابعة دراساته في حقل الآداب بجنيف، ثم بباريس عام 1999. وفي 2010 منح عبد الله الطايع جائزة فلور الشهيرة عن روايته ‘يوم الملك’ الصادرة عن دار ‘لو سوي’.
مولاي مسعود أكوزال…
يعد مولاي مسعود أكوزال، واحدا من أوائل رجال الأعمال المغاربة، الذين طالما أثارت حكايات صعودهم وكفاحهم في بناء الصناعة الوطنية بعد الاستقلال، اهتمام أجيال، لذلك، لما بلغ من العمر عتيا، ارتأى أن ينشر سيرته، ليكون واحدا من بين قلة من رجالات المغرب الرواد الذين اقتنعوا بجدوى تقاسم تجربتهم مع الجميع. اختار مولاي مسعود أن ينخرط في لعبة الاسترجاع مع محمد نبزر، الصحافي في “المحرر” ثم “الاتحاد الاشتراكي”، ابتداء من 2010، لتثمر العملية في 2015، كتابا بعنوان “مولاي مسعود أكوزال… رجل من أعلام الجهادين”.
ولج “المسيد” وحصل على دراجة هوائية في 1936 ومر من البيضاء في الطريق إلى مكناس
يتذكر مولاي مسعود أكوزال، على نحو جيد، حدث وفاة والده مولاي إبراهيم، إذ كان عمره آنذاك 6 سنوات، فقد كان ميلاده في 1930 بدوار زاوية إفولوسن (نسبة إلى جده الأكبر سيدي مسعود أفلوس) بإداوكنيضيف، وهناك عاش طفولة عادية، كسائر أطفال الأسر النضيفية، مع أخيه الوحيد مولاي احماد، وشقيقاته الثلاث لالة فاضمة ولالة ماماس ولالة عائشة.
“التحقت بالكتاب وعمري خمس سنوات لحفظ القرآن على يد الفقيه سيدي امبارك، الذي أذكر أنه مات تحت أنقاض سقف بيته الذي انهار عليه، وكانت معه في البيت زوجته، لكنها نجت من الموت بأعجوبة. وفي آخر زيارة لوالدي إلى إداوكنيضيف سنة 1936، جلب لي معه من مكناس دراجة هوائية صغيرة، وكانت ذات قيمة معنوية كبيرة، باعتبارها شيئا قل ما يتاح امتلاكه في سني آنذاك. وقدر الله أن يموت والدي في أواخر السنة ذاتها، وأعيش يتيما، لكنني تابعت تعليمي إلى أن بلغت سن الثانية عشرة من العمر فانتقلت إلى مكناس”.
قبل أن يواصل مولاي مسعود الحكي عن بداياته الأولى بمكناس، يبرز سؤال، ماذا كان مصير تجارة والده بعد وفاته؟ عند وفاة مولاي إبراهيم (الوالد)، كان ابنه الأكبر مولاي احماد، يبلغ من العمر 22 سنة (ولد في 1914)، ما يعني أنه يكبر أخاه مسعود بـ16 سنة، وتولى الأعمال التجارية بعد والده، باستخلاص الأكرية والنصيب من الأرباح من شركاء والده، بينما بقي مولاي مسعود بجانب والدته وشقيقاته في إداوكنيضيف.
ولن يحل مولاي مسعود بمكناس، إلا في 1942، أي بعد مضي ست سنوات على وفاة والده، وفي نظره، كانت الرحلة التي قادته إلى مكناس، باعتبارها أول سفر من القرية إلى المدينة، مشوقة وحبلى بالإثارة وشاقة في الوقت ذاته.
“خرجت من إداوكنضيف صباحا رفقة ابن عمومتي وصهري مولاي احماد أكوزال، في 6 نونبر 1942، وتوجهنا إلى أيت باها وبصحبتنا دادا بلقاس ودادا بلخير ودادا امبارك، الذين كانوا يقيمون مع الأسرة ويخدمونها، في حين بقي دادا سالم بالبيت، ومع أذان العشاء ودعناهم، وغادرنا نحن نحو الصويرة، على متن حافلة تسير بالفحم، ووصلناها في الليلة الموالية، ثم غادرنا صباحا باتجاه الدار البيضاء، ونزلنا في درب السلطان في ضيافة اليزيد أصبان، خال مولاي احماد”.
الإنزال العسكري
يتذكر مولاي أمسعود، لحظة اكتشافه للبيضاء، أنه اندهش وهو يشاهد المباني الشاهقة، ويتأمل سقايات الماء في الأزقة، كما “اندهشت من الهرج وهلع الناس نتيجة إنزال قوات الحلفاء بالمدينة، إذ تزامن وجودنا بها مع الإنزال العسكري في إطار الحرب العالمية الثانية”.
مولاي احماد، رفيق مولاي مسعود في الرحلة، كان على قيد الحياة أثناء إعداد المذكرات (توفي في 30 يناير 2013)، التقاه المؤلف فحكى له قائلا: “لحظة وصولنا إلى البيضاء في 8 نونبر 1942، بعد يومين من السفر وتزامنا مع نزول قوات الحلفاء، كان علينا أن ننتظر ثلاثة أيام في ضيافة السي اليزيد، نتيجة ظروف الحرب، قبل التمكن من امتطاء قطار الفحم إلى مكناس”.
مواقع إخبارية.