بعد أسابيع طويلة من القلق والترقب الذي خيم على المشهد المائي في المغرب، بدأت حقينة السدود المغربية أخيراً في التقاط أنفاسها. فقد حملت التساقطات المطرية الغزيرة الأخيرة “طوق نجاة” حقيقي، مما أدى إلى تحول ملموس في الأرقام الرسمية وتصاعد الآمال في تأمين الحاجيات المائية الوطنية وتجاوز تداعيات الجفاف.
وبحسب المعطيات الرسمية الأخيرة، فقد سجلت المنظومة المائية قفزة نوعية في وقت وجيز، حيث استقبلت السدود زيادة مهمة بلغت 237 مليون متر مكعب. هذا الارتفاع دفع بالكمية الإجمالية المخزنة إلى مستوى 5.63 مليار متر مكعب، لتستقر نسبة ملء السدود الوطنية عند 33.6%. وبالنظر إلى المسار الزمني لهذه الأرقام، نجد أن وتيرة الامتلاء شهدت تسارعاً لافتاً؛ فبينما كانت الزيادة محتشمة في البداية (105 ملايين متر مكعب بين منتصف نوفمبر ومنتصف ديسمبر)، شهدت الأيام الأخيرة من شهر ديسمبر “قفزة كبرى” ضخت دماءً جديدة في العروق المائية للمملكة.
على مستوى المنشآت الكبرى، استعاد سد الوحدة (أكبر سدود المغرب) بريقه بعدما ارتفعت حقينته لتتجاوز 1.5 مليار متر مكعب، مسجلاً زيادة فاقت 30 مليون متر مكعب في غضون خمسة أيام فقط، ليحافظ على نسبة ملء مستقرة عند 42%. وفي سياق متصل، برز سد سيدي محمد بن عبد الله كأحد أكثر المستفيدين بوضعية مريحة جداً، حيث ارتفعت نسبة ملئه من 73% إلى 79% بحجم مخزون ناهز 777.5 مليون متر مكعب. كما واصل سد وادي المخازن أداءه الإيجابي ليصل إلى نسبة ملء بلغت 76%.
وفي مقابل هذه المؤشرات المتفائلة، لا تزال “الهشاشة المائية” تفرض نفسها على بعض المنشآت الحيوية، وعلى رأسها سد المسيرة. فرغم استقباله لـ 17.3 مليون متر مكعب إضافية، إلا أن نسبة ملئه لا تزال عالقة في حدود 3% فقط، وهي نسبة تعكس حجم التحدي بالنظر إلى السعة الضخمة لهذا السد. وبصورة مشابهة، سجل سد بن الويدان تحسناً طفيفاً ليرتفع من 13% إلى 14%، بينما استقر سد إدريس الأول عند نسبة ملء تناهز 34%.
هذا، و يمثل هذا الانتعاش الأخير في مخزون السدود بالمغرب جرعة تفاؤل ضرورية، لكنه يظل تذكيراً بأهمية التدبير العقلاني للموارد المائية في ظل التغيرات المناخية، بانتظار مزيد من الغيث الذي قد يعزز هذه المكاسب المائية في الشهور القادمة.


التعاليق (0)