بقلم: أحمد بومهرود باحث في الإعلام و الصناعة الثقافية
لم يكن صباح السادس من أكتوبر يومًا عاديًا في القارة السمراء، ولا سيما في أروقة الاتحاد الإفريقي لكرة القدم (الكاف). فبينما كانت بعض الأصوات تحاول التشكيك في قدرة المغرب على تنظيم كأس الأمم الإفريقية 2025، جاء الرد من أعلى سلطة كروية في القارة ليُسدل الستار نهائيًا على الجدل: “المغرب هو الخيار الأول والأخير… هو الخطة (أ) و(ب) و(ج)”، على حد تعبير باتريس موتسيبي، رئيس الكاف.
بهذه الكلمات، انتهى حلم الجزائر ( أو بالأحرى أوهامها ) في أن تُسحب البطولة من الجار الغربي. فبعد أشهر من الترقّب والمناورات الإعلامية، ظلت الجزائر تُمني النفس بأن تؤدي الاحتجاجات الاجتماعية الأخيرة في المغرب إلى إرباك التحضيرات، مما قد يفتح الباب أمام إعادة النظر في قرار الاستضافة. لكن يبدو أن “الفرحة لم تتم”.
- من كينشاسا… رسالة واضحة إلى إفريقيا
جاء الحسم في كينشاسا، حيث احتضنت العاصمة الكونغولية أشغال الجمعية العامة الـ47 للكاف، بحضور رئيس الفيفا جياني إنفانتينو. هناك، لم يكتفِ فوزي لقجع، رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، بتقديم صورة مشرفة عن بلده، بل قدّم رسميًا الكرة الخاصة ببطولة إفريقيا 2025 إلى إنفانتينو، في خطوة رمزية قوية تؤكد أن المغرب ماضٍ بثقة في طريق التنظيم.
اللقطة كانت تحمل أكثر من دلالة: فبينما كان لقجع يُسلم الكرة الرسمية أمام عدسات العالم، كانت الرسالة تتجاوز المستطيل الأخضر لتؤكد أن التحضيرات المغربية تسير وفق خطة دقيقة ومدروسة، وأن كل الشائعات التي تحدثت عن تأجيل أو نقل البطولة ليست سوى أضغاث أحلام.
- الكاف يحسم.. والمغرب يستعد للأفضل
تصريحات رئيس الكاف جاءت قاطعة لا تحتمل التأويل. فقد قال موتسيبي بوضوح: “المغرب هو الخطة (أ) و(ب) و(ج)… نحن واثقون تمامًا من قدرته على تنظيم نسخة استثنائية من كأس إفريقيا.”
وأكد أن لجان المتابعة عبّرت عن إعجابها بالبنية التحتية المغربية، من ملاعب ومراكز تدريب وفنادق، مشيرًا إلى أن المغرب يقدم نموذجًا قارّيًا في الجاهزية والتنظيم.
هذه التصريحات، في جوهرها، لم تكن مجرد مجاملة دبلوماسية، بل ردًا ضمنيًا على حملة تشكيك إعلامية قادتها بعض المنابر الجزائرية التي روّجت لاحتمال سحب التنظيم بسبب “الظروف الداخلية في المغرب”. لكن الاتحاد الإفريقي، بلهجة صارمة، قطع الطريق على كل التأويلات.
- المغرب… بلد التنظيمات الكبرى
لم يأتِ هذا التتويج بالثقة من فراغ. فالمغرب راكم خلال السنوات الأخيرة تجربة لافتة في تنظيم كبرى التظاهرات الرياضية، من كأس العالم للأندية إلى كأس أمم إفريقيا للسيدات، مرورًا باستضافة تجمعات دولية كبرى.
ولعل ما يزيد من رمزية القرار أن الكاف وصف النسخة المقبلة من “الكان” بأنها ستكون “الأفضل في التاريخ”، في إشارة إلى المستوى الذي ينتظر القارة السمراء في 2025.
- الجزائر بين الحلم والواقع
بالنسبة للجزائر، لم يكن هذا الحسم سوى تأكيد على فشل مساعيها لإرباك الجار الغربي في واحدة من أبرز المناسبات القارية. فقد كانت تراهن على أن الظروف الاجتماعية بالمغرب قد تدفع الكاف إلى البحث عن بديل، بل إن بعض الأصوات في الإعلام الجزائري تحدثت مبكرًا عن “فرصة سانحة” للظفر بالتنظيم.
لكن الواقع جاء مغايرًا تمامًا، إذ انقلبت المعادلة، وأصبحت الجزائر اليوم أمام حقيقة أن “الكان 2025” مغربي بامتياز، وأن الفرحة التي كانت تُطبخ في الكواليس لم تكتمل.
- خاتمة: فرحة مغربية ورسالة إفريقية
بهذا الحسم الرسمي، يُثبت المغرب من جديد أنه رقم صعب في المعادلة الرياضية الإفريقية، ليس فقط على مستوى الأداء داخل الملاعب، بل أيضًا على مستوى القدرة على التنظيم والتسيير بثقة واحترافية.
أما الجزائر، فربما عليها أن تُعيد حساباتها وتتعلم من الدرس: في كرة القدم، كما في السياسة، الإنجاز يُبنى بالأفعال لا بالأماني.
فالكان 2025 مغربي… شاء من شاء وأبى من أبى.
اترك تعليقاً إلغاء الرد