أكادير24 | Agadir24/وكالات
الخناق يشتد حول فايسبوك…بسبب الاحتكار والترهيب
“هل سيلجأ إلى أسلوب التدمير إذا رفضت؟” بهذه الكلمات المعبرة جدا وجه مؤسس “إنستغرام” كيفين سيستروم سؤاله إلى أحد المستثمرين، بشأن ما إذا كان يتعين عليه الموافقة على عرض فايسبوك لشراء شركته سنة 2012 مقابل مليار دولار.
وقال كيفين سيستروم: « في نهاية الأمر أعتقد أننا لن نفلت يوما من غضب مارك.. ذلك يعتمد على مدى الوقت الذي سنتجنبه فيه ».
هذا الحوار الذي يكشف عن مجموعة من الحقائق، شكل أحد العناصر التي اعتمد عليها المدعون العامون في 48 ولاية أمريكية ولجنة التجارة الفيدرالية في متابعاتهم المنفصلة لعملاق شبكات التواصل الاجتماعي، بتهمة إساءة استخدام الوضع المهيمن.
وتشكل هاتان الدعويان القضائيتان، اللتان تم الإعلان عنهما بشكل متزامن قبل حوالي عشرة أيام، بدون شك، أكبر تهديد للقوة الكبيرة التي تتمتع بها هذه المجموعة العملاقة، التي يوجد مقرها في مينلو بارك بكالفورنيا.
ويتهم المدعون العامون الـ48 ولجنة التجارة الفيدرالية مجموعة فايسبوك بسحق الشركات المنافسة من خلال ترهيبها وإجبارها أحيانا على عمليات استحواذ قسرية. وبالنسبة لفايسبوك، فإن التحديات هائلة لأن المقاولة مهددة بالتفكيك.
وتضع الهيئات التنظيمية الأمريكية نصب أعينها على الخصوص، عمليتا الشراء اللتان قامت بهما مجموعة فايسبوك لكل من تطبيق انستغرام الخاص بتشارك الصور سنة 2012، وتطبيق الرسائل الفورية واتساب سنة 2014. وقد مكنت هاتان العمليتان، فايسبوك من التربع على عرش الرسائل عبر الانترنت، ومضاعفة إيرادات المجموعة من الإعلانات.
وتشتمل الدعويان القضائيتان على حوالي 200 صفحة توضح الكيفية التي أصبحت من خلالها مجموعة فايسبوك قوية بهذا الشكل، وكيف تمكنت، بحسب الحكومة، من خرق القانون.
وتتهم مجموعة فايسبوك، حسب لجنة التجارة الفيدرالية، ب »حذف، وتحييد تهديدات المنافسة الحادة » لسيطرتها عليها مواقع التواصل الاجتماعي.
وشددت المدعية العامة لنيويورك ليتسيا جيمس عند إعلان الدعوى القضائية « اليوم، نوجه رسالة واضحة وقوية لفايسبوك ولكافة الشركات الأخرى مفادها أن أي جهد لخنق المنافسة، وإلحاق الضرر بالمقاولات الصغرى، والتضييق على الابتكار والإبداع وتقليص هامش حماية الحياة الخاصة، سيواجه بقوة من لدن مكاتبنا ».
وسرعان ما أثارت هذه المتابعات، بالمقابل، انتقادات لاذعة من لدن مجموعة فايسبوك، التي انخرطت في حملة دفاع شرسة عن ممارساتها التجارية، معلنة عن معركة قضائية طويلة الأمد، قد تستمر لسنوات بحسب الخبراء.
واعتبرت نائبة رئيس والمحامية العامة لفايسبوك جينيفر نيوستيد في بيان لها أن « الأشخاص والمقاولات الصغرى، لا يختارون استعمال الخدمات الإشهارات المجانية لفايسبوك لكونهم مجبرون على ذلك، بل لأن تطبيقاتنا وخدماتنا توفر قيمة أكبر »، وهي لازمة اختارت المحامية تكرارها في محاكاة لشركة غوغل المتابعة بدورها في قضايا مشابهة.
ولتدعيم التهم، تعتمد الدعويان القضائيتان على الكثير من الرسائل الالكترونية الداخلية لفايسبوك، والتي تكشف النقاب بوضوح عن سياسة الاستحواذ الشرسة التي يستعملها مارك زوكربورغ وشركاؤه.
و كتب زوكربورغ في رسالة الكترونية في يونيو سنة 2008 « من الأفضل الشراء عوض المنافسة »، وهو دليل اعتمدته لجنة التجارة الفيدرالية لتلخيص المقاربة التي تعتمدها مجموعة فايسبوك تجاه خصومها الناشئين.
وحسب المتابعات القضائية، فإن مسؤولي فايسبوك عبروا عن قلقهم في كثير من الأحيان، إزاء الشعبية المتزايدة للمنافسين « انستغرام » و »واتساب »، وعن قدرتهما في المستقبل على كسر هيمنة « فايسبوك » على مواقع التواصل الاجتماعي.
وحذر زوكربورغ في بداية سنة 2012 من قدرة انستغرام على إثارة العديد من المتاعب، إذا ما واصل التطور بكيفية مستقلة، بالتزامن مع عرضه شراء « انستغرام » على مؤسس المقاولة الناشئة آنذاك، بحسب المدعين العامين. كما أسر إلى مسؤول آخر أن الحافز الذي يدفعه إلى شراء التطبيق هو « القضاء على أي منافس محتمل ».
وكتب في يوليوز 2013 « شخصيا، أعتقد أن مقاولات مثل واتساب تشكل أكبر تهديد لفايسبوك ».
وفي مقال نشر على مدونة إثر إعلان الدعويين القضائيتين، زعمت فايسبوك أن الفضل في نجاح انستغرام وواتساب يعود بنسبة كبيرة إلى اقتنائهما من قبل فايسبوك سنتي 2012 و2014 على التوالي، من خلال استثمار مبالغ طائلة فيهما.
وأبرزت نيوستيد « عندما قمنا بشراء انستغرام وواتساب، كنا نعتقد أن هاتين المقاولتين ستشكلان ميزة كبيرة لمستخدمي فايسبوك، وأننا نستطيع مساعدتهما لكي يتحولا إلى شيء أفضل، وهذا بالضبط ما قمنا به ».
كما أن مجموعة فايسبوك تلوم على الهيئات التنظيمية كون الفرصة كانت متاحة لها لوقف هاتين العمليتين التجاريتين آنذاك، لكنها لم تفعل ذلك.
وأضافت المحامية العامة لفايسبوك « أن قوانين مكافحة الاحتكار تهدف إلى حماية المستهلكين وتعزيز الابتكار، وليس إلى معاقبة الشركات الناجحة »، مشيرة إلى أن الحكومة « تريد الآن إعادة التنظيم، من خلال إطلاق تحذير مخيف للشركات الأمريكية بأن « أية عملية شراء، ليست نهائية ».
وتظل هذه الحجة بعيدة عن إقناع المدعين الذين يستفيدون من دعم شبه كلي للمشرعين في جناحي الكونغرس. وتشكل دعوات تكسير قطبية عمالقة كاليفورنيا، داخل أمريكا أكثر انقساما من أي وقت مضى، إحدى القضايا النادرة التي تحظى بإجماع الديموقراطيين والجمهوريين على حد سواء.
والأكيد أن غوغل وفايسبوك كانتا سباقتين للمرور أمام العدالة، لكن الكثيرين يجمعون على أن « أبل » و »أمازون » سيتبعان نفس الخطى.