أكادير24 | Agadir24
نطقت المحكمة الابتدائية بمدينة تزنيت اليوم الإثنين 10 ماي الجاري بالحكم في قضية الصحفي محمد بوطعام، مدير موقع تزبريس الالكتروني، حيث قضت ببراءته من التهم الموجهة إليه، و تحميل الخزينة الصائر.
وجرى النطق بهذا الحكم بعد متابعة الصحفي محمد بوطعام في حالة اعتقال منذ يوم الثلاثاء 4 ماي الجاري، وذلك على خلفية الشكاية التي تقدم بها ضده المدعو “بوتزكيت” بتهمة السب والقذف والتشهير.
وكان الصحفي المذكور قد أعلن دخوله في إضراب عن الطعام منذ اعتقاله، مع رفضه الحديث مع النيابة العامة، أثناء تقديمه وتكييف التهم الموجهة له، فضلا عن رفضه الجواب على أسئلة المحكمة، إلا بتدخل من المحاميين عبد اللطيف أوعمو والأستاذ الكثمور حسون، بعد زيارته في السجن المحلي بتزنيت.
وجرت مؤازة الصحفي بوطعام طيلة أطوار هذه القضية من طرف أكثر من خمسة محامين، وفي مقدمتهم قيدوم المحاميين والنقيب السابق لهيئة أكادير الأستاذ عبد اللطيف اوعمو.
بوطعام يوضح حيثيات النازلة
وكان “بوطعام” قد كشف مؤخرا عن أنه توصل بمعلومات من طرف مجموعة من ضحايا ”مافيا العقار التي يتزعمها المشتكي” مفادها، حسب تعبيرهم ، أن “بوتزكيت” كلما التقى بأحد الضحايا إلا ويهدده ويخبره أن ” بوطعام قريبا سيكون في السجن وأن الدور سيأتي على باقي الضحايا”.
وأكد “بوطعام” أن الشكاية التي تقدم بها “بوتزكيت” وضعها مباشرة بعد الفيديو الذي صوّره مؤخرا، و الذي أكال فيه مجموعة من التهم في حق مجموعة من الضحايا.
وأوضح ” بوطعام ” أن النيابة العامة تتعامل مكل سماه “تفضيليا” ، مشيرا إلى أن هذا الأخير وضع شكايات جديدة ضد مجموعة من الأشخاص مستعينا بشهود الزور كعادته، على حد قوله.
من جهة أخرى ، شدّد الزميل ” بوطعام ” على أن شكايات “بوتزكيت” لم يسلم منها عدة ضحايا، منهم قضاة و محامون و رجال شرطة ودرك و مفوضون قضائيون، حيث يعمد إلى كيل السباب لهم في فيديوهات منشورة على اليوتوب إضافة الى جر بعضهم إلى ردهات المحاكم لممارسة الضغط النفسي عليهم .
وشدّد ” بوطعام ” على أن “بوتزكيت” يسعى بكل الوسائل إلى إسكات كل صوت يفضح أساليبه في الايقاع بضحاياه مستعملاً علاقاته التي يزعم أنه نسجها مع عدة مسؤولين .
حقوقيون يدخلون على خط القضية
أثارت هذه القضية جدلا واسعا على المستوى المحلي والوطني، حيث كشف حقوقيون حقائق متناقضة في الملف، و طالبوا بالإفراج الفوري عن بوطعام.
في هذا السياق، أفاد المكتب الجهوي مراكش الجنوب للجمعية المغربية لحماية المال العام، بأنه يتابع باهتمام و انشغال كبيرين تطورات ملف الصحفي محمد بوطعام بناء على متابعته من طرف وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بتزنيت استنادا على مقتضيات الفصل 380 من القانون الجنائي.
و أوضح المكتب في بيان له، بأن الصحفي محمد بوطعام يدير موقعا إلكترونيا بتزنيت و معروف بانتقاداته لبعض مراكز القرار بالمنطقة و كذلك فضحه للفساد من خلال تسليط الضوء على أساليب مافيا العقار بتزنيت التي توظف كل الأساليب و الآليات للاستيلاء على عقارات الغير باستعمال التدليس و التزوير .
و بناء على كل الملابسات والظروف و الخلفيات المتحكمة في اعتقال الصحفي محمد بوطعام، فقد أعلن المكتب الجهوي مراكش الجنوب للجمعية المغربية لحماية المال العام للرأي العام، بأن استشراء الفساد في العديد من المرافق العمومية بتزنيت خاصة و بجهة سوس ماسة عامة ساهم في تشكل لوبيات و مراكز مستفيدة من واقع الفساد و نهب المال العام في ظل سيادة الإفلات من العقاب، وهو واقع جعل هذه اللوبيات توظف كافة إمكانياتها للتضييق على فاضحي الفساد و نهب المال العام، حسب بيان المكتب.
و أضاف المكتب، بأن من تمظهرات الفساد بالمنطقة هو تشكل مافيا العقار و التي ظلت خارج نطاق أية مساءلة بالرغم من الاحتجاجات و الشكايات المتكررة للضحايا، معتبرا، أن متابعة الصحفي بوطعام بمقتضيات القانون الجنائي خروجا على قواعد القانون و العدالة ، و أعرب بالمقابل، عن تخوفه من أن تكون الخلفيات المتحكمة في اعتقال الصحفي محمد بوطعام رضوخا لضغوط مافيا العقار بالمنطقة.
من جهتها، دخلت “هيأة مساندة الراضي والريسوني ومنجب وكافة ضحايا انتهاك حرية التعبير بالمغرب” على خط ملف بوطعام، معتبرة أن ملفه شبيه بملف الصحافي توفيق بوعشرين مدير ومؤسس جريدة أخبار اليوم المتوقفة عن الصدور.
و أوضحت الهيأة بأنها “تابعت باستنكار شديد الاعتقال التعسفي الذي تعرض له مدير موقع “تيزبريس”، يوم 4 ماي 2021، الصحفي الاستقصائي محمد بوطعام المعروف بتحقيقاته حول مافيا العقار بمنطقة الجنوب، وبعمله المتواصل في مجال فضح الفساد والرشوة ونهب المال العام”.
وأكدت ذات الهيأة على أن “هذا الاعتقال يأتي في سياق التضييق الممنهج ضد الصحافيين المستقلين والحصار المتواصل ضد صحافة الاستقصاء، كما يشكل حلقة جديدة من حلقات استغلال القضاء لقمع الأصوات الحرة والانتقام من الأقلام المزعجة والذي تبين منذ مرحلة الإحالة على وكيل الملك”.
هذا، واستنكر بيان اللجنة الحقوقية ذاتها، ما جاء “في قرار الإحالة التي تمت في إطار مسطرة التلبس لتبرير اعتقال الصحفي المتابع، وهو ما يشكل تحريفا لطبيعة المسطرة القانونية التي خضع لها الصحفي محمد بوطعام”، مؤكدة بأن “المسطرة التي باشرتها الشرطة القضائية هي مسطرة البحث التمهيدي، وهو ما تشهد به محاضر الشرطة القضائية، غير أنه جاء في محضر استنطاقه من طرف النيابة العامة شيء مخالف للحقيقة عندما تمت الإحالة على المحكمة بمقتضى حالة التلبس، وذلك من أجل استعمال مقتضيات المادة 74 من قانون المسطرة الجنائية لتبرير اعتقاله”، حسب البلاغ.
من جهة أخرى، أكد البلاغ الذي توصلت أكادير24 بنسخة منه، بأن “هذه النازلة تذكرنا بما تم في قضية الصحفي توفيق بوعشرين، عندما تم استعمال مسطرة التلبس في محضر استنطاقه خلافا للحقيقة، وقد تراجعت النيابة العامة عن ذلك بعد وضع شكاية ضد نائب الوكيل العام بالزور وقالت إنه مجرد خطأ مطبعي، مشيرا، بأن هذا “ما سبق أن وقف عليه الفريق المعني بالاعتقال التعسفي التابع للأمم المتحدة في رأيه الخاص بالصحفي توفيق بوعشرين، وقد كان هذا الخطأ من المرتكزات الأساسية في اعتبار اعتقال توفيق بوعشرين اعتقالا تعسفيا بالنسبة للفريق التابع لمجلس حقوق الإنسان بجنيف”.
في ذات السياق، أعربت الهيأة عن “تضامنها مع الصحفي الاستقصائي محمد بوطعام، الذي أعلن عن خوض إضراب عن الطعام لا محدود، مباشرة بعد اعتقاله، احتجاجا على الظلم الذي تعرض له”، منبهة إلى أن هذا “يشكل تهديدا لسلامته البدنية ولحياته”، مستنكرة “بقوة ما تم في هذه القضية”، وما وصفته بـ”توظيف سياسي للقضاء، عبر التحايل وتزييف الحقائق، بهدف الانتقام من صحفي استقصائي فاضح للفساد”.
إلى ذلك، طالبت هيأة مساندة الراضي والريسوني ومنجب وكافة ضحايا انتهاك حرية التعبير بالمغرب”، بـ”الإفراج الفوري عن الصحفي محمد بوطعام وتوقيف المتابعة ضده نظرا للطابع التعسفي لاعتقاله، وفتح تحقيق فيما تم من انتهاك للمساطر والقوانين المعمول بها خلال استنطاقه وإحالته على المحكمة، واتخاذ المتعين بشأن المسؤولين عن تلك الانتهاكات”، كما دعت إلى “جعل حد للاستغلال السياسي للقضاء لتبييض الانتهاكات التي تمارسها الأجهزة الأمنية اتجاه المواطنين والمواطنات، والحد من التضييق على الصحفيين المستقلين وحصار الصحافة الاستقصائية والإفراج عن كافة الصحفيين المعتقلين تعسفا، وكل ضحايا انتهاك حرية التعبير”.
من جهتها، طالبت لجنة حماية الصحافيين بنيويورك السلطات المغربية ب “الإفراج الفوري عن بوطعام وتركه يشتغل بحرية”، مؤكدة بأنها “راسلت وزارة العدل بخصوصه”، ولفتت الانتباه إلى أن “اعتقاله كان بسبب نشره تقارير فساد”.
يذكر أن لجنة دعم ومساندة الصحفي محمد بوطعام بمدينة الرباط، نظمت ندوة صحفية حول حيثيات وأسباب اعتقاله، بحضور الأستاذ عمر الداودي عضو هيأة الدفاع عن الزميل المعتقل بوطعام وذلك يوم الإثنين 10 ماي 2021، ابتداء من 12 زوالا، بمقر النقابة الوطنية للصحافة المغربية بالرباط، وبحضور عدد من الصحفيين بمدينة الرباط.