حسمت غرفة جرائم الأموال الابتدائية بمحكمة الاستئناف بالرباط مطلع الأسبوع الجاري في ملف السفير السابق للمملكة المغربية بدولة مدغشقر، المتابع في حالة سراح في قضية فساد واختلاسات مالية.
في هذا السياق، قضت المحكمة بإدانة السفير السابق بسنتين حبسا موقوف التنفيذ، وأدائه لفائدة خزينة الدولة تعويضا ماليا قدره خمسة ملايين وثلاثمائة ألف درهم.
وحسب ما أوردته مصادر إعلامية متطابقة، فقد توبع السفير المغربي السابق بدولة مدغشقر من أجل جناية “اختلاس أموال عامة مخصصة لشراء كميات من الأرز لتقديمها هبة إلى الشعب الملغاشي”، وهي الأفعال التي كانت قد قادت إلى إعفائه.
وأوضحت ذات المصادر أن المفتشية العامة لوزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، وقفت في تقرير لها عن اختلاسات وتلاعبات وصفت بالخطيرة، طالت أموالا عامة ضخمة فاقت 560 مليون سنتيم، كانت مخصصة لشراء 550 طنا من الأرز كهبة إلى الشعب الملغاشي، بناء على ملتمس إحساني للسفير نفسه، تضامنا مع الوضعية الاجتماعية التي كان يعيشها الشعب الملغاشي آنذاك، بسبب الجفاف.
وتبعا لذلك، أصدر الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالرباط أمرا في نونبر 2020 بإخضاع السفير المغربي السابق بدولة مدغشقر إلى التحقيق، بناء على “التقرير الأسود” الصادر في حقه من طرف مفتشية وزارة الخارجية.
هذا، وقادت التحقيقات التفصيلية مع المتهم التي أشرفت عليها القاضية المكلفة بالتحقيق بالغرفة الخامسة بقسم جرائم الأموال لدى محكمة الاستئناف بالرباط، إلى الكشف عن معطيات بالغة الخطورة تتعلق ب”صفقة الأرز”، حيث كان يفترض أن يتم توجيهها كهبة إلى الشعب الملغاشي، قبل أن تطالها ممارسات مشبوهة، ورطت السفير في تهمة اختلاس وتبديد أموال الدولة.
وأوردت المصادر سالفة الذكر أن السفير المتهم حاول تصدير الاتهامات الموجهة إليه إلى الوكالة الوطنية للتعاون الدولي باعتبارها الجهة المشرفة إداريا وماليا على الصفقة، مصرا على أن دوره كان استشاريا فقط، يتمثل في إحالة الوكالة على شركة متخصصة في مجال توفير الأرز.
وأوضحت المصادر نفسها أن تبريرات السفير في مواجهة التهم الثقيلة الموجهة إليه بدت ضعيفة للغاية، سواء أمام عناصر الفرقة الوطنية التي كلفها الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالرباط بإجراء التحقيقات، أو أمام قاضية التحقيق، وكذا أمام الهيئة القضائية بغرفة جرائم الأموال الابتدائية بمحكمة الاستئناف، حيث عجز عن تبرير دواعي عدم توثيق مساطر الصفقة، وعدم التطابق بين سندات التسليم وفواتير الأداء، وتفاوت تواريخ هذه الأخيرة مع التحويلات البنكية التي أنجزت قبل تقديم الخدمة، فضلا عن تفاوتات أخرى وقفت عليها لجان التفتيش التابعة لوزارة الخارجية، وتم تأكيدها من خلال التحقيقات التفصيلية.
وبناء عليه، قررت المحكمة إدانة السفير السابق بالمنسوب إليه، ليسدل الستار على هذا الملف الذي امتدت أطواره لما يناهز السنتين.