بعد سنوات من الدراسات الأولية التي امتدت لما يقارب نصف قرن، أعلنت السلطات الإسبانية عن أهم خطوة عملية في مشروع الربط القاري بين المغرب وإسبانيا عبر مضيق جبل طارق.
ففي تطور مفصلي، تم تكليف شركة “إينيكو” الحكومية رسمياً بإعداد التصميم الهندسي المفصل لأول نفق استكشافي بين الضفتين، في تأكيد على الإرادة المشتركة لدفع هذا المشروع الاستراتيجي نحو التنفيذ.
جاء هذا التكليف عبر الجمعية الإسبانية المكلفة بدراسات الربط القاري (SECEGSA)، بميزانية تقدر بـ 961 ألف يورو ممولة من خطة التعافي الأوروبية. وقد تم تحديد أجل غشت 2026 لتسليم التحديث الشامل للمرحلة التمهيدية، وهو الأول من نوعه منذ سنة 2007.
الهدف الاستكشافي والمسار:
ترتكز المرحلة الحالية على إعداد تصور هندسي دقيق لمسار النفق الاستكشافي المزمع إنشاؤه بين بونتا بالوما (جنوب إسبانيا) وبونتا مالباطا (شمال المغرب). والهدف الأساسي هو التأكد من الخصائص الجيولوجية للمضيق في أكثر نقاطه تعقيداً، حيث تؤكد المعطيات التقنية الحديثة أن التطور التكنولوجي خلال السنوات الأخيرة جعل المشروع “قابلًا للتنفيذ” بخلاف التقييمات السابقة.
سيتم دمج نتائج هذا النفق الاستكشافي لاحقاً في المشروع النهائي، سواء كـ نفق أمان أو صيانة أو ممر تقني لشبكات الاتصال والطاقة.
تحديثات إضافية على الجانب الإسباني:
يشمل التكليف أيضاً مراجعة مسار الخط على الجانب الإسباني وتحديد الموقع النهائي للمحطة الرئيسية المفترضة في مدينة فيخير دي لا فرونتيرا، بالإضافة إلى دمجها ضمن الشبكة الحديدية الممتدة بين قادس وإشبيلية، مما يعزز من التكامل الأوروبي. كما سيتم تحديث شامل للبيانات الجيولوجية والهيدروجيولوجية، ومراجعة شاملة لمعايير السلامة والتهوية اعتمادًا على أحدث المتطلبات الأوروبية، وهو ما يتطلب أكثر من 15 ألف ساعة عمل هندسي.
الجداول الزمنية والتكاليف المتوقعة:
تُشير التوقعات الأولية إلى جدول زمني واضح ومُحفّز، حيث يُتوقع إطلاق طلبات العروض الخاصة بالنفق الاستكشافي سنة 2027، على أن تبدأ الأشغال الميدانية في حدود 2030. أما النفق الرئيسي المخصص لخط السكك الحديدية، فيُتوقع اكتماله بين عامي 2035 و 2040، بكلفة قد تصل إلى 8.5 مليارات يورو من الجانب الإسباني وحده.
يأتي هذا التقدم في إطار تعزيز التعاون المغربي-الإسباني الاستراتيجي، حيث يُنظر إلى مشروع الربط عبر المضيق كخطوة مفصلية لربط إفريقيا بالشبكات البرية الأوروبية لأول مرة، مما يعزز من التجارة والسياحة والنقل بين القارتين ويُحدث تحولاً كبيراً في خريطة اللوجستيات الإقليمية.
