قضت المحكمة الدستورية بإلغاء انتخاب أحمد الصغير، في الاقتراع الذي أجري في 5 أكتوبر 2021، بـرسم الهيـئة الناخـبة لممـثلي المنظمـات المهـنية للمشغـلين الأكثر تمثيلية بالدائرة الانتخابية “سوس-ماسة”.
وأمرت المحكمة الدستورية بإجراء انتخاب جزئي بخصوص المقعد الذي كان يشغله به، عملا بأحكام المادة 92 من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس المستشارين؛ مع بتبليغ نسخة من قرارها هذا إلى السيد رئيس مجلس المستشارين، وإلى الجهة الإدارية التي تلقت الترشيحات بالدائرة الانتخابية المذكورة وإلى الأطراف المعنية وبنشره في الجريدة الرسمية.
ويأتي الحكم بعد اطلاع المحكمة الدستورية على المذكرة الجوابية المسجلة بنفس الأمانة العامة في 12 يناير 2022؛ وبعد الاطلاع على المستندات المدلى بها، وعلى باقي الوثائق المدرجة في الملف، وبعد منح الطاعن، بصورة استثنائية، بناء على طلبه، أجلا إضافيا للإدلاء بمستندات.
المملكة المغربية الحمد لله وحده،
المحكمة الدستورية
ملف عدد: 2018/21
قــرار رقـم: 201/22 م.إ
باسم جلالة الملك وطبقا للقانون
المحكمة الدستورية،
بعد اطلاعها على العريضة المسجلة بأمانتها العامة في 3 نوفمبر 2021، التي قدمها السيد محمد عزيز بوسلخن – بصفته مترشحا – في مواجهة السيد أحمد الصغير والسيدة خديجتو حميد، طالبا فيها إلغاء نتيجة الاقتراع الذي أجري في 5 أكتوبر 2021، برسم الهيئة الناخبة لممثلي المنظمات المهنية للمشغلين الأكثر تمثيلية بالدائرة الانتخابية “سوس-ماسة”، وأعلن على إثره انتخاب السيدين سيدي الطيب الموساوي وأحمد الصغير عضوين بمجلس المستشارين؛
وبعد منح الطاعن، بصورة استثنائية، بناء على طلبه، أجلا إضافيا للإدلاء بمستندات؛
وبعد اطلاعها على المذكرة الجوابية المسجلة بنفس الأمانة العامة في 12 يناير 2022؛
وبعد الاطلاع على المستندات المدلى بها، وعلى باقي الوثائق المدرجة في الملف؛
وبناء على الـدستـور، الصادر بتـنفيذه الـظهير الشريـف رقـم 1.11.91 بتاريخ 27 من شعبان 1432 (29 يوليو 2011)؛
وبناء على القانون التنظيمي رقم 066.13 المتعلق بالمحكمة الدستورية، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.14.139 بتاريخ 16 من شوال 1435 (13 أغسطس 2014)؛
وبناء على القانون التنظيمي رقم 28.11 المتعلق بمجلس المستشارين، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.172 بتاريخ 24 من ذي الحجة 1432 (21 نوفمبر2011)، كما وقع تغييره وتتميمه؛
وبناء على المرسوم رقم 2.15.579 الصادر في 7 شوال 1436 (24 يوليو 2015) المتعلق بتأليف الهيئة الناخبة لممثلي المنظمات المهنية للمشغلين الأكثر تمثيلية المدعوة للمشاركة في انتخاب أعضاء مجلس المستشارين؛
وبناء على المرسوم رقم 2.15.599 الصادر في 7 شوال 1436 (24 يوليو 2015) المتعلق بتحديد لائحة المنظمات المهنية للمشغلين الأكثر تمثيلية على المستوى الجهوي المدعوة للمشاركة في انتخاب أعضاء مجلس المستشارين؛
وبعد الاستماع إلى تقرير العضو المقرر والمداولة طبق القانون؛
فيما يخص الدفع بعدم الاختصاص:
حيث إن المطعون في انتخابه، دفع في مذكرته الجوابية، من جهة، أن عملية انتخاب أعضاء الهيئة الناخبة لممثلي المنظمات المهنية للمشغلين الأكثر تمثيلية، “ليست مؤطرة بنصوص قانونية”، وأن هذه العملية، من جهة أخرى، ترجع إلى “النصوص الداخلية لهذه الهيئات” و”بإشراف” منها وفق” مبدإ التدبير الذاتي”، مما لا تكون معه المحكمة الدستورية مختصة بالنظر في عملية انتخاب أعضاء الهيئة الناخبة، في الاقتراع موضوع الطعن؛
لكن،
حيث إنه، من جهة أولى، فإن البند الثالث من المادة الأولى من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس المستشارين، ينص على معايير تحديد المنظمة المهنية للمشغلين الأكثر تمثيلية وعلى مبدإ تأليف الهيئة الناخبة لتلك المنظمات، وإنه، لئن أقر هذا البند انتخاب أعضاء تلك الهيئة “وفق الأنظمة الأساسية” فإنه أسند لمرسوم كيفية تحديد عدد الناخبين الذين يؤلفون الهيئة الناخبة المذكورة، ومن جهة أخرى، فإنه، لئن نصت المادة 4 من المرسوم رقم 2.15.579 المتخذ تطبيقا للمادة الأولى من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس المستشارين، على انتخاب أعضاء الهيئة الناخبة للمنظمات المهنية للمشغلين عن طريق الاقتراع المباشر وفق أنظمتها الأساسية، فإنها اشترطت إجراء هذه العملية “بما يكفل ضمان حق الترشح، وسرية الاقتراع وحرية الاختيار”، وهي ضوابط تندرج ضمن النظام العام الانتخابي، ولا يتصور تطبيق الأنظمة الأساسية للمنظمات المهنية للمشغلين الأكثر تمثيلية أو إجراء انتخابات الهيئة الناخبة المتعلقة بها، على نحو يخالف هذه الضمانات أو ينتقص منها، ولئن كان “التدبير الذاتي”، مبدأ منبثقا عن حرية الجمعيات المكفولة بمقتضى أحكام الفقرة الأولى من الفصل 12 من الدستور، فإن نطاق هذه الحرية محدد باحترام الدستور والقانون، ولا يسوغ، تبعا لذلك، الدفع بمبدإ التدبير الذاتي، للادعاء بعدم خضوع عملية انتخاب أعضاء الهيئة الناخبة لنظر المحكمة الدستورية، بمناسبة بتها في صحة الاقتراع موضوع الطعن والذي تختص به طبقا لأحكام الفقرة الأولى من الفصل 132 من الدستور، سيما لمّا أسند هذا القانون التنظيمي إلى الأنظمة الأساسية للمنظمات المهنية للمشغلين، إجراء عملية انتخاب هيئة تنتخب أعضاء من مجلس المستشارين، يستمدون نيابتهم من الأمة، بنص الفقرة الأولى من الفصل 60 من الدستور، ذلك أن اختصاص هذه المحكمة، يخولها النظر في الأعمال السابقة والممهدة للعمليات الانتخابية، متى كان لها تأثير على نتيجة الاقتراع أو اقترنت بمناورة تدليسية، مما يتعين معه رد الدفع بعدم الاختصاص لكونه غير قائم على أساس من القانون؛
فيما يخص الطعن الموجه ضد السيدة خديجتو حميد:
حيث إن الطعن الموجه ضد السيدة خديجتو حميد يتعين التصريح بعدم قبوله، باعتبارها مترشحة غير فائزة، مما تنعدم معه المصلحة في إثارة الطعن في مواجهتها؛
من حيث الموضوع:
في شأن المأخذ المتعلق بتأليف الهيئة الناخبة وأهلية الترشح:
حيث إن هذا المأخذ يتلخص في دعوى أن تشكيل الهيئة الناخبة بالدائرة الانتخابية موضوع الطعن، شابته مناورات تدليسية وخرق للقانون، تمثلت في انتحال صفة ممثلين قانونيين لعدد من الشركات وتوقيع طلبات قيد باسمها “باللوائح الانتخابية العامة” وتوقيع تصريحات بالترشيح باسمها للهيئة الناخبة ووكالات للتصويت باسمها، كل ذلك في مخالفة لأحكام المادة الأولى من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس المستشارين ولمقتضيات المادة 4 من المرسوم 2.15.579 المشار إليهما أعلاه، مما ترتب عنه أن التوقيعات المرفقة بلائحة الترشيح التي وكيلها المطعون في انتخابه، تعود لناخبين لا صفة لهم للعضوية بالهيئة الناخبة في الدائرة الانتخابية موضوع الطعن، مما أخل بمبادئ النظام العام الانتخابي، ومسّ بمبدأي المساواة وتكافؤ الفرص بين المترشحين؛
وحيث إن القانون التنظيمي المتعلق بمجلس المستشارين، ينص في البند الثالث من المادة الأولى، على أنه: “تتألف الهيئة الناخبة للمنظمات المهنية للمشغلين من أعضاء ينتخبون وفق الأنظمة الأساسية لهذه المنظمات.”، وعلى أنه: “يعد والي الجهة بتنسيق مع ممثلي القطاعات المعنية لائحة الناخبين، الذين يؤلفون الهيئة الناخبة، طبقا لأحكام هذه المادة.”، كما ينص في الفقرة الثانية من المادة 25 منه على أنه: “فيما يخص الهيئة الناخبة لممثلي المنظمات المهنية للمشغلين وعلاوة على الشروط المنصوص عليها في المادة 24 …، يجب أن ترفق لوائح الترشيح …المقدمة بدون تزكية مسلمة لهذه الغاية من طرف الجهاز المختص في المنظمة المهنية المعنية بلائحة التوقيعات المصادق عليها لعشرين في المائة (20%) من أعضاء الهيئة الناخبة المذكورة التابعين للجهة أو الجهات المعنية.”؛
وحيث إن المرسوم رقم 2.15.579 حدد بموجب المادة الثالثة منه عدد أعضاء الهيئة الناخبة بالدائرة الانتخابية موضوع الطعن، في 140 عضوا، ونص في مادته الرابعة على أنه: “تنتخب المنظمات المهنية للمشغلين الأكثر تمثيلية أعضاء الهيئة الناخبة المشار إليها…عن طريق الاقتراع المباشر وفق أنظمتها الأساسية، بما يكفل ضمان حق الترشح وسرية الاقتراع وحرية الاختيار.”، وفي مادته الخامسة على أنه: “يقوم والي الجهة بوضع لائحة الناخبين على المستوى الجهوي استنادا إلى نتائج الانتخاب التي أعلنت عنها المنظمات المهنية المعنية.”؛
وحيث إن المرسوم رقم 2.15.599 نص في المادة الأولى منه على كون “الاتحاد العام لمقاولات المغرب”، بتمثيليتيه (سوس-ماسة) و(العيون-كلميم-الداخلة) هي المنظمة المهنية للمشغلين الأكثر تمثيلية على مستوى الدائرة الانتخابية التي جرى بها الاقتراع موضوع الطعن؛
وحيث إنه، يبين من الاطلاع على وثائق جمعية “الاتحاد العام لمقاولات المغرب”، المستحضرة من قبل المحكمة الدستورية، أن الفقرة الأخيرة من المادة 35 من نظامها الأساسي، في صيغتها المصادق عليها في الجمع العام الاستثنائي المنعقد في 18 أغسطس 2021، تنص على أنه “تحدد شروط وطرق سير انتخاب أعضاء الهيئة الانتخابية ضمن القانون الداخلي والميثاق الانتخابي.” وأن القانون الداخلي لنفس الجمعية، نص في الفقرة الأخيرة من المادة 21 منه على أنه :” سيتضمن الميثاق الانتخابي تفصيلا لشروط الأهلية ولائحة الوثائق المطلوبة ومكان إيداع الملف وأي شروط أخرى متعلقة بانتخابات الهيئة الناخبة، المفتوحة فقط في وجه الأعضاء المباشرين .”؛
وحيث إن “الميثاق المتعلق بانتخابات 2021 لممثلي المنظمات المهنية للمشغلين الأكثر تمثيلية” و”المتمم للقانون الداخلي”، المعد من قبل المنظمة المذكورة والمعتمد من قبل مجلسها الإداري في 28 يوليو 2021، ينص في المادة 4.3 منه على أنه: ” ينبغي أن يستوفي المرشح للانتخاب لعضوية هيئة ناخبة للاتحاد العام لمقاولات المغرب الشروط التالية : … – أن يكون الممثل القانوني لعضو مسجل في اللوائح الانتخابية العامة للاتحاد العام لمقاولات المغرب أو يملك تفويضا بالتمثيل من طرف العضو.”، كما تنص المادة 4.4 منه على مشمولات ملف الترشيح في حال منح تفويض بالتمثيل، الإدلاء بنسخة من السجل التجاري (النموذج J) للمقاولات الأعضاء ونسخة من النظام الأساسي ومحضر آخر جمع عام للأعضاء من غير المقاولات؛
وحيث إنه يبين من فحص الوثائق المتعلقة بأعضاء الهيئة الناخبة، الواردة أسماؤهم وتوقيعاتهم بلائحة التوقيعات المرفقة بملف ترشيح المطعون في انتخابه أن:
– المرتب سابعا في لائحة الموقعين، ادعى في نص التفويض بالتمثيل للترشح لعضوية الهيئة الناخبة وفي نص وكالة التصويت لعضوية ذات الهيئة، أنه ممثل قانوني لإحدى الشركات العضو بالمنظمة والكائن مقرها الاجتماعي بالدائرة الانتخابية موضوع الطعن، رغم أن اسمه لا يرد كممثل قانوني لتلك الشركة، كما هو ثابت من النموذج 7 من السجل التجاري المستحضر من قبل المحكمة الدستورية وأنه منح، من دون صفة، تفويضا بالتمثيل للمرتب 27 في لائحة الموقعين،
– المرتب الخامس عشر في نفس اللائحة، منح في 12 أغسطس 2021 تفويضا بالتمثيل باسم الشركة التي يعتبر ممثلها القانوني، إلى المرتب السادس عشر في اللائحة المذكورة، ثم منح تفويضا آخر بالتمثيل في 24 أغسطس 2021 لعضو آخر بنفس الهيئة الناخبة، وأن الملف خلا مما يثبت سحب تفويض التمثيل الأول،
– المرتب السادس عشر في لائحة الموقعين، ادعى في نص وكالة التصويت لعضوية الهيئة الناخبة، أنه ممثل قانوني لإحدى الشركات العضو بالمنظمة والكائن مقرها الاجتماعي بالدائرة الانتخابية موضوع الطعن، رغم أن اسمه لا يرد كممثل قانوني لتلك الشركة، كما هو ثابت من النموذج 7 من السجل التجاري المستحضر من قبل المحكمة الدستورية؛
وحيث إن المطعون في انتخابه، دفع في مذكرته الجوابية، بأن المرتبين سابعا وسادس عشر في لائحة التوقيعات، يتوفران على “تفويض للصلاحيات” للتصرف باسم الشركتين المعنيتين، وأدلى رفقتها بنسختين من هذين التفويضين، صادرين عن الممثلين القانونيين للشركتين المشار إليهما؛
وحيث إنه يبين من الاطلاع على مضمون التفويضين، أنهما وكالتان خاصتان لا تتعلقان بأية عملية من العمليات الانتخابية برسم الاقتراع موضوع الطعن، مما يجعلهما عديمتي الأثر على وضعية أعضاء الهيئة الناخبة المعنيين بهما، من وجه، وأن الاعتداد بهما لأغراض تتعلق بتأليف الهيئة الناخبة، يعد تجاوزا لنطاق الوكالة وفقا للفصل 895 من قانون الالتزامات والعقود الذي ينص على أنه: “على الوكيل أن ينفذ بالضبط المهمة التي كلف بها. فلا يسوغ أن يجري أي عمل يتجاوز أو يخرج عن حدود الوكالة” من وجه آخر؛
وحيث إنه تبعا لذلك، فإن عدد التوقيعات المرفقة بملف لائحة ترشيح المطعون في انتخابه، وهي توقيعات المرتبين سابعا والسادس عشر والسابع والعشرين في اللائحة المذكورة، أصبح يقل بثلاث توقيعات عن النصاب المحدد بموجب المادة 25 من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس المستشارين، المتمثل في ثمانية وعشرين (28) توقيعا فيما يخص الدائرة الانتخابية موضوع الطعن، مما يتعين معه التصريح بإلغاء انتخاب السيد أحمد الصغير عضوا بمجلس المستشارين؛
ومن غير حاجة للبت فيما تبقي من المأخذ المثار؛
لهذه الأسباب:
أولا– تصرح بعدم قبول الطعن الموجه ضد السيدة خديجتو حميد؛
ثانيا– تقضي بإلغاء انتخاب السيد أحمد الصغير، في الاقتراع الذي أجري في 5 أكتوبر 2021، بـرسم الهيـئة الناخـبة لممـثلي المنظمـات المهـنية للمشغـلين الأكثر تمثيلية بالدائرة الانتخابية “سوس-ماسة”، وأعلن على إثره انتخاب السيدين سيدي الطيب الموساوي وأحمد الصغير عضوين بمجلس المستشارين؛
ثالثا– تأمر بإجراء انتخاب جزئي بخصوص المقعد الذي كان يشغله به، عملا بأحكام المادة 92 من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس المستشارين؛
رابعا– تأمر بتبليغ نسخة من قرارها هذا إلى السيد رئيس مجلس المستشارين، وإلى الجهة الإدارية التي تلقت الترشيحات بالدائرة الانتخابية المذكورة وإلى الأطراف المعنية وبنشره في الجريدة الرسمية.
وصدر بمقر المحكمة الدستورية بالرباط في يوم الجمعة 9 من ربيع الآخر 1444
(4 نوفمبر2022)
الإمضــاءات
اسعيد إهراي
عبد الأحد الدقاق الحسن بوقنطار أحمد السالمي الإدريسي محمد بن عبد الصادق
مولاي عبد العزيز العلوي الحافظي محمد الأنصاري ندير المومني
لطيفة الخال الحسين اعبوشي محمد علمي خالد برجاوي